في سياق ترجمتها للتقرير العالمي لليونسكو حول «الاستثمار في التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات» إلى اللغة الأمازيغية بشراكة مع المركز الكاطالاني لليونسكو وبتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، نظمت اللجنة الوطنية المغربية للتربية والعلوم والثقافة يوما دراسيا بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي تحت عنوان « التنوع الثقافي واللغوي بالمغرب» وقد نجح هذا اليوم الدراسي في تعميق التفكير حول قيم التنوع الثقافي وبلورة نظرة تحليلية للمسألة اللغوية بالمغرب في ظل الدستور الجديد، مع ما يتطلب ذلك من حماية للثقافة المغربية وللغات الوطنيتين، ومن بين المداخلات التي أوليناها الاعتبار في هذا المقام مداخلة الأخت ماجدوين ثريا التي أبرزت أن المغرب يتميز بتنوع ثقافي يجب احترامه واحترام التعدد الهوياتي والمحافظة عليه ضمانا للاستقرار الاجتماعي، وهو ما يستدعي سياسيا سلوك الديمقراطية منهجا لتكريس هذا التنوع والحفاظ عليه في ظل قيم التسامح والحرية والعدالة لما لذلك من عائدات على التنمية البشرية في شتى أشكالها، طبقا لما نصت عليه المواثيق الدولية. إننا ونحن نعزز «التنوع اللغوي والثقافي نتعلم العيش معا. فالثقافات تتفاعل فيما بينها، تفاعلا يحترم الخصوصيات الثقافية والدينية واللغوية للشعوب، لذا فالحفاظ على هذه المكتسبات وتنميتها يزكي مباهج الحياة ويشيد عوالم التعايش السلمي.» تقول الشاعرة والمثقفة ثريا ماجدولين. كما أبرزت أن العمل على المستوى الثقافي والتربوي في بلادنا في ظل الدستور الجديد يعتبر اليوم فرصة ثمينة لإسناد كل التحولات الإيجابية التي جاء بها هذا الدستور من إحداث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، والذي سيهتم بحماية وتنمية اللغات الوطنية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، إلى جانب تعزيز الانفتاح على الثقافات والحضارات الانسانية، مع مراعاة البعد الجهوي في التدبير الثقافي وهذا تماما ما ينسجم مع دعوة اليونسكو لاحترام وتعزيز التنوع الثقافي. كما أكدت على اعتبار اللغة عنصرا أساسيا لتنمية الثقافة، وليست مجرد وسيلة لنقل المعلومات، بل لها عوالمها التي تؤثثها عبر تشكلات المعنى، إنها صانعة القيم. لذلك فإن المغرب وباعتماده الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، يكون قد دخل مرحلة جديدة في تكريس أسس التنوع الثقافي، وهذه ثورة هادئة ابتدأت مع السنوات الأولى من عهد الملك محمد السادس، باستجابته للمطالب التي تعزز الأمازيغية، في وطن واحد غير مجزأ وله سيادته، بعد مخاض تاريخي امتد لفترات طويلة لعبت فيه الجمعيات المدنية دورا أساسيا. كما ذكرت بالمكانة التي تحتلها اللغات في مجالات اختصاص اليونسكو، «فاللغات تلعب دورا حيويا في التنمية، وهي ضمان للتنوع الثقافي والحوار بين الثقافات، بل هي أيضا وسيلة لتحقيق تعليم جيد للجميع، وتعزيز التعاون، وبناء مجتمعات المعرفة الشاملة والحفاظ على التراث الثقافي، وحشد الإرادة السياسية لصالح تطبيق فوائد العلم والتكنولوجيا لأغراض التنمية المستدامة». وقد ختمت المتدخلة كلمتها بدعوة الجميع إلى الإصرار على متابعة المسار معا يدا في يد من أجل الجميع وبالجميع. هذا ونشير إلى أن اللقاء عرف مجموعة من المداخلات لخبراء أجانب ومغاربة حيث تمت مقاربة مسألة التنوع الثقافي وتعدده والمسألة اللغوية من عدة جوانب، حيث توقف الحاضرون على أهم مضامين تقرير اليونسكو حول الاستثمار في التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات، كان مناسبة لمناقشته من طرف الحاضرين. كما ناقش الحاضرون في جلسة تالية السياسة اللغوية في المغرب، وإبراز مختلف إكراهاته وتلويناته.. حيث أجمع الجميع على التفعيل الديمقراطي والصادق للدستور من شأنه أن يدفع بحوار التنوع الثقافي واللغوي بالمغرب إلى التقدم.