توفي أمس الأربعاء بإحدى المصحات بأكدال بالرباط، المناضل اليساري مومن الديوري، وأحد رفاق بنبركة وعمر بنجلون وتشي غيفارا والفقيه البصري واليوسفي وشيخ العرب وبن بلا. وكان الراحل قد قضى سنوات طوال في المنفى كمعارض لنظام الحسن الثاني، قبل أن يعود إلى المغرب بعد رحيل الحسن الثاني ودخول المغرب إلى مرحلة الإنصاف والمصالحة. بدأ مومن الديوري نشاطه النضالي والسياسي في حزب الاستقلال إسوة بوالده محمد الديوري، ثم التحق بباريس للدراسة سنة 1957 ثم بسويسرا سنة بعد ذلك حيث كان يدرس العلوم السياسية، ومن هناك، انتقل إلى مواقع الكفاح في صفوف الثورة الجزائرية بتوجيه من المهدي بنبركة الذي كان يمثل الجناح اليساري لحزب الاستقلال. حيث اضطلع الديوري بمهمة تنسيق العمل بين ثوار الجزائر والثوار الأمميين الكبار وباقي فعاليات الكفاح التحرري آنئذ، لاسيما في الأقطار الإفريقية.. وعند انطلاق «سنوات الرصاص» بالمغرب، مع وقوف مناضلي الاتحاد الوطني ضد الحكم الفردي، اختطف مومن الديوري سنة 1963، وبعد التحقيق معه في الثكنة الأمريكيةبالقنيطرة، تم نقله إلى المعتقل السري دار المقري، فمورست عليه مختلف أنواع التعذيب لحمله على الشهادة ضد قيادة الاتحاد وكان المخزن آنذاك، ممثلا في أوفقير، قد رتب كل شيء لإدانة قيادة الاتحاد، بناء على «التزام» الشاهد «بالاعتراف» بتورط تلك القيادة في المؤامرة ضد الملك، لكن مومن الديوري صرخ أمام القاضي: «نعم سيدي الرئيس إن هناك مؤامرة كبرى لكنها ليست ضد الملك وإنما ضد الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وقيادته ومناضليه»، مما أدى إلى الحكم عليه بالإعدام رفقة الفقيه البصري وعمر بنجلون كما حكم عبد الرحمن اليوسفي بسنتين سجنا موقوفة التنفيذ! وسيقضي الديوري بالسجن، في حي الإعدام حوالي سنتين، قبل أن يلغى الحكم. إثر ذلك ستندلع مظاهرات ما سيعرف بأحداث الدارالبيضاء أو مجزرة 23 مارس 1965. ولما خرج الديوري من السجن، اكتشف أن رفيقه ومثله الأعلى «شيخ العرب» قتل، وهو في السجن ثم اختطف واغتيل، بعد ذلك، رفيقه المهدي (29 أكتوبر 1965).. فكان أن دخل في اختفاء طوعي عن الأنظار حوالي خمس سنوات، حيث تزوج بالمخرجة السينمائية الشهيرة فريدة بليزيد التي رزق منها ببنتين؛ عايدة (مصممة ملابس و كنزة معنية بالشؤون المالية). ولما اشتد القمع الذي رافق أجواء محاكمة الفرقاني ومن معه، شد الرحال سنة 1971إلى فرنسا. وهناك، تزوج ابنة أحد قادة الثورة الفيتنامية، لينجبان أمين، (40 سنة)، وريما وإيمان: تواصلان دراساتهما العليا بباريس).. ومن هناك ألف كتابا استعرض فيه مختلف الفظاعات التي عاشها وكان ضحية لها، أو التي واكبها ورصدها في تراكم ما سيشتهر فيما بعد ب «سنوات الرصاص». ، متأثرا بالضغوط النفسية التي تعرض لها داخل السجن، ليتم اتهامه من طرف الفرنسيين في ما عرف بقضية المجوهرات التي كانت لها علاقة بجيسكار ديستان.كما اتهم في قضايا الاتجار بالسلاح. وليبعد الديوري إلى الغابون، فيما سيصبح حدثا دوليا تابعته فضائيات العالم.ولقد رفض الديوري كل العروض البديلة بما فيها عرض السفير السويسري بالغابون، بمنحه اللجوء السياسي ببلده، إلى أن اضطر المسؤولون الفرنسيون إلى التراجع عن هذا القرار. رحم الله مومن الديوري. وسيوارى جثمان الراحل يومه الخميس بعد صلاة العصر بمسجد مشيش ببئر الرامي بمدينة القنيطرة حيث مسقط رأسه..