أجمع المحفل الجهادي على مناصرة فتى الإعدام، عبد الله نهاري، وعمدوا إلى الحديث بلغة واحدة، فاقت، أحيانا، محمول ما قاله هو شخصيا في هدر دم الصحافي ورئيس التحرير المختار الغزيوي. الكتاني، الذي شغل الناس طويلا منذ أيام المرحوم الخطيب، والذي قدموه دوما على أساس أنه ابن مهذب للسلفية، وأنه لا يتجاوز لباقة الحياة العامة، لم يتردد في إطلاق أوصاف شنيعة على مواطن مغربي، اختلف معه في تقدير مسألة قابلة للصواب كما هي قابلة للخطأ. الحدوشي ذهب أبعد من النهاري ومن الكتاني، وأفتى بإقامة الحد والتعزير. والتعزير بلغتنا الحالية، هو «خليان دار بوك». والتعزير، أيضا، شاهدناه يطبق من طرف يوسف فكري ومجموعته، وباسمه تم اغتيال موظفين من الدولة ومن القضاء نفسه. وباسمه تقام الحدود، والغزيوي تعدى هذه الحدود، ولابد من أن يقام عليه الحد، حد السيف. أبو حفض بشر رفاقه في السلفية بأن شعب 2003، الذي استنكر ما تم في 16 ماي، وما تم في إطار الادعاء الايديولوجي والشحن النفسي، من قبلها، ليس هو الشعب الحالي، شعب 2011. وإذا فهمنا المنطوق، فإن الشعب الذي استنكر وخرج منددا بالإرهاب الجهادي، لن يخرج ولن يندد، بل ربما سيصفق للقتل وفتاوى القتل. ماذا أمامنا الآن؟ أمامنا كتيبة الإفتاء، وقد أصلت وشرعت للقتل، ووضعت المسوغات التي تعتبرها شرعية. وبقي الآن الكتيبة التي ستنفذ حكم الفقهاء، وحكم ما تعتقده في الدين المارق والفاجر والمرتد.. المسمى قيد حياته المختار الغزيوي، ونحن نعرف طبيعة العلاقة التي تربط مشايخ الجهادية بأتباعهم، وكيف يمتثلون لأحكامهم امتثال المريد لشيخه. والنتيجة أننا أمام وصف معلن لجريمة قتل يتم التهييء لها أمام أنظار الجميع وبمشاهدة ملايين المغاربة والمسؤولين والفقهاء والحكومة!! إنها جريمة قتل معلنة تزرع الرعب في نفوس كل الذين اختلفوا أو اتفقوا مع الغزيوي، لكنهم يدافعون عن حقه في الحياة، وحقه في أن يختلف معنا أو يختلف مع غيرنا. الفقهاء والمجالس العلمية التي تسهر على أمننا، وأمننا الروحي لا يمكنهم أن يلتزموا الآن الحياد، بعد أن أصبحت التبريرات والحيثيات الشرعية عتبة لتنفيذ جريمة القتل. العلماء عليهم أن يدافعوا، بلا مواربة، عن حق الصحافي في الحياة. وأن يصدروا ما شاؤوا بعدها ضده أو معه. الحكومة لا يمكنها أن تقبل، لأنها ذات ليلة «شركت الطعام» كما يقول المغاربة مع السلفيين والشيوخ منهم بالأساس، أن يتم هدر دم مواطن مغربي، أو تهديده بإقامة الحد ..عليه. قد تكون للحكومة حساباتها الذاتية، في أن يكون السلفيون، ربما احتياطيا سياسيا أو مجتمعيا سينفع في المنعطفات، لكن عليها ألا تترك،أيضا، الأمور قد تنفلت منها، وتسير في اتجاه غير متحكم فيه، ولن يجدي الندم أو حالة الطواريء وقتها. أمامنا مشهد تونس الذي اضطرت فيه الدولة إلى حالة الطواريء لوقف الزحف الجهادي على فضاءات المجتمع.. إن السؤال - العنوان ليس مبالغة ونحن نعرف أنه سيثير الرعب في عائلة زميلنا المختار ( معذرة لهم )، لكن الحقيقة هو أن مواصفات الجريمة الجهادية موجودة اليوم :الفتوى، الاصطفاف الجماعي للجاهديين، التأصيل الشرعي المفترى عليه.. والأنصار، ومنهم من غادر السجن منذ مدة، يريد أن يدخل الجنة من .. باب الصلاة على النبي (ص) وقتل الصحافيين. ليتحمل كل مسؤوليته!!