كان طبيعياً أن يحج جمهور غفير إلى مدرجات مركب محمد الخامس، وكان طبيعياً أيضاً أن تكون الأجواء احتفالية، على اعتبار أن الحدث يلف في ثناياه العديد من الأحداث، أهمها أن الخصم الذي سيواجه الرجاء اسمه أتلتيكو بيلباو، فريق له وزنه على ساحة الليغا، والفريق الأخضر استقطب مجموعة من نجوم الكرة الوطنية، والجمهور البيضاوي تكتنفه رغبة كبيرة في الوقوف على الإمكانات لتقييم العطاءات للاعبين الوافدين على القلعة الخضراء، فلا غرابة إذن، أن يتجاوز عدد الجمهور خمسين ألف متفرج. قبل انطلاق المباراة الدولية، الحبية، الإعدادية بين الرجاء البيضاوي، وأتلتيكو بيلباو الإسباني، تسلم اللاعب محسن متولي جائزة أحسن لاعب رجاوي خلال سنة 2011. بعد ذلك، جاب الوافدان الجديدان على القلعة الخضراء بوخريص وبورزوق أرضية الملعب على إيقاع التصفيقات الحارة للجماهير الرجاوية في لوحة ترحيبية تركت أثراً عميقاً في نفسية اللاعبين على حد تعبيرهما. مع صافرة الانطلاقة للحكم الدولي هشام التيازي، انطلقت التشجيعات بترديد الشعارات، وكانت البداية تؤشر بأن الدقائق القادمة تحمل معها لوحات فنية ولمسات بديعة، وبالفعل، فقد استمتع الجمهور وعاش لحظات ممتعة على كافة المستويات، تقنياً وتكتيكياً رغم أن المباراة لا تخرج عن كونها ودية، برمجت لأجل الاستعداد لموسم جديد. ومادامت النتيجة المسجلة لا تهم، بقدر ما يهم مدربا الطرفين طريقة اللعب، واحترام الميكانيزمات التكتيكية، والاستفادة من الأخطاء، وتجاوز مكان الخلل داخل التركيبة البشرية، ومع ذلك، فإن الجمهور الرجاوي اعتبر التفوق أداء ونتيجة على فريق كبير يمارس بأقوى بطولة أوربية مؤشر على أن الرجاء لها من الإمكانات ما يخول لها التنافس على لقب الموسم المقبل. التشكيلة الرسمية التي اختارها المدرب امحمد فاخر أبانت عن انسجام كبير على مستوى التموقع، وتجانس واضح على مستوى الأداء التقني، وحضور قوي على مستوى المراوغات والتمريرات... ما يعني بأن العناصر الرجاوية كانت متفوقة خلال أغلب لحظات المباراة، وتوجت هذا التفوق بزيارة مبكرة لشباك الفريق الخصم عن طريق ضربة جزاء نفذت بنجاح، وبطريقة ذكية من قبل اللاعب العائد محسن متولي في الدقيقة 14 وهو الهدف الذي زرع الدفء في المدرجات، وألهب حماس الجماهير التي انخرطت بشكل تلقائي في تشجيع المجموعة الرجاوية، مطالبة بالمزيد من الفرجة والتهديف، وكان لها ما أرادت في الدقيقة 20 بواسطة الظهير الأيسر عادل الكروشي، الذي انطلق كالسهم من الدفاع الى مربع عمليات الفريق الإسباني، وقدف بقوة وتركيز كبيرين مضاعفاً النتيجة، هذا الهدف نزل كحمام ثلج على لاعبي الأتلتيكو الذين وجدوا صعوبة في اختراق الدفاع الرجاوي المتراص. وكان بإمكان عناصر الرجاء أن يشمل أهدافاً أخرى لو استغلت كل الفرص السانحة للتهديف التي روعي في بنائها تقارب الحظوظ، وسرعة في تنفيذ المرتدات. مع بداية الجولة الثانية، وتجديداً في الدقيقة 47، تمكن المهاجم مارتنيز من تقليص الفارق بفضل ضربة رأسية مستغلا الخروج الخاطىء للحارس ياسين الحظ، لكن ياجور عاد ليعمق الفارق موقاً الهدف الثالث لفائدة الرجاء، وهو الهدف الذي أكد من خلاله الخضر أن بوادر فريق منسجم حاضرة بقوة قبل انطلاق الدوري المغربي. فريق الرجاء البيضاوي قام بستة تغييرات خلال الجولة الثانية، وهو نهج يهدف من خلاله المدرب امحمد فاخر إلى إعطاء الفرصة لعدد من اللاعبين لأجل الوقوف على إمكاناتهم أولا، وخلق الانسجام اللازم بين جميع العناصر ثانياً. وهذه التغييرات داخل التشكيلة الرجاوية ومثلها في صفوف فريق أتلتيكو بيلباو جعلت إيقاع المباراة ينزل شيئاً ما، لكن يظهر أن مدربي الفريقين معاً استخلصا بعض الدروس من هذا اللقاء الذي عرف نجاحاً كبيراً عطاء وأهدافاً وفرجة وتنظيماً... المدرب فاخر مرتاح أكد المدرب امحمد فاخر خلال الندوة الصحفية التي أعقبت المباراة، وتخلف عنها مدرب أتلتيكو بيلباو بداعي الاستعجال في العودة، أكد أن العرض الذي قدمه لاعبو الرجاء ليس من صنع الصدفة، وإنه ثمرة عمل جبار انطلق مبكراً، ولم يفت فاخر التأكيد على التربص الإعدادي الذي أقامه الفريق بمنطقة عين الدراهم بتونس لمدة أسبوعين، موضحاً في ذات السياق، »المعسكر المغلق أعطانا فكرة عن جميع اللاعبين، وكان مناسبة للرفع من نسبة الانسجام داخل التشكيل الرجاوي«، واعتز المدرب فاخر بانضباط اللاعبين طيلة التربص بشهادة الفرق العربية والأوربية التي تزامن تربصها مع فترة تربص الرجاء، وكذا يضيف فاخر بشهادة المسؤولين عن مركز المعسكر. وعن سؤال يتعلق بجاهزية الفريق خلال المنافسات المقبلة، أجاب مدرب الرجاء »أعتقد أن منازلة نجم الساحل وأتلتيكو بيلباو وفريق برشلونة ستمنحنا جرعة أوكسجين كبيرة، لإعلان انطلاقة قوية سواء خلال المنافسات العربية أو الدوري المغربي، على اعتبار أن مواجهة فرق قوية في إطار الاستعدادات يقوي معنويات اللاعبين«، واعتبر امحمد فاخر في معرض أجوبته توفر الرجاء على 28 لاعباً جاهزاً يطرح أمامه مشكل اختيار التشكيل الرسمي، موضحاً في هذا الصدد »إذا اخترت أحد عشر لاعباً، فإن السبعة عشر الباقون سيعتبرون في عداد الاحتياطيين، وهذا مشكل سأتعامل معه بالشكل الذي يرضي اللاعبين والفريق، إلا أن المهم الآن هو أن بوادر فريق قوي حاضره داخل البيت الرجاوي«.