فارق الحياة أربعة تلاميذ وأصيب 17 شخصا آخر من زملائهم بجروح متفاوتة الخطورة في حادث اصطدام حافة للنقل المدرسي بقطار قادم من مراكش في اتجاه الدارالبيضاء حوالي السادسة و 15 دقيقة من يوم الاثنين 21 ماي 2012 بمنطقة أولاد حسون حمري التي تبعد ب14 كلم عن مركز بن جرير إقليم الرحامنة . الضحايا من تلاميذ الثانوية الإعدادية التي توجد بمركز جماعة أولاد حسون حمري و تتراوح أعمارهم ما بين 11 و 15 سنة ، غادروا مدرستهم في اتجاه مكان سكناهم بدواري بكارة وسيد البهيليل ، على متن حافلة للنقل المدرسي تابعة لجمعية الرحامنة للخدمات الاجتماعية . عنف الحادث أدى إلى سقوط فوري لثلاثة قتلى بعين المكان من الأطفال المتمدرسين أتلف الاصطدام ملامح جثتهم ، في حين توفي رابع في الطريق لدى وصوله إلى المستشفى الإقليمي لبن جرير . ونقل خمسة جرحى كانوا في حالة خطيرة إلى المستعجلات الجراحية لمستشفى ابن طفيل التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش ، فيما أحيل ثلاثة آخرون على مستشفى الأم والطفل التابع لنفس المركز الاستشفائي. وتم الاحتفاظ بتسعة من الجرحى ممن وصفت إصاباتهم بالبسيطة بالمستشفى الإقليمي ببن جرير لتلقي العلاجات . مصادر طبية من المستشفى الجامعي بمراكش أكدت أن ثلاثة من الجرحى ممن نقلوا إلى مستشفى ابن طفيل قد وضعوا بالعناية المركزة، وأن حالتهم قد تستدعي تدخلا جراحيا. في حين أن حالة الاثنين المتبقيين مطمئنة ولا تدعو إلى القلق . أما الحالات الثلاث التي أحيلت على مستشفى الأم والطفل بمراكش فقد أدخلت اثنتان منها للعناية المركزة ، وخضعت الثالثة لتدخل جراحي مستعجل . وتلقى الجرحى الذين احتفظ بهم في المستشفى الإقليمي لبن جرير العلاجات اللازمة قبل أن يغادروا المستشفى في نفس اليوم . وشرعت مستعجلات ابن طفيل بمراكش في استقبال جرحى هذا الحادث المؤلم في حدود الثامنة و 35 دقيقة في ظل حالة تأهب قصوى شملت كل أقسام المستشفى وبمختلف تخصصاته وبحضور مسؤولي الجهة وعلى رأسهم والي مراكش محمد فوزي الذي دشن أول خروج رسمي له . واستنفر الطاقم الطبي للمستشفى ليكون في كامل الاستعداد لتدفق الحالات التي حظيت بعناية فائقة من قبل فرق العلاج خاصة بعد وصول خبر كثرة الضحايا. جريدة الاتحاد الاشتراكي التي انتقلت إلى بن جرير، عاينت أجواء الصدمة التي هيمنت على المدينة بفعل هذا الحادث المؤسف الذي سقط فيه أطفال أبرياء بسب تهور قاتل كلف الكثير من الأرواح وخلف العديد من الأعطاب في الأبدان والأنفس . ووصف خالد مصباح وهو فاعل جمعوي وحقوقي بالمنطقة الذي التقته الجريدة ببن جرير مشهد الحادث قائلا : « تمزقت الحافلة التي كانت تقل التلاميذ بفعل عنف الاصطدام، لتخلف مشهدا مهولا من الدماء والجثث التي اختلطت بالتراب . وهيمن جو من الصدمة على أسر الدواوير المحيطة التي شاع بينها خبر الحادث ، وامتلأ المكان بمظاهر الحسرة وطعم الألم المر، خاصة في صفوف أفراد الأسر المكلومة الذين من هول الخبر الصادم فقد بعضهم وعيه، ودخل البعض الآخر في بكاء هستيري ..» وقال فاعل آخر « نقلت جثث التلاميذ الضحايا والأجسام المعطوبة بجراحها مخلفة مكانها محفظاتهم المتناثرة وأحذيتهم الصغيرة وصنادلهم وأشياءهم البسيطة .. « وبمدخل المستشفى الإقليمي تجمع العشرات من أفراد أسر الضحايا منتظرين خبرا عن مآل وضعية أبنائهم الصحية، وكانت كل ملامح الغضب والحسرة والحزن والألم تتجمع في وجوههم . الروايات التي استقتها الاتحاد الاشتراكي من عين المكان عن سيناريو الحادث من بعض الأطفال الناجين، تشير إلى أن حافلة النقل المدرسي كانت متجهة لعبور تقاطع مع سكة القطار يوجد بالقرب من منعرج . و عند رؤية القطار قادما شرع الأطفال - ركاب الحافلة - في الصراخ لتنبيه السائق بضرورة التوقف ، إلا أنه في سلوك متهور أصر على عبور السكة ، قبل أن يقفز من الحافلة تاركا وراءه كارثة مفجعة . لكن بعض من ألفوا استعمال نفس الطريق قالوا إن «وجود المعبر عند منعرج للسكة الحديدية لا يسمح بتقدير المسافة الحقيقية التي يبعد بها القطار الذي يبدو بعيدا خلف المنعرج وما تكاد تقترب العربة من السكة حتى يصبح أمامها .» رواية أخرى تفيد أن السائق كان منشغلا لحظة مروره من السكة بتغيير قرص مدمج ، وهو ما اضعف تركيزه وانتباهه لاقتراب القطار . وهناك رواية أخرى لم تتأكد تفيد أن السائق لم يكن في حالة طبيعية لذلك لم يعر اهتماما لتنبيهات الركاب . السائق الذي نجا بأعجوبة من الحادث اختفى فور وقوعه ليسلم نفسه بعد ذلك للدرك الملكي . ويقول بعض أسر الضحايا أن هذا الخطأ الفادح الذي ارتكبه لم يكن مقبولا منه وخاصة وأنه كان يشتغل من قبل كسائق طاكسي ، بمعنى أنه سائق متمرس وحاصل على رخصة الثقة . وأوضح البعض الآخر أنه كان موضوع تشكي السكان الذي طالبوا غير ما مرة بتغييره . المعلومات التي حصلت عليها الاتحاد الاشتراكي أثناء زيارتها لبن جرير تشير إلى أن الضحايا الذين لقوا مصرعهم في الحادث هم ممن كانوا جالسين في المقاعد الخلفية للسيارة . لكون السائق تمكن من الإفلات من القسم الأمامي منها ، أما الاصطدام بالقطار فتم على مستوى قسمها الخلفي . وهو ما يفسر نجاة السائق وإصابة التلاميذ الذين كانوا يجلسون في المقاعد الأمامية بجروح طفيفة . السلطات الإقليمية انتقلت إلى مكان الحادث فور وقوعه وفي مقدمتهم عامل الإقليم ووكيل الملك الذي استمع لبعض الناجين ، وأمر بفتح تحقيق. وأشار السكان إلى أن مصالح الإنقاذ حلت بسرعة بمكان الحادث لتشرع في نقل الضحايا الذين وزعوا على مستشفيات مراكش وبن جرير . وقال فاعلون جمعويون وحقوقيون التقتهم جريدة الاتحاد الاشتراكي ببن جرير أن إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدية تتحمل مسؤولية مباشرة في هذا الحادث بسبب عدم تأمينها هذه الممرات التي تتقاطع فيها السكة الحديدية بالطريق بالحواجز والحراس ، موضحين أن هذا الحادث لم يكن هو الوحيد الذي يقع بهذا المقطع بل سقط فيه ضحايا كثيرون قبل ذلك في حوادث أخرى، مخلفا عددا من القتلى والمعطوبين بالمنطقة . واعتبروا أن الحادث المؤلم الذي وقع يوم الاثنين يجدد الدعوة مرة أخرى للمسؤولين لإقامة الحواجز وتأمين الممرات التي تتقاطع مع خطوط السكك الحديدية، وخاصة في أوقات الذروة . وذكر بلاغ للديوان الملكي أنه على إثر علم الجلالة الملك بالنبأ المحزن لحادثة اصطدام قطار بحافلة للنقل المدرسي قرب مدينة ابن جرير، بعث جلالته ببرقيات تعازي ومواساة إلى أسر الضحايا المكلومة وإلى المصابين، ضمنها مشاعر تعاطف جلالته معهم، ودعواته إلى الله العلي القدير بأن يتغمد المتوفين بواسع رحمته وغفرانه ، وأن يلهم ذويهم جميل الصبر وحسن العزاء، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل. كما أصدر جلالته تعليماته السامية إلى السلطات الأمنية والترابية المختصة، المركزية والمحلية، والمصالح الصحية من أجل اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة، لتقديم مختلف أشكال الدعم والمساعدة والعلاج لأسر الضحايا وللمصابين، مشاطرة من جلالته لآلامهم وتخفيفا لما ألم بهم. وقرر جلالته التكفل شخصيا بلوازم نقل جثامين الضحايا ودفنهم ومآتم عزائهم وبعلاج المصابين.