ربما من أفضال الكاتب الصحفي، حسن نرايس، أنه يلهث اشتغالا خلف الموت أو الرحيل كلما أفلت نجمة روح عزيز حبيب أو ما شئت. ليس اللُهاث بمعنى نهاية السطر في ثنيات حرقة المرثية ومواجعها الكابرة والسلام، ولكنه اللهاث الضمني المفكر فيه خلف هندسة إعداد مقامات من الضياء ولو النسبي تليق بقامة الراحل المشرع على الأبدية كالبحار وكالصحراء، وهو ما يعني تدبير شأن الزمن وامتداداته، وفق مواصفات تستحضر الراحل بيننا أبداً ضداً على حتمية سلطان الموت. إن الإعداد الحميمي لمقامات نصوص من الحيرة والدهشة وتعداد الخصال المدموغة بالأسى والأسف، والمبللة دموعاً سرية حرَّى، هو انشغال في العمق على استمرارية الراحل ومداومته بيننا، على خلفية استلهام الموت كفصل متجدد للحياة وإن بشكل مختلف. من هنا تستوي وفق معنى القادم من الأيام/ حين لا تاريخ غير سلطة النسيان: قيمة فكرة/ حسن نرايس، وهو يكابد لهاثاً خلف منجز ضوئي نصوصاً للأحبة والأصدقاء، تختزل/ في كتاب: غيضاً من فيوض إشراقات مسار الفقيد الكبير والأعز، الأستاذ الناقد: محمد سكري. إن النصوص المقامات داخل مدار هذا المنجز الكتاب، وهي تستوي من موقع الإقرار بالكفاءة والمهنية ونكران الذات، لا تتماهى ونهر البكاء الغريب بصرف النظر عن حر الفقد، ولكنها تستلهم الإبرة كقلم والخيط كمداد والكفن كبياض مد يد العمْر يستحث على استحضار مسارات حياة الراحل وذكرياته أبداً. تدبروا منجز إعداد: حسن نرايس، وتمثلوا شفافية روح محمد سكري، إلا من موته الذي خلفه وراءه بيننا، نحن الأموات لغاية إشعار حياة أخرى.