قريبا من العقل وبمنأى عن ملامسة مايشبه الدجل العاطفي المشفوع بالمراثي، وهو المشترك على اية حال بين المحبين الحقيقيين من غيرهم.. والذين تنظمهم المتاهة وفق الصيغة الانسانية اللاموضع لها في غير ضعاف القلوب ممن بهم خصاصة، يظل الابدي :محمد سكري/ أبدي، مادام النقد السينمائي يتعثر في مراهقة دمه، على اعتباره واحدا من قلة حاولوا جاهدين استنهاض هذا النقد وتقويم اعوجاجه تحت ظل سقف كذبة كبيرة اسمها: السينما المغربية. كان، سكري، ويكون الأبقى، ممن يكتبون المدموغ بالمتبقي. من منظور اعتباره خارج النشائين، القوالين. كان- يكون،يكتب المفكر فيه، الذي لا ينتهي بنهاية مآل النص، كمنتوج، منجز ابداعي/ ثقافي/ فكري، مختوم، مغلق، كان يكون يكتب المسترسل في الدم. كتاباته لا متناهية، وهو ما يعني استثنائيته المغمورة، سواء على مستوى قصصه القصيرة، المنشورة في الاتحاد الاشتراكي - او غيرها من النصوص الوالغة في جسد السينما المتهالك. ظل محمد سكري، من باب المفارقة مدموغا بالنسيان، وهو الحالة الفريدة العابرة في مسار ابداعنا المعطوب. ظله كالظل من خفقة الروح، يهدهد حضوره العابر جوانب الملتقيات/ التجمعات/ الندوات.. وهو سؤال مشهدنا الثقافي المضمور في التباس تعدد الاقنعة حد الموت - حين لا موت. سي محمد سكري، هو الذي ألغى المهني - الوظيفي الثابت، وركنه لسنوات لا متناهية في قاعة الانتظار، في مقابل مباهج التحول الابداعي وعوالمه المشغولة بالمكابدات. هو الاستاذ الجامعي المساعد، لم يسع أبدا لتهييء أطروحة الدكتوراه. ظل أبدا يؤجل الأمر لحد العزوف المرفق بالموت. وظل سحر السينماالأبقى يجتذبه بقوة وغواية الصورة ديدنه الذي يمتص اشكال الارتقاء المهني - الوظيفي المشفوع بانتفاخ الراتب المادي. هذه التضحية هي الخصلة النبيلة التي مهرت في صمت كينونة سي محمد سكري وسط اخلاط من المتهافتين الادعياء. محمد سكري كما قال محمود درويش: أمشط شعري وأرمي القصيدة في سلة المهملات وألبس أحدث قيمص إيطالي وأشيع نفسي بحاشية من كمنجات اسبانيا ثم أمشي إلى المقبرة.