ترأس بوشعيب المتوكل الوالي الجديد لجهة الشاوية ورديغة و عامل إقليمسطات، لقاء تواصليا ببلدية ابن احمد، يوم الجمعة 8 يونيو 2012 ، مع المنتخبين المحليين للمدينة، حضره بعض رؤساء المصالح الخارجية الإقليمية و الجهوية، و ذلك في إطار لقاءاته التواصلية مع الجماعات الترابية، تجسيدا لسياسة القرب، قصد الوقوف على اختلالات و عوائق التنمية المحلية. استهل الوالي كلمته بالتعبير عن سعادته و هو يتواجد بابن احمد عاصمة امزاب، مدينة الزاوية التاغية، التي أنجبت وطنيين ساهموا في مقاومة المستعمر، و أشهرهم الفقيه الحمداوي، أحد الموقعين على وثيقة الاستقلال، كما أنجبت أطرا علمية كفأة في مجالات علمية عدة ساهمت في بناء المغرب الحديث. و قد أبدى الوالي استعداده الكامل لتقديم كل إمكانيات الدعم و المساعدة للمسؤولين المحليين للنهوض بأوضاع المدينة و حل مشاكلها العالقة. واعتبر اللقاء التواصلي بمثابة خارطة و برنامج عمل مشترك سيساهم فيه كل المسؤولين كل من موقعه، منتخبون و رؤساء مصالح إقليمية وجهوية، لتأهيل المدينة تأهيلا شاملا. ثم جاء عرض المجلس البلدي الذي تلاه رئيس لجنة المالية ببلدية ابن احمد، عبارة عن مجموعة من المعطيات المتعلقة بالمدينة كالموقع و عدد السكان و المشاريع التي تنوي الجماعة إنجازها و بعض المشاكل التي تعيق التنمية. باب النقاش كان مفتوحا طرح من خلاله المستشارون استفساراتهم و انشغالاتهم ، التي صبت بالأساس في مشاكل التعمير (الذي نال حصة الأسد من مداخلات المستشارين)، ثم قطاع الصحة ، و التعليم ، البنية التحتية ، الشباب و الرياضة، و المنطقة الصناعية ...و كذا غياب بعض المرافق العمومية الضرورية كإدارة التسجيل و التنبر، و وكالة المحافظة العقارية و المسح الخرائطي... وفي هذا السياق تدخل المصطفى بوزيان ممثل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من موقع المعارضة، بمداخلة منهجية مع بعض الاقتراحات العملية في مختلف المجالات الحيوية و الحساسة بالمنطقة، في مقدمتها قطاع التعمير و السكنى و المناطق التي تعرف هشاشة و فقرا كالدواوير المشكلة لدوار أولاد بن التاغي. و تتلخص أهم القضايا التي تمت مناقشتها في ما يلي: قطاع السكنى و التعمير و سياسة المدينة التصميم الجهوي لإعداد التراب: هذه الوثيقة الإستشرافية التي يتم إعدادها بمقاربة تشاركية تشاورية واسعة نابعة من الأسفل بمساهمة كل الفاعلين المحليين ، صنفت المدينة في مرتبة دنيا من مدن شبيهة بوضعيتها كواد زم و بجعد. و اعتبرت من ضمن مدن التقوية التي يمكنها أن تقود قاطرة التنمية لمحيطها القروي، المتميز بكل أنواع الهشاشة والفقر. فكيف يمكن لها ذلك و هي تعاني الأمرين . فرغم توفرها على نقاط قوة مهمة تتمثل في: تاريخها العريق كحاضرة تاريخية تأسست سنة 1880 ، إذ كانت عبارة عن مدينة عتيقة محاطة بأسوار، هدمها المستعمر انتقاما من المقاومة الشرسة لقبائل امزاب، و كذا توفرها على طاقات بشرية مهمة، و ثروات معدنية غنية، و تضاريس متنوعة و غطاء غابوي شاسع محيط بالمنطقة، و مناخ نقي غير ملوث، ووجود سد مائي كبير قريب، و كذا موقعها الاستراتيجي المهم كنقطة التقاء بين عواصم أقاليم الجهة و قربها من العاصمة الاقتصادية ب 71 كلمترا، و تواجدها بالقرب من الطريق السيار بني ملالالدارالبيضاء، و توفرها على منطقة صناعية كبيرة مساحتها 41 هكتارا، إلا أنها لم تنل المكانة التي يجب أن تحظى بها . في ظل غياب نية حقيقية لتأهيلها تأهيلا شاملا يحقق لها التنمية المستدامة. التعمير و السكنى : المدينة تعرف خصاصا كبيرا في الوعاء العقاري، نتج عنه غلاء مهول لثمن المتر المربع، و هو ما أسفر عن انتشار ظاهرة البناء العشوائي، التي شوهت جمالية المدينة بمداخلها الجنوبية و الشمالية و الغربية، و ما ترتب عن ذلك من تعميق لأزمة السكن غير اللائق بظهور دواوير أخرى غير مهيكلة ، و ذلك بسبب غياب مبادرات تعميرية حقيقية للمجلس البلدي على المنطقة الجنوبية، التي أصبحت مرتعا لكل أنواع الفوضى التعميرية، أمام صمت الأجهزة المختصة، و تحامل البعض عليها بمنطق مغرب نافع و مغرب غير نافع، و لعل توجه التعمير من خلال مقترح المجلس إلى جهة على حساب المنطقة الجنوبية دليل على الرؤية التجزيئية للبعض ، الذين يحللون الواقع من منطلق انتقامي سياسوي ضيق، بعيدا عن بعد النظر و عين العقل. تصميم التهيئة :يجب أن يتم تهيئ تصميم التهيئة المقبل بالاستناد إلى لغة العلم و الخبرة، و أن يتم التوزيع العادل للتنطيق السكني على كل محاور المدينة شمالا و جنوبا، بإشراك رأي كل الفاعلين المحليين بعيدا عن الحسابات السياسوية الانتقامية، و حتى لا يهيمن لوبي العقار بنزعاته الذاتية على مصير المدينة مستقبلا، و حتى لا تتكرر أخطاء تصميم التهيئة الحالي، وذلك من أجل بناء مدينة عصرية متصالحة مع تاريخها قادرة على أن تقود محيطها إلى التنمية المرجوة. أما في ما يخص أملاك البلدية فتكاد تكون منعدمة أمام وجود مساحات شاسعة لأملاك مخزنية غير مستغلة، فلماذا لا تستفيد البلدية من هذه الممتلكات ( كعقار المشتل الغابوي و إدارة ما يسمى سابقا بالأشغال العمومية التي تكاد تكون مهجورة، و التي تحتل مكانة إستراتيجية بوسط المدينة) لتنشئ عليها مرافق و فضاءات عمومية تستفيد منها الساكنة ، بدل أن تبقى على حالتها مهجورة أو مشاعة الاستعمال دون ضوابط قانونية. هيكلة دواوير الحجام أولاد حليمة: لم تتم هيكلة الدواوير حتى اليوم منذ برمجتها سنة 2005 في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فرغم كل الدراسات المنجزة، و الإحصائيات، و الموارد المالية المرصودة لها المقدرة بحوالي 8 ملايين درهم، مازالت الساكنة تعاني كل أشكال الهشاشة و الفقر، فكلما تأخر المشروع كلما تعمقت المشاكل أكثر بفعل التفريخ العشوائي المستمر. لذلك يجب اتخاذ القرار الشجاع من طرف كل المتدخلين و حل المشكل حلا جذريا لجعل هذه المدينة الصغيرة خالية من البناء العشوائي. و هنا يطرح مشكل غياب مديرية مؤسسة العمران بعاصمة الجهة، التي تساهم في حل مثل هذه المشاكل، التي لا تزال تابعة إداريا لمديرية الدارالبيضاء، و هو ما يصعب على مسؤوليها الإلمام المفصل بخصوصيات مشاكل إقليمسطات ، لذلك يجب تظافر جهود كل المتدخلين لخلق مديرية للعمران بسطات، حتى تكون قريبة من هموم التعمير بالجهة لتساهم في حل معضلة السكن بها. البنية التحتية طرق و أزقة المدينة: فشل المجلس البلدي في تدبير مشكل الطرق كما عبر عن ذلك أحد المستشارين المشكلين للأغلبية، بسبب النزاع القائم بين البلدية و الشركة الحائزة على الصفقة، و تشبث كل طرف بادعاءاته في نزاع مازال قائما ، حول مدى احترام دفاتر التحملات من عدمها، المتعلقة بتعبيد الطرق و الأزقة و الشوارع، التي ظلت متدهورة بأغلب الأحياء و نخص بالذكر حي السلامة و القصبة و درب الكرة و الحي الإداري، بالإضافة إلى مداخل المدينة كطرق خريبكة و سيدي حجاج و سطات. الطرق بالمناطق المحيطة: تمت إثارة مشكل الطرق المتدهورة التي تربط المدينة بمحيطها، حيث تعيش بعض القبائل عزلة حقيقية ، و قد نظمت وقفات احتجاجية من طرف الساكنة لإسماع صوتها إلى المسؤولين المعنيين بالأمر، بكل من طريق مكارطو و جمعة أولاد امحمد و الطريق الرابطة بين ابن احمد و برشيد مرورا بميلس ثم طريق سيدي حجاج، بالإضافة إلى المسالك غير المعبدة التي تآكلت بسبب استعمال تراب لا يحترم المواصفات المطلوبة لمقاومة الظروف المناخية المتغيرة. المناطق الخضراء: تعرف المدينة حديقة عمومية يتيمة بوسط المدينة تعتبر المتنفس الوحيد للساكنة لا سيما النساء و الأطفال، للترويح عن النفس، لذلك على المسؤولين المحليين تأهيل الفضاءات الخضراء المهملة كتلك الموجودة خلف البلدية، و إحداث أخرى جديدة تستجيب للحاجيات المتزايدة. كهربة دواوير أولاد بن التاغي التابعة للمدار الحضري: مجموعة من الدواوير التابعة ترابيا للمجال الحضري لمدينة ابن احمد لم تستفد من الكهربة و مازالت تعيش عتمة الظلام، ككوانين توجد ببوحولة قرب دوار أولاد حليمة و بالقطعان على طريق سيدي حجاج المنتمي لبلدية ابن احمد و ليس إلى جماعة أحلاف كما اعتقد البعض و هو خطأ حال دون استفادتهم من نعمة الكهرباء. المنطقة الصناعية: لم تلعب دورها الحقيقي في التنمية المحلية و المساهمة في تشغيل المعطلين، لأنها تعيش مجموعة من الاختلالات القانونية و المالية، و على مستوى البنية التحتية من قنوات صرف صحي للجزء الثاني الذي تصل مساحته إلى 31 هكتارا . فهي تحتاج إلى دعم خاص مركزيا و جهويا و إلى استقطاب مستثمرين حقيقيين قادرين على الدفع بعجلة التنمية المحلية. الزاوية التاغية : هذه المعلمة التاريخية التي ساهمت و مازالت تساهم في تكوين دعاة و خطباء و حفظة للقرآن، و أنجبت وطنيين مناضلين مخلصين للوطن ساهموا في مقاومة الاستعمار ، تتطلب تأهيلا شاملا على مستوى البنية التحتية، وعلميا بخلق مسالك علمية جديدة لجعلها منارة علمية، بمرافق متخصصة في كل أنواع العلوم الشرعية من مستوى عال. الصحة: مشكل إغلاق المستشفى الرئوي الذي كان يصنف كثاني أكبر مستشفى متخصص في داء السل بإفريقيا، المشيد على مساحة كبيرة، في فضاء منتقى بعناية من طرف مختصين فرنسيين، محاط بأشجار مختلفة لها دورها الايجابي على البيئة و صحة المرضى، فقرار إغلاقه يعتبر خطأ كبيرا ارتكبته وزارة الصحة بمبررات كذبتها الوقائع، ذلك أن هذا المرض المعدي لم يتناقص بالمغرب حسب ادعائهم، بل عرف ارتفاعا خطيرا في السنوات الأخيرة حسب إحصائيات المنظمة العالمية للصحة. المستشفى المحلي للمنطقة لا يلبي حاجيات الوافدين عليه من عاصمة امزاب و من الجماعات المجاورة ، و ذلك بسبب الخصاص في الموارد البشرية التي لا تتجاوز 75 موظفا أغلبهم من الممرضين و أطباء القطاع العام و التقنيين و الأعوان مع توافد أطباء مختصين على قلتهم من المدن المجاورة، حيث قُدر الخصاص ب 75 إطارا آخر، دون احتساب المقبلين على التقاعد في الأشهر المقبلة. وتجدر الإشارة إلى أن المستشفى في حاجة ملحة لأطر أخرى في تخصصات كالإنعاش و التحاليل الطبية و المولدات و داء السكري و غيرها، مع ما يتطلبه ذلك من تجهيزات ضرورية بخلق قسم للإنعاش مجهز بكل الضروريات، و أجهزة تحاليل و الراديو و جهاز الفحص بالصدى، هذا الأخير تعطل قرصه الصلب الخاص بنظام معلومياته . كما تمت إثارة مشكلة بطاقة «راميد» التي صارت تشكل عبئا على المعوزين بسبب اعتماد المستشفى لنظام المواعيد بسبب الضغط المتزايد للمرضى على مصالح المستشفى، قصد إجراء بعض الفحوصات و التحاليل، وهو ما يكلف المريض و مرافقيه تكاليف إضافية بسبب التنقل المتكرر أكثر من تلك التي كانت تؤدى قبل وجود هذه الخدمة الاجتماعية. لسعات العقارب: طالب الوالي ممثل مندوب الصحة بتقريب العلاج من المناطق المهددة بهذا الخطر، لا سيما مناطق أولاد امحمد مكارطو، بإحداث وحدات صحية بهذه المناطق، تقدم العلاجات الفورية لإنقاذ حياة المواطنين من خطر الموت. و كذا إحداث قاعة للإنعاش مجهزة بكل الضروريات لإنقاذ الحالات المتقدمة من لسعات العقارب التي تكثر خلال فصل الصيف.الرياضة: مدينة ابن احمد لم تستفد من برمجة الجامعة الملكية لألعاب القوى بإنجاز 35 مركبا خاصا بألعاب القوى في جميع جهات المملكة، علما بأن المدينة أعطت أبطالا رياضيين في العدو الريفي وطنيا و دوليا كالبطلة العالمية بوشرى الشعبي، و بها فريق محلي لألعاب القوى ، مركب سوسيورياضي للقرب سيفتتح في متم يوليوز المقبل ، كما أوضح ذلك مندوب وزير الشباب و الرياضة . قطاع التعليم: مدينة يزيد عدد سكانها عن 27000 نسمة حسب إحصاء 2004، بالإضافة إلى نسبة كبيرة من سكان المحيط، الذي يعتبر من أكبر روافد المدينة بالنسبة للتعليم الثانوي بسلكيه، بها ثانوية تأهيلية وحيدة و إعداديتان و خمس مدارس، لم تعد تلبي حاجيات الإقبال المتزايد على التمدرس، لا سيما مع إغلاق مدرسة الخيزران التي تصدعت جدرانها و أصبحت مهددة بالانهيار، وهي التي ستتم إعادة بنائها لتتحول إلى ثانوية كبيرة كما وعد بذلك نائب وزارة التربية الوطنية، بالإضافة إلى مشاريع أخرى سترى النور بداية من السنة المقبلة، كإحداث مدرسة ابتدائية بالجهة الجنوبية، و ثانوية تقنية، و تقسيم مدرسة محمد السادس التي تعرف اكتظاظا كبيرا إلى مدرسيتين متجاورتين. الثقافة: الشأن الثقافي مغيب بالمدينة على مستوى البنيات و التجهيزات، مركب ثقافي مبرمج منذ سنة 2009 لم يفعل حتى اليوم، دار شباب وحيدة في حاجة إلى تجهيزات تلبي حاجيات الشباب. - التنمية المستدامة: شركات الاسمنت الكبرى التي أنشئت بالمنطقة، لم تلعب دورها في التنمية عبر خلق فرص للشغل ، و مشاريع تنموية يستفيد منها أبناء المنطقة. و كذا تأثيرات موادها الصناعية على سلامتها البيئة. في ختام هذا اللقاء أعطى الوالي مجموعة من التوجيهات المستقاة من تجارب بجهات أخرى، استطاعت حل مشاكلها بطرق تدبيرية تشاركية و تعاقدية في إطار حكامة جيدة، و في هذا السياق حث أعضاء المجلس البلدي على تكثيف مجهوداتهم بالبحث عن حلول للمشاكل العالقة بطرق كل الأبواب، و استغلال كل العلاقات، بإعداد ملفات متكاملة قصد عرضها على كل الجهات وطنيا، جهويا و محليا، و عقد شراكات مع مؤسسات وطنية قادرة على الدعم و المساعدة كالصندوق الوطني للإيداع و التدبير و مؤسسة محمد السادس للتربية و التكوين.. كما دعا إلى نهج المقاربة التشاركية بالانفتاح على المجتمع المدني الذي يمكنه أن يلعب أدوارا طلائعية في العديد من المجالات. و في نهاية اللقاء عبر عن التزامه بوضع مصالح العمالة رهن إشارة كل أعضاء المجلس لتقديم الدعم و العون، و ضرب موعدا ثانيا للقاء آخر يوم 22 يونيو بنفس المكان يتم فيه تعميق النقاش و الإجابة عن الأسئلة العالقة.