لم يسقط نجمه على أرض غير «الجديدة» مازاكان، مسقط الرأس وسر حبل الهوى المسبوك بجغرافيا المغرب، الفنان الرسام الشيكر الوراق، المشرع على البحر والمدموغ بأسفار طويلة ثانوية، وهو ينمو وئيدا متعثرا في أسرار قراءة وتفكيك رموز ومعالم مرئيات آثار بقايا حقب تواريخ مدينته، الأصل والفصل، سوف يكتشف شأن أقرانه المنذورين لإعلاء شأن الذات، كمملكة للعالم، ذبيب ميولاته التعبيرية، للمسرح والرسم مبكرا. يم يتجاوز عمره الثامنة عشرة ربيعا عندما كان يبصم على مبتدى خيمياء «طفورة» ألوانه في معرضه - عرضه البكر بمدينة الجديدة، ولئن كانت الموسيقى، هي الأخرى من ذبيب ميولاته التعبيرية «لولاها لكانت الحياة خطأ، على حد تعبير الموسيقار بيتهوفن»، فسوف تستوي لاحقا، وهو ينخرط وئيدا في تشييد مساره الفني كضرورة فنية تنظم إيقاعاتها الخفية بنيات لوحاته - مخلوقاته البصرية المشغولة بسحر الإدهاش، ولأن البحر رمزيا غواية وإغراء، والذات من لهيب جمر لا تستأنس لمكان مدينة محنط بسلطة أرواح الأسلاف من غيرهم / شأن المدن المدمغة حد الدوار بتعاقب ماضي التواريخ، فقد عقد، الفنان - المبدع الشيكر الوراق العزم على السفر، مهتديا بتأشيرة خيمياء الألوان التي في البال، هكذا تأبط رأسمال تنويعات مرتجى أحلامه، وهاجر فنيا إلى بلاد السويد، ليصافح ثرى الكاتب المسرحي الكبير «أوجست سترندبرغ» وربما داعب خياله سحر عبقرية سينما العملاق «بيرغمان»، وعمره الذاهب حيث يشاء، آنذاك لم يتجاوز الثالثة والعشرين. داخل عزلة منفى، البحث فنيا عن الذات، وهو المدجج بغير مرتجى طموحات أحلامه، سوف يصافحه فيض المدارس الفنية، المرتكزة أساسا على مناهج اختراق بنيات التعاطي وأشكال الفنون التعبيرية من موقع تقليدي/ بما في ذلك الرسم التشكيل، عندما كانت السوريالية، تبصم على حضور قوي، يضمغ كينونة اللوحة / الشعر/ المسرح/ السينما بروح الإدهاش والمساءلة، عندما لم يعد العدي - التقليدي يستوعب ويساير لهيب جموح خيال الفنان - المبدع، غير أن «الشيكر الوراق»، وعن طريق أحد الأصدقاء البولونيين/ مؤسس مدرسة فارسوفيا، سوف يلامس ريح السوريالية من موقع البحث عن رفد تجربته، تجربة طريقه آنذاك، بآليات وشروط تقنية اللوحة، كأنما يبحث عن مجرى لعوالم حيوية نبض ألوانه الكامنة، كان يلهث خلف شكل/ أشكال تقوم صواب حيوية ألوانه، ولا يفقدها لاثر. هكذا استوى وئيدا نضج العابر من شكل أسرار الأرحام لحفظ جوهر مخلوقات أرواحه - لوحاته. ولعل هذا المعنى تختزله التعبيرية الصاعقة ل- بورتريهاته المدموغة بسر الجمالية المشفوعة بالإدهاش. إن الإحتكام هنا، لسر أرحامه - جمع رحم، ينفتح أبدا على/ الأنثى كأصل، هنا، الشكل ملتحما حد السحر بربيع خصوبته الدائم والأبدي، ولعل هذا الإختيار الجمالي، بعيدا عن المبادئ، هو سر إدراكه القوي لقدرة جغرافيا جسد المرأة على استنهاض أسرار العالم/ رؤيته الفنية لاستقراء الطبيعة الخفية للكون. فالمراة هي مهبط استلهام الألوان، وهي السر المفتوح، حد جدار الدنيا الأخير/الموت. جلب الشيكر الوراق، أروقة - معارض العالم، وخطفت أضواء بريق لوحاته الأبصار، وعاد أخيرا إلى البلاد الذاهبة لحال سبيلها منهكا، عليل البصر، يتأمل داخليا، مآثر ومعالم مدينته الأصل، الجديدة / مازكان .