عُرض بمركب المركز الثقافي الفرنسي بالرباط، يومي الجمعة والسبت السابقين على التوالي، مسرحية لفرقة «أكواريوم»، بعنوان «ديالي»، والتي هي عبارة عن مونولوغ لنصوص عن تاريخ العضو الجنسي الأنثوي في المغرب، والذي كُتب إعتمادا على شهادات أكثر من مئة امرأة من مختلف أنحاء المغرب. «ديالي» الأول من نوعه: ويُمثل العرض أمراً غير مسبوق في تاريخ المسرح المغربي. وقد يكون كذلك عربيًا-، حيث استطاعت الممثلات الحديث بصوت عال، وأحيانا بشكل مبالغ فيه قد يكون مردهُ القهر-، أمام المئات من الحاضرين، عن أعضائهن «الحميمة» باللهجة الدارجة، نعم وبمختلف دارجات المملكة، فسمع الحضور الأوضاع والحالات والاشكالات والتسميات التي تطلقها المغربيات على «منبع الحياة»، وشخصوا أدوار لفتيات تم اغتصابهن من طرف أصدقائهن، ومغتصبات من غرباء ومغتصبات من أزواجهن... في خلاصة سبع أشهر من الشهادات، جمعها أعضاء الفريق الشاب، والمكون أساسا من بنات حواء- من مختلف بوادي ومناطق وأجيال المغربيات، في بادرة قد تُمثل مؤشرا على جرأة أكبر بين أخواتنا وبناتنا. في البدء كانت الكلمة: فُتح النقاش بين الحاضرين في القاعة التي كانت ممتلئة عن آخرها، بين الجمهور وأعضاء الفرقة المسرحية النسائية، أكد فيه معظم المُعلقين والذين كانوا من مختلف الخلفيات، على تشجيع كسر الطابو، في أفق فتح النقاش، حول «منبع الحياة»، الذي يسمي الأشياء بأسمائها، بعيدا عن تعييب المفردات، الذي قد يكون مرده إلى إقرانها الدائم بالسب والشتم والخصومات التي هي غالبا بين الذكور. الكلمات ضد الغصب: أكدت الممثلات أن اخراج النقاش إلى العلن، بدون محاصرته ب»الحشومة» و»العيب» و»الممنوع» و»الكبيت».. يهدف أساسا لرفع الحيف الذي يمارس على المرأة، والذي يؤدي إلى تبرير التحرش والاغتصاب.. الذي غالبا ما يرتكبه الذكور في حق زميلاتهم في المواطنة الذي ينتشر في بلادنا، وتزيد معدلاته بأرقام قياسية، ما يفترض قلب الصمت إلى كلام، وتمكين مشاريع الضحايا من طرق ووسائل للمواجهة، وأهمها السماح بالتداول العلني والجريء دون اشكالات نفسية لا مُبرر لها في الحقيقة غير التعود. الآن وليس غدا: قالت مخرجة المسرحية نعيمة الزيطان أن تكسير حاجز الصمت الهدف منه فتح النقاشات، عبر الفن في أفق تشجيع المغاربة، والمغربيات بشكل أخص- على النقاش الحقيقي وعلى مختلف الأصعدة، ذلك النقاش الذي حان وقته، في الزمن الآن، دون تأخير أكثر، فالتأخير لن يكون في مصلحة أحد. قُوليها ولا تخافي: يلاحظ المتتبع للعرض، أن الفريق نجح في نطق أقوى العبارات بأبسط الطرق، في سياقات من التدرج والقدرة على التفاعل والتشخيص بالملامح والجسد ، جعلها غير مستنكرة من معظم الحاضرين، ما يؤشر على نجاح الفرقة في بلوغ الهدف الذي رسمته من البداية، وهو وضع الكلمات المناسبة عن المواضيع الحيوية في الأفواه والسياقات والمناسبة، بعيدا عن سباب المتنطعين من الذكور.