تشكل حصوات الكلي مشكلا للصحة العمومية في بلادنا، خاصة أنها تصيب فئة عمرية نشيطة، فضلا عن تأثيرات سلبية مصاحبة ذات أبعاد اقتصادية، كالتغيبات عن العمل، والكلفة الاقتصادية الناجمة عن التشخيص والعلاج والاستشفاءات.. . وتعتبر حصوات الكلي مرضا/بلاء قديما، وهي مذكورة في قسم ابوقراط، وتصيب ما بين 05 إلى 15 في المائة من الساكنة العالمية، ويتعرض لها الذكور ضعف ما تتعرض له الإناث. و قد اهتدى العلم إلى التعرف على كيفية تفاعل العوامل الذاتية النشوء، والعوامل الغذائية، في منع أو في المساعدة بتشكل حصوات الكلي. وتعتبر الحصى الكلسية الكلوية جد متواترة بنسبة 80 في المائة، والتي تحتوي على «اكزالات كالسيوم»، أو «الفوسفاط الكلسيوم»، وتتميز الحصى الكلوية بالانتكاس بنسبة 50 في المائة على مدى خمس سنوات بعد الأزمة الكلوية الأولى، وتكون السبب في ظهور الضعف الكلوي النهائي بنسبة 2 في المائة مما يبين أهمية العلاج الطبي الوقائي . ومن العوامل المساعدة على تشكيل الحصوات وجود نقص في مثبط ذاتي النشوء يمنع تشكل الحصوات، أو زيادة في إفراز مكونات الحصوات، أو اختلال دائم في كثافة الهيدروجين الأوينية للبول، حمضية البول أو قلويته، أو ضيق في المسالك البولية، وفي بعض الحالات تكون المشكلة الأساسية هي النقص في كمية السوائل التي تقود إلى تركز البول، وبالنسبة للعديد من المرضى تكون العوامل الوراثية مهمة. ومن الأسباب الأخرى في تكوين الحصيلات الكلوية، نجد التعفنات البولية، وتشكل الأخطاء الغذائية نصف العوامل المسببة في تكوين الحصوات الكلوية. وغالبا ما يكون التشخيص سريريا للمغص الكلوي الناجم عن الحصوات الكلوية، بحيث يشتكي المريض من ألم يظهر على بغتة، خاصة بعد القيام بمجهود جسماني، أو سفر عبر وسائل النقل، ويحدث في جهة الظهر ويمتد إلى الفخذ، ويكون غالبا مصاحبا بتقيؤ وقلق نفسي . وتعتمد المقاربة الطبية لعلاج الحصى الكلوي على مقاربة متعددة الاختصاصات، بحيث يستقبل الطبيب المعالج الذي يكون غالبا طبيب مستعجلات أو طبيبا عاما هذه الحالات التي تأتي إلى المستعجلات أو العيادات الطبية في حالة هلع مع تفاقم الألم، ويقوم الطبيب المعالج بعد التعرف على كيفية حدوث الألم وموضعه في الجسم، والأعراض المصاحبة، والقصة المرضية، للشخص المصاب والأمراض الأخرى، والعلاجات التي يستعملها مع التشخيص السريري للمغص الكلوي، وعلاجه بمضادات الالتهاب، ومسكنات الألم، كما يطلب الطبيب المعالج إنجاز فحص بالصدى الذي يبين في بعض الأحيان الحصوات متموضعة في الكلي أو التي انتقلت إلى الحالب مع انتفاخ كلوي. كما يستعين كذلك ببعض الفحوصات البيولوجية للدم والبول، مع إرسال الحصوات الكلوية إلى مختبر مختص لفحص مكوناتها، مع فحص مستوى الكلسيوم في البول 24 ساعة، و كثافة الهيدروجين «الاوينية» للبول، ومستوى الكلسيوم في الدم، إضافة إلى نقص تركيز أملاح السترات في البول، وزيادة إفراز «الاكزالات» في البول. وتعتمد المقاربة العلاجية للحصوات الكلوية ، حسب المكونات الكيماوية لها، على بعض النصائح الغذائية، بحيث يطلب من المريض شرب كميات كبيرة من السوائل لتخفيف تركيز البول مع الرفع من تناول الخضراوات والفواكه، وعدم أخد أكثر من 1 غرام من الكالسيوم في اليوم، والتقليص من حصة الصوديوم اليومي بحيث لا تتعدى - 6 إلى 7 غرام في اليوم، مع الحرص على ألا تتعدى البروتينات اقل من 1 غرام للكيلو في اليوم. كما يقوم الطبيب المعالج في حالة فرط نشاط الغدد مجاورات الدرقية التي تسبب في ارتفاع مستوى الكالسيوم في البول، بتشخيصها وعلاجها، وسترات «البوتاسيوم» في حالات نقص إفراز «السترات» أو «الوبيرينول» في حالة زيادة إفراز حمض البول. كما ينصح الأطباء بمعالجة نقص تركيز أملاح السترات في البول والتي ينجم عنها حصوات في الكلي، فضلا عن علاج زيادة إفراز «الاوكزالات» في البول، مع تقديم بعض النصائح الغذائية كتقليص الشوكولاتة، المكسرات، والسبانخ. ويعالج زيادة حمض» اليوريك» ب «الوبيرينول»، وتجنب «البيورين» من مصادر غدائية، كالسمك، الطيور، واللحوم، الكبد، والكلي. أما بالنسبة للحصوات الكلوية الوراثية فهي تصيب الأطفال بنسبة 10 في المائة والكبار بنسبة 1.6 في المائة، وفي حالة إصابة الكليتين عند الطفل وبشكل عام فيجب الحرص على استشارة الطبيب المختص في الكلي لتجنب القصور الكلوي، كما يجب معالجة إفراز الكالسيوم باستعمال مدرات البول من نوع «التيازيد»، كما بينت عدة دراسات أهمية الفوائد الاقتصادية من الوقاية من تشكل الحصوات والتي تفوق كافة التقييم التشخيصي للعلاج . أما بالنسبة للأشخاص الذين لا يستجيبون إلى المعالجة الطبية، فإن التقنيات الجراحية الجديدة تضمن تفتيت الحصوات بالموجات الصادمة من خارج الجسم، أو عملية حصاة الكلية عبر الجلد، أو استعمال منظار المسالك البولية وتفتيت الحصى بالليزر. وفي الختام ولمعرفة مدى انتشار حصى الكلى في المغرب، أقدم هذا البحث الذي أجري على مدى أربع سنوات في المستشفى الحسن الثاني بسطات، وقد بينت نتائج هذا البحث أن المرض يصيب الذكور أكثر من النساء عند فئة عمرية تتراوح ما بين 30 و 50سنة، والتي تتميز بنشاطها الاجتماعي والاقتصادي، كما بين البحث ذاته أن الاستشارات الطبية للأشخاص المصابين بالحصى الكلوي ترتفع في الخريف، كما تم تحديد نسبة التأثير السنوى الاستشفائي ب 30 على 100000 .