«بسم الله الرحمن الرحيم وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم «( الروم 27 ) .وقال جل وعلا « كُل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون « (الأنبياء35). صدق الله العظيم. مناسبة عظيمة أن يلتئم هذا المحفل التكريمي من أهل السياسة والفكر والثقافة والمقاومة والنضال، عربون وفاء وبرور وعرفان للمناضل الفذ والمقاوم المغاربي الرئيس أحمد بنبلة تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنانه وأجزاه خير الثواب وحسن المآب. وتشاء الأقدار الإلهية ومن حسن الطالع أن تتزامن مناسبة التكريم هذه مع شهر شعبان الأبرك وأن تقترن مع إشراقة الذكرى 55 للحدث التاريخي لطريق الوحدة المحتفى به يوم 5 يوليوز ومع حلول الذكرى الذهبية، ذكرى مرور 50 سنة على استقلال الجزائر الشقيقة وانتصار ثورتها التحريرية على الاحتلال الأجنبي الذي دام 132 سنة. ومن قادة هذه الثورة ورموزها الأماهد والأماجد، فقيدنا العزيز مكرمنا والمحتفى به الذي كتب الله له أن يعمر 95 سنة تسرب على مَرها من بين مخالب الردى مرات ومرات كما يتسرب الماء من بين مفاصل الصخر، وكأننا عندما نتأمل في قصة حياته، نتذكر قول زهير بن أبي سلمى في معلقته: رأيت المنايا خبط عشواء من تصب *** تُمته ومن تخطئ يعمر فيهرم نعم إن المنية أخطأت القائد البطل الرئيس أحمد بنبلة كما سيأتي ذكره وهو الذي إلى الردى كان يمشي وإلى المنية كان فؤاده يهفو.... إن الحديث عن فقيد المقاومة المغاربية أحمد بنبلة يُحيلنا هنا بالمغرب أو كما يحلو له أن يسميه (مراكش) على عائلة مغربية صوفية من أبناء عمومته بزمران سيدي رحال بإقليم قلعة السراغنة انتقلت إلى مغنية أواخر القرن التاسع عشر, حيث أقامت بها زاوية وفي حضنها تربى الفقيد كما جاء على لسانه في (شهادته على العصر). رأى النور أوائل العشرية الثانية من القرن الماضي (1916-1918) إذ اختلفت المصادر في تحديد تاريخ ولادته. تلقى تعليمه كسائر أترابه بالمسيد الذي كان جزءا من الزاوية التي كانت قسما من بيت العائلة لينتقل بعد ذلك إلى النظام التعليمي العمومي الفرنسي. للفقيد مساران في حياته: فالمسار الأول بدأه سنة 1937 عند التحاقه بالخدمة العسكرية بالجيش الفرنسي، ومحاربته بالجبهة إلى جانب جنود الكتيبة التي كان بها محاربون مغاربيون بمونتي كاسينو بايطاليا، تدرج في السلم العسكري إلى أن حصل على رتبة رقيب أول ضمن الفرقة 14 للجيش الفرنسي، نال أوسمة عسكرية تقديرا لشجاعته وعرفانا لأعماله البطولية كجندي في صفوف الجيش الفرنسي ومن ضمنها وسام صليب الحرب جزاء تفوقه في تحطيم قاذفة قنابل ألمانية. وفي سنة 1944 وخلال عمله ضمن الفرقة الخامسة لجيش الحلفاء، وشحه الرئيس الفرنسي شارل ديغول بوسام الميدالية العسكرية التي منحت للجنود المغاربيين الذين وقفوا إلى جانب الحلفاء للتصدي للغزو النازي. لكن هذا المسار سينتهي سنة 1945 بعد ارتكاب الجيش الفرنسي لمجزرة رهيبة في حق المواطنين الجزائريين الأبرياء الذين خرجوا في مظاهرة سلمية بمدينة قسطنطينة وشكل هذا الحدث منعطفا في مسار بنبلة الثوري الهوية الجزائري الموطن المغربي الأصول. فمنذ ذلك التاريخ، سينطلق المسار الثاني للمرحوم الرئيس أحمد بنبلة، إنه المسار الجزائري المغربي والمغاربي، المسار الذي سيرسم ملامح شخصيته ونضاليته ويحدد معالم طريق الحرية والاستقلال للأوطان و الشعوب المغاربية. كانت بداياته النضالية في حزب الشعب الجزائري الذي انخرط في صفوفه حوالي سنة 1947 بإيعاز من المرحوم لامين الدباغين، أحد رجالات الثورة الجزائرية. نشط بالمنظمة شبه العسكرية المنضوية بالحزب. بعد ذلك سينضم الفقيد إلى جبهة التحرير الوطني وسيصبح مسؤولا عن إحدى خلاياها سنة 1949. ساهم وخطط ورتب برفقة حسين آيت احمد ورابح بيطاط في الهجوم الشهير على مركز البريد بوهران صيف عام 1950، وهي العملية التي كان المراد منها توفير موارد مالية لتسليح خلايا الثورة الجزائرية، وقد روى المرحوم أحمد بنبلة للوفد المغربي الهام الذي حضر مراسيم تكريمه بمغنية في سنة 2004 أن من بين المشاركين في العملية المغربي بوشعيب الدكالي رحمه الله وهو ينحدر من آزمور. تم إلقاء القبض على الشاب بنبلة وحوكم بالسجن لمدة 8 سنوات قضى منها سنتين خلف القضبان ليتمكن من الفرار والخروج من الجزائر والتسلل إلى فرنسا حيث عاش متخفيا في مرسيليا ثم بإحدى مقاطعات باريس ثم بسويسرا ومنها قفل راجعا في شهر يوليوز عام 1953 إلى القاهرة التي كانت حُضن الحركات الثورية التحريرية المغاربية (وهنا أفتح قوسا للإشارة إلى دور المقاوم والوطني المغربي محمد حمادي العزيز في مسألة تدبير الوثائق اللازمة لسفر بنبلة ورفيق له من سويسرا إلى مصر، ويمكن الاستئناس بما تضمنه المؤلَّف الذي أصدرته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير للمقاوم المذكور تحت عنوان « جيوش تحرير المغرب العربي: هكذا كانت قصة البداية»). وبعد وصوله إلى مصر شكل مع المناضلين حسين آيت احمد ومحمد خيضر وفد جبهة التحرير الجزائرية المتوجه للخارج. تتفق جل الدراسات والكتابات التاريخية التي تناولت تاريخ الجزائر إبان فترة الكفاح الوطني التحريري من أجل الاستقلال أن المرحوم الرئيس أحمد بنبلة كان أحد أبطالها الأفذاذ وأحد العقول المدبرة التي اشتغلت ليل نهار لتدبير تموينها وتمويلها، إذ نجده منذ 1953 المسؤول عن الجانب اللوجيستيكي للثورة الجزائرية وهو ما كان يجعله دائم التنقل بين مصر والمغرب وإيطاليا وليبيا وإسبانيا وسويسرا. تولى مسؤولية جبهة التحرير الوطني الجزائرية بالمنطقة الغربية. واستقر بمدينة تطوان بالمنزل رقم 18 الذي يقع في شارع مدريد، كما أنشأ مكتبا تابعا له بالناضور، وتمكن من نسج علاقات جيدة مع بعض المقاومين المغاربة الذين كانوا قد لجأوا إلى المنطقة الشمالية نذكر من بينهم عباس المسعدي وبلحاج الخطابي وعبد الله الصنهاجي يرحمهم الله ومحمد آجار سعيد بونعيلات وعبد القادر الدادسي والغالي العراقي والحسين برادة وحمادي لعزيز أطال الله عمرهم. كان الهم الوحيد لبنبلة هو توفير الأسلحة التي كان يتم اقتناؤها من عند الإسبان، وقد كان الجنرال فالينيو المندوب السامي الإسباني بالمنطقة الخليفية آنذاك على علم بكل تحركات بنبلة، وكان يغض الطرف عنها. شكل الرجل صلة وصل بين المزودين المغاربة بالسلاح, سواء بالمغرب أو خارجه إذ نجده يرسل أحد رفاقه في درب النضال للتنسيق مع المقاومين المغاربة بشأن إنزال السلاح من الباخرة دينا. ولم يكن ليقتصر تحرك الفقيد الرئيس أحمد بنبلة على المغرب فحسب إذ التحق أيضا بطرابلس بليبيا لاقتناء الأسلحة، وهناك تعرض لمحاولة اغتيال في فندق «اكسليسور» وتبين أن أحد عملاء الفرع التونسي للمنظمة العنصرية الفرنسية «اليد الحمراء» هو من كان وراء العملية. كما تتبعت المخابرات العسكرية الفرنسية يومها تحركاته بالقاهرة وحاولت اغتياله بوضع قنبلة في مكتبه، لكن القدر كان شيئا آخر، كان قدر الله أن يمد للرجل في عمره. ورد في مذكرات المرحوم احمد بنبلة كما أملاها على روبير ميرل والمنشورة في دار الآداب ببيروت ص 96 ما يلي: « في الواقع بدأت الثورة الجزائرية بقليل جدا من السلاح: 350 أو 400 قطعة فقط من البنادق الايطالية Mousquetonsوصلت من ليبيا ولقد وجدت المنظمة عنتا شديدا في إدخالها إلى الجزائر بطرق ملتوية من طرابلس إلى غدامس ومن غدامس إلى بسكرا». وهو يشدد في الوثائق والوصولات التي كتبها بخط يده إلى كميات الأسلحة والذخيرة التي تلقتها الثورة الجزائرية والتي تم إفراغها من السفينتين دينا 1 ودينا 2 برأس الماء بإقليم الناظور. إن كل مدون ومتحدث عن تاريخ الفقيد الرئيس أحمد بنبلة لابد أن تستوقفه تلك العلاقة الخاصة التي ربطته بجلالة المغفور له محمد الخامس الذي استقبله في مدريد عن طريق المقاوم الفذ المرحوم الدكتور عبد الكريم الخطيب، بمناسبة التوقيع على معاهدة استقلال المنطقة الخاضعة للحماية الاسبانية، التقاه هناك رفقة لامين الدباغين. وهنا لا بد من استحضار موقف جلالة المغفور له محمد الخامس مع بنبلة وعبره مع الشعب الجزائري والثورة الجزائرية وقت الشدائد، ذلك الوعد الذي تحدث عنه المرحوم بنبلة في شهادة له قال فيها: ...كانت قيادة الثورة الجزائرية قد اجتمعت واتفقت بعد مداولات طويلة على أن تقدم لمحمد الخامس لائحة مطالب عريضة وطويلة تتضمن 25 نقطة. وكان الإخوان في قيادة الثورة يعتقدون أنه من الصعب بمكان الاستجابة لكل النقط. لكن المفاجأة كانت استجابة الملك لجميع النقط، بل أضاف أشياء كثيرة لم يكن قادة الثورة الجزائرية يحلمون بها. وهذه شهادة لله وللتاريخ في حق الملك العظيم وأياديه البيضاء في نصرة كفاح الشعب الجزائري « أصول الأزمة في العلاقات المغربة الجزائرية. للدكتور زكي مبارك ص 182 . في عز الثورة الجزائرية وبعد أشهر على استقلال المغرب، حدثت واقعة الطائرة التي اختطفها سلاح الطيران الفرنسي ليجبرها على الهبوط في مطار الجزائر العاصمة، تلك الطائرة التي كانت تحمل على متنها في 22 أكتوبر 1960 الزعماء الجزائريين الخمسة في جبهة التحرير الوطني أحمد بنبلة،حسين آيت احمد، محمد بوضياف ومحمد خيضر ومصطفى الأشرف وهي الحادثة التي أسالت المداد الكثير وأفرزت العديد من التأويلات المجانبة للصواب والحقيقة، إذ نجزم أن المحاولة كانت من تدبير أجهزة الاستعلامات العسكرية الفرنسية والتي كانت تهدف إلى إحداث شرخ في علاقات التعاون الوثيقة بين الحكومة المغربية وجبهة التحرير الوطني الجزائرية. ويوضح ظروف وملابسات الحادث المناضل الجزائري حسين آيت أحمد في مذكراته التي كتبها واعتمد فيها شهادات العديد من الزعماء والمناضلين المغاربيين. لم تكن عناصر جبهة التحرير الوطني لتظل مكتوفة الأيدي أمام اعتقال زعمائها، إذ تم التفكير بجدية في تحرير المعتقلين بتعاون مع المخابرات المصرية وعملاء ألمان وأحد الفرنسيين الذين تم تسخيرهم لهذه المهمة، إلا أنه تم التخلي عنها جراء ما نقلته بعض المصادر التاريخية من تعليمات صارمة من الرئيس جمال عبد الناصر بشأن حياة بنبلة ورفاقه، وهو الذي كانت تربطه بالزعيم المصري الراحل علاقة وطيدة. وفي هذه الحادثة، يروي الأستاذ عبد الرحمان يوسفي رواية مضمنها أنه اتصل بالإخوة الجزائريين في السجن باعتباره محاميا موكلا على قضيتهم وعبروا له عن رفضهم البات لكل عملية من هذا القبيل... بل إن اتصالاته المتعددة مع الزعماء الجزائريين الخمسة المختطفين كانت سببا لتعرضه للاستنطاق ثم الطرد من فرنسا يومها. تولى المسؤولية الكبرى كأول رئيس للجزائر المستقلة، لكن حكمه لم يعمر إلا لثلاث سنوات حيث سيطاح به ...ومن ذلك اليوم ستعرف حياة بنبلة انحدارا دراميا إذ انتقل من السجن إلى الإقامة الجبرية ثم إلى المنفى وأخيرا عاد إلى حضن الوطن حيث لبى داعي ربه. ويمكن لمن يهمه الاطلاع على تلك الفترة من حياة المناضل والمقاوم الرئيس المرحوم أحمد بنبلة أن يستأنس بشهادة محاميته الأستاذة مادلين لافو المنشورة في مجلة جون أفريك سنة 1978 بعنوان» ال 4642 يوما من حياة معتقل» وهي التي عملت جريدة الاتحاد الاشتراكي في الأيام الأخيرة وبهذه المناسبة على إعادة نشر بعض فصولها الدرامية مترجمة . استقر الرجل بالمغرب بعد خروجه من السجن إثر تولي الرئيس الشادلي بن جديد سدة الحكم. فكان يعتبره بلده الثاني وكنا في المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير قد وجهنا له الدعوة ولباها رحمة الله عليه وحضر جل أطوار الندوة العلمية التي التأمت بالرباط حول ملف» وحدة المغرب العربي في ذاكرة المقاومة وجيش التحرير» أيام 25-26-27 يناير 2002 . والحق أنه أعطى بحضوره أشغال هذه الندوة المغاربية بعدا مغاربيا متميزا وأضفى عليها جلالا ووقارا قلما يجتمع في ندوات مثلها. كما أن المرحوم كان من بين المدعوين خلال احتفالات بلادنا بالذكرى الذهبية،لمرور خمسين على استقلالها في 18 نونبر 2005 ، وخلالها حظي بالحمالة الكبرى للوسام العلوي التي أنعم بها عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. وقد أناب عنه من يمثله في الحفل التأبيني المقام بمناسبة أربعينية الفقيد الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب الذي كانت تجمع بينهما عروة وثقى لم يفصمها إلا رحيل أحدهما إلى دار البقاء، لكن لم يلبث أن التحق برفيقه إلى دار البقاء وكأنه يقول: إن عز في الدنيا لقاؤكم، ففي الآخرة اللقاء . وللعلاقة الخاصة للمرحوم الرئيس أحمد بنبلة بالمرحوم الدكتور عبد الكريم الخطيب، فقد ساهم بكلمة في حقه تُليت بالنيابة عنه والتي وصف فيها الدكتور عبد الكريم الخطيب بقوله « أخي ورفيق دربي المجاهد الفقيد عبد الكريم الخطيب». ويصفه المقاوم محمد آجار سعيد بونعيلات رئيس المجلس الوطني المؤقت لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ب « أخي ورفيقي في الكفاح « في شهادة له منشورة بمجلة الذاكرة الوطنية في عددها الخاص بعنوان « الدعم المغربي لحركة التحرير الجزائرية» .ص 154. وكما ورد على لسان أحد مجايليه ومعايشيه بالقاهرة وأحد الذين عملوا معه وإلى جانبه بالجزائر زمنا ليس بالقصير وأْتمنه على أسرار الثورة الجزائرية وهو المقاوم محمد حمادي العزيز بأنه» مناضل وطني جزائري، مسلم، متدين، عُروبي، مغاربي، طيب، شجاع، صادق، متواضع، وهو مُنَظِم جيد جدا، يلتزم بالحضور في الموعد، كان يلتزم بكتمان الأسرار،حتى أنه قال ذات يوم: أخاف من الأسرار حتى من نفسي» ومما يؤكد هذه العلاقة الخاصة التي كانت للمرحوم الرئيس أحمد بنبلة الرسالة التي خطها بيده إلى المرحوم الدكتور عبد الكريم الخطيب يوصيه فيها خيرا بالمقاوم حمادي العزيز. ولن نغفل جوانب أخرى من الحياة النضالية لهذا المناضل الشهم أحمد بنبلة إبان فترة الكفاح الوطني من أجل الاستقلال، فإذا وقفتم يوما على اسم مسعود مزياني فاعلموا أنه اسم حركي للمرحوم أحمد بنبلة، وإن سمعتم باسم مازني محمد سعود فهو الاسم الحركي للفقيد أيضا بعد ترتيب دخوله مصر، وهو أيضا الحاج الفاضل كما جاء في رسالة موجهة من قيادة الناظور إلى قيادة تطوان في شأن استقباله بالمطار يوم الأحد 28 غشت 1955 وقد تم تكليف المقاوم محمد آجار سعيد بونعيلات باستقباله في المطار. وهو أيضا مصطفى مالك الاسم الحركي الذي منحه إياه جلالة المغفور له محمد الخامس في 10 أبريل 1956. هو ذلك الرجل الفارع الطول الذي ترسم على شفاهه ابتسامة دفينة تسخر من مكر الصدف.... هو ذلك المناضل الذي تلخص تقاسيم محياه سنوات النضال والتضحية بحريته وحياته في سبيل حرية واستقلال وطنه وبناء المغرب العربي الكبير الذي كان من دعاته ومناصريه وأدى في سبيله ضريبة ثقيلة من راحته وذاته. وهو المناضل بالكلمة والقلم، نشط في الكتابة والتأليف. وقد خلف رصيدا ثريا من الإصدارات، منها مذكرات أحمد بنبلة كما أملاها على روبير ميرل والمترجمة إلى العربية في ترجمة العفيف الأخضر بمنشورات دار الآداب ببيروت كما شغل مناصب هامة على الصعيد الدولي لعل آخرها سنة 2007 حين عين على رأس مجموعة حكماء الاتحاد الإفريقي المكلف بالوقاية من النزاعات في إفريقيا. تلكم شذرات من حياة هرم شامخ ومناضل ثوري ومقاوم تحرري لم يركن أبدا ولم يستكن، فقد كان النضال زاده و الحرية مبتغاه والجزائر موطنه والمغرب روحه. وإن خير عزاء في فقيد المغرب العربي الكبير أحمد بنبلة وأجل وفاء له وبرور وعرفان بأعماله البطولية وتضحياته الجسام هو مواصلة السعي الحثيث والمجهود الدؤوب لبناء المشروع المغاربي الذي كان حاضرا بقوة في ضمير الحركات الوطنية والتحريرية وفي مبادئ وقيم المقاومة والذاكرة التاريخية المشتركة وهو اليوم من طموحات وتطلعات الشعوب المغاربية والأجيال الجديدة. وإذ ظل دوما متشبثا برسالة بناء وإعلاء صروح هذا الفضاء المغاربي الرحب، فإن من واجبنا ومسؤولياتنا اليوم وغدا الحفاظ على هذه الأمانة التي نحن مطوقون بها جميعا. رحم الله فقيد الشعوب المغاربية وأسرة المقاومة وجيش التحرير وأسكنه فسيح جنانه في أعلى عليين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا. المراجع المعتمدة: مجلة الذاكرة الوطنية، عدد خاص: 1 - الدعم المغربي لحركة التحرير الجزائرية، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير2006. 2 - جيوش تحرير المغرب العربي: هكذا كانت قصة البداية؛ محمد حمادي العزيز، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير 2004. 3 - سيرة ومسيرة فقيد المقاومة وجيش التحرير المرحوم الدكتور عبد الكريم الخطيب؛منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير 2009. 4 - أصول الأزمة في العلاقات المغربية الجزائرية. زكي مبارك؛ منشورات أبي رقراق، الطبعة الأولى2007. 5 - الجزائريون في المغرب ما بين سنتي 1830 و 1962. مساهمة في تاريخ المغرب الكبير المعاصر. محمد أمطاط منشورات أبي رقراق، 2008. 6 - مذكرات أحمد بنبلة كما أملاها على روبير ميرل منشورات دار الآداب ببيروت. 7 - Vérités sur la révolution algérienne. Mohamed Lebjaoui, édition Gallimard. 8 - Algérie, Maroc, Histoire parallèles, destins croisés. Benjamin Stora. Edition Zellige 9 -أرشيف الملفات الصحفية الخاصة بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.