تنتظرالمصطفى اضريس الذي عين عاملا جديدا على إقليم سيدي بنور، العديد من الملفات الحساسة تجعل مهمته شاقة و صعبة نتيجة ما يحتمه عليه وضعه الجديد في مباشرة و فتح العديد من ملفات الفساد بالإقليم والتحقيق فيها، منها مباشرة إصلاح تردي الأوضاع وتعثر العديد من مشاريع التنمية فيه و التصدي لعملية استنزاف خيرات الإقليم وثرواته ، إضافة إلى مواجهة الضعف الشديد في استقطاب الاستثمارات إلى المنطقة، بعد سنوات جف فيها ضرع الإقليم ورمت به وساكنته إلى أسفل درجات سلم التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية، رغم إمكاناته ومؤهلاته وموارده المهمة . في مواجهة المافيات التي أفشلت برنامج مدينة بدون صفيح يقدر عدد جماعاته الحضرية و القروية ب 56 جماعة و يمتد إقليم سيدي بنور على مساحة 2950 كلم مربع و يضم ساكنة يصل تعدادها إلى 400 ألف نسمة ، ويشمل نفوذه الترابي بلدتي سيدي بنور والزمامرة و حوالي 25 جماعة قروية، يغلب على إقليم سيدي بنور الطابع القروي باعتبار نسبة كبيرة من مساحته الإجمالية هي عبارة عن مراكز و مداشر ودواوير قروية، ما يجعله إقليما فلاحيا بامتياز، إذ يعد خزانا للحبوب و السكر و المزروعات العلفية و منتجا للخضروات و اللحوم الحمراء و الحليب و مشتقاته ، بحيث يعتبر القلب النابض لمنطقة دكالة، فضلا عن كونه يضم معظم الأراضي السقوية بالمنطقتين السفلى و العليا ، بل و يقع بترابه واحد من أكبر المصانع المحولة للشمندر السكري بالمغرب، و هو مصنع يوفر أزيد من 15000 طن من هذه المادة بشكل يومي بالإضافة إلى أحد أكبر الأسواق الأسبوعية على الصعيد الوطني، و يتعلق الأمر بسوق «ثلاثاء سيدي بنور» الذي يشتهر بتجارة الأبقار و المواشي و الخردة ... العديد من القضايا الاجتماعية ستطرح نفسها بقوة على مكتب العامل الجديد، وأولاها ملف السكن العشوائي، الذي جعل الإقليم يعيش احتقانا شديدا، خاصة بمدينة الوالدية و سيدي بنور و الزمامرة ، بعدما أخلفت المنطقة موعدها مع برنامج مدن بدون صفيح ، و الذي ضرب له موعد سنة 2007 للقضاء عليه نهائيا ، غير أن الأمر ظل على حاله بعد مرور أزيد من خمس سنوات لحد اليوم نتيجة «تلاعب» مجموعة من المتدخلين في هذا الملف، ووقوف معظمهم وراء الخروقات والتجاوزات التي عرقلت عملية محاربة السكن غير اللائق بالإقليم. وترتقب ساكنة الدور الصفيحية أن يبادر العامل الجديد إلى اعتماد مقاربة تشاركية في تدبير هذا الملف، بتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني، التي كثفت مؤخرا من احتجاجاتها للتنديد بتماطل الجهات المسؤولة في حل المشكل القائم، حيث خرجت بأعداد كبيرة، خلال الأسابيع الماضية، لخوض وقفات و مسيرات احتجاجية. إمكانيات طبيعية هائلة ولكن ... وعلى صعيد آخر، مازالت العديد من مدن الإقليم تفتقد إلى استثمارات حقيقية تنعش اقتصادها وتخفف من حدة مشكل البطالة، الذي تكتوي بلهيبه أغلبية شباب الإقليم ، ورغم أنها منطقة فلاحية بامتياز، فإن هذا الوضع لم تستفد منه سوى ثلة قليلة ممن استغلوا نفوذهم وموقعهم السياسي وقربهم من مواقع القرار للزحف على أراضي الجماعات وخيراتها، وبسط هيمنتهم على ممتلكاتها ، بعقود أبرمت في ظروف غامضة، مكنتهم من امتلاك ثروة هائلة في ظرف قياسي، ليظل الفلاحون في قرى عديدة يئنون تحت وطأة الفقر المدقع. ملف المجال الفلاحي والأوضاع المزرية التي يتخبط فيها و يعيشها فلاح الإقليم ، خصوصا في ما يتعلق بملف زراعة مادة الشمندر الذي عرف وقفات و مسيرات احتجاجية واسعة النطاق للفلاحين و شكل مصدر غضب عارم في أوساط الساكنة ، لذلك فمنتجو مادة الشمندر خاصة بمنطقة اثنين الغربية، يوجدون اليوم في وضعية جد صعبة نتيجة السنة البيضاء التي تعرفها المنطقة و التي فرضتها عليهم سياسة اللامبالاة التي تنهجها كوزيمار و تخلي المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي عن دعمهم و تشجيعهم و مساعدتهم في ظل الظروف القاهرة التي يمرون بها . وقف مسلسل التخريب والتشويه ومن المهام الجسيمة التي تنتظر العامل الجديد، وقف مسلسل التخريب والتشويه الذي يطال جمالية المنطقة وطبيعتها، بسبب العشوائية التي طبعت إنجاز عدد من المشاريع، التي رغم ضخامة الميزانيات التي خصصت لها، فإنها لم ترق إلى تطلعات الساكنة، ولم تحقق أي قيمة مضافة، وأبقت العديد من الجماعات في عزلة تامة عن محيطها، لعدم احترام منطق الأولويات. ويراهن البنوريون كثيرا على صياغة أجندة عمل تروم وقف التخريب والإهمال الذي يستهدف عددا من المناطق الطبيعية والأثرية ، كما هو الشأن بالزاوية التونسية بأربعاء العونات واثنين الغربية و غيرهما، ووضع خطة طريق محكمة لرد الاعتبار لها، و معالجة الأوضاع المتوترة في العديد من الجماعات و ما تعرفه من اختلالات و خروقات و إهدار للمال العام ، و مواجهة لوبيات الفساد على مختلف أشكاله و أوجهه ، و عدم الاقتصار على فحوى ومضامين العديد من التقارير المغلوطة في معالجة العديد من الملفات المفتوحة على جميع الاحتمالات. ضرورة فتح الأوراش الكبرى العامل الجديد مدعو اليوم إلى فتح أوراش كبرى لتحقيق انتظارات ساكنة إقليم سيدي بنور التي تتوق إلى رفع التهميش عنها، وتحقيق آمالها ، سيما تلك التي من شأنها أن تساهم في إخراج الإقليم من طابعه البدوي إلى طابع التمدن، وفي تقوية بنياته التحتية من طرق وشبكة الصرف الصحي والربط بشبكة الماء الصالح للشرب و كذا الكهرباء والنهوض بقطاعات الرياضة والشباب و التربية والتكوين والصحة من خلال توسيع شبكة البناءات المرتبطة بهذه المجالات، بل وتفعيل الخدمات داخل المستشفى الإقليمي بسيدي بنور الذي أنجز قبل 14 سنة بغلاف مالي يناهز ملياري سنتيم دون أن يؤدي الدور المنوط به ، حيث مازالت الأسر تعاني التنقل إلى المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة قصد تلقي العلاج. ومن الملفات الكبرى التي يتعين إنجاحها، ملف بحيرة الواليدية التي يلزم إنقاذها من التلوث وزحف الرمال عليها، وترجمة التعليمات الملكية بخصوصها على أرض الواقع، وإيقاف حركة مد البناء العشوائي ببعض دواوير هذا المنتجع السياحي، أضف إلى هذا ملف التغطية الأمنية ، سيما في ظل انتشار ظاهرة النقل السري والاتجار في المخدرات خاصة على مستوى الدواوير التابعة لمنطقة الزمامرة و التي طالما انتظر سكانها إسناد المهمة الأمنية للشرطة من خلال تفعيل مفوضية الأمن هناك حيث لايزال انتظار تدشين مقرها يشغل بال الساكنة ، وملف البطالة المنتشرة في صفوف سكان الإقليم من خلال جلب استثمارات وإحداث مناطق صناعية من شأنها أن تفتح سوق الشغل في وجه العاطلين. على عاتق العامل الجديد مسؤولية إعادة إقليم سيدي بنور إلى المكانة التي يستحقها، نظرا للإمكانيات والمؤهلات التي يتوفر عليها، ، و تنظيف محيطه ، واعتماد كفاءات مشهود لها لصنع التغيير المنشود. في الحاجة إلى إطلاق مشروع تهيئة المدينة ملف آخر ينتظر العامل الجديد هو مشروع تهيئة المدينة الذي أعطى جلالة الملك انطلاقته خلال زيارته الأخيرة للإقليم بعدما تم تقديمه سابقا لجلالته أثناء زيارته الأولى للإقليم ، وهو المشروع الذي تعلق عليه الساكنة آمالا كبيرة للخروج بالمدينة من الحالة الكارثية التي آلت إليها و التي أصبحت كابوسا و هما يؤرق كل البنوريين . ملف الفساد المستشري بجميع ربوع الإقليم و الذي ينخر جميع القطاعات حيث باتت المحسوبية و الزبونية ناهيك عن إهدار المال العام سمة بارزة ، هو كذلك من الملفات الشائكة، وكذا ملف دوار القرية الذي طال أمده و طالت معه معاناة ساكنة الأحياء الصفيحية ، كما طالت معاناتهم مع تجار الانتخابات الذين وجدوا فيه ضالتهم قصد تحقيق مخططاتهم الفاسدة و المفسدة و تمرير أفكارهم المبنية على الوعود الكاذبة ، لذلك بات من الضروري إيجاد حل لمشكل هيكلة دوار القرية الذي يقع بمدخل بلدية سيدي بنور و يضم حوالي 1800 منزل صفيحي ، إذ شكل باستمرار هاجسا أمنيا للسلطات. أمام العامل الجديد ملفات الفساد المتعلقة بظاهرة البناء العشوائي وظاهرة احتلال الملك العمومي و التحقيق في مشروع تهيئة الوالدية الذي عرف عدة اختلالات في تنفيذه و ملفات الجماعات القروية و ما تعرفه من اختلال في تدبير الشأن العام و استغلال منشآتها وممتلكاتها بشكل فظيع يخدم المصالح الشخصية دون العامة بعيدا كل البعد عما تنص عليه مقتضيات الدستور الجديد . الوضع البيئي وما تشهده مدن الإقليم من انتشار للأزبال و تدمير للفضاءات الخضراء و تلوث الهواء و الماء على حد سواء، وملف مافيا مقالع الرمال والأحجار والمشاكل المتفاقمة للتجار والمهنيين وأرباب الطاكسيات بصنفيها وغيرها ، بالإضافة إلى انتشار احتلال أغلب الشوارع الرئيسية والفضاءات الخضراء من طرف الباعة المتجولين وأصحاب المقاهي، ملفات آنية ينضاف إليها الفشل التنموي والتهميش الذي عرفته جل مناطقه، حيث يتحتم العمل على انتشاله من هذه الوضعية المقلقة .