أثار وعد رئيس الحكومة عبد الاله بن كيران للفقراء بدعم مادي مباشر، تساؤلات كثيرة لدى المواطنين حول طبيعة هذا الدعم وحول سقفه المادي؟ ومن سيستفيد منه بالتحديد؟ ومتى سيشرع في تطبيقه؟.. وإذا كان رئيس الحكومة لم يجب عن هذه التساؤلات، فإنه قدم في المقابل إشارات واضحة عن المصدر الذي أوحى له بإمكانية التخلي عن صندوق المقاصة وتوزيع الدعم نقدا إلى الفقراء، وهي الدراسة حول المقاصة التي قدمها له مؤخرا عبد العالي بنعمور رئيس مجلس المنافسة، والتي أثنى عليها عبد الإله بنكيران في حواره التلفزيوني مباشرة. وهي الدراسة التي تقترح إصلاحا مبنيا على تحرير أسعار المواد المدعمة، المقرون بامتيازات ضريبية موجهة للمقاولات الوطنية وبالمساعدة المالية المباشرة للفئات الفقيرة والتي تتكون من فئتين الأولى تتموقع تحت عتبة الفقر، والتي تمس حوالي 3 ملايين مغربي والثانية تتكون من المستفيدين من برنامج راميد، والبالغ عددهم قرابة 9 ملايين مغربي. وتقترح الدراسة أن يستفيد المعنيون من تعويض مالي بقيمة 508 أو 426 درهما للفرد الواحد سنويا حسب السيناريوهات المعتمدة. وفي أحسنهما فإن نصيب الفرد من هذه المساعدات لن يتعدى 43 درهما شهريا . كما يقترح أحد السيناريوهات توزيع مبلغ جزافي لكل أسرة فقيرة بقيمة 6000 درهم سنويا بمعدل 500 درهم شهريا. أما بالنسبة للذين يعيشون تحت عتبة الفقر، فسيتوصلون ب1200 درهم للفرد سنويا، أي 100درهم شهريا. مصادر مقربة جدا من الحكومة أكدت لنا أن تسرع بن كيران في دعوة المواطنين المعنيين إلى تحضير بطاقاتهم الوطنية، وفتح حسابات بنكية وبريدية لتلقي هذه المساعدات خلق ارتباكا لدى مجموعة من الوزراء الذين يشتغلون على هذا الملف، خصوصا وأن حذف نظام المقاصة ليس واردا بالمرة في البرنامج الحكومي وأضافت مصادرنا أن وزراء حزب الاستقلال المشاركين في حكومة عبد الإله بنكيران تفاجأوا بحديثه عن حذف المقاصة، لا سيما وأن حزبهم ظل يدافع عن الإبقاء على صندوق المقاصة مع إصلاحه بالتدريج. كما اعتبرت ذات المصادر أنه ليس لدى الحكومة حاليا أية آليات لتطبيق الاستهداف المالي المباشر، والذي يقتضي التوافق حول طبيعة المستهدفين وعددهم والمعايير التي ستحكم عملية توزيع الأموال على الفقراء. من جهته قال الخبير الاقتصادي عزيز لحلو إن الدعم المباشر للفقراء لن يكون كافيا لمواجهة عواقب التحرير، حيث أن من شأن هذا القرار أن يرفع من نسبة التضخم إلى مستويات قياسية، وأن يترك المواطنين بجميع أصنافهم عرضة لتقلبات السوق . وأكد لحلو أن خطورة حذف صندوق المقاصة تتجلى في تفقير الطبقة الوسطى التي تعتبر المحرك الحقيقي للطلب الداخلي. وأضاف أن إصلاح المقاصة رغم أنه ضرورة ملحة، فإنه لا يجب أن يطرح بهذا الاستسهال لأنه أكثر تعقيدا مما جاء به رئيس الحكومة.