شهدت الطريق الرابطة بين إغيل امكون وقلعة امكونة عند محور منطقة بوتغرار حادثة سير خطيرة، كان أغلب ضحاياها من تلاميذ ثانوية ألمدون الإعدادية. تعود تفاصيل الحادث إلى صباح يوم السبت 12 ماي 2012، حيث كانت أربع سيارات نقل مزدوج (ترونزيت) تحمل تلاميذ المؤسسة المذكورة، في إطار رحلة مدرسية إلى كل من ورزازت وزاكورة، فإذا بسيارة من نوع «رونو 19» آتية من الجهة المقابلة تفاجأ سائق سيارة النقل الأولى باحتلالها معظم الطريق، حيث انحرف السائق إلى اليمين، ليرتمي في منحدر تلي يفضي إلى الوادي على عمق أربعة أمتار و80 سنتيم، مخلفا 17 ضحية بجروح متفاوتة منها ثلاثة في حالة خطيرة بمن فيهم السائق ذاته. وحسب مصادر مطلعة من عين المكان فإنّ السائق كان يسير بسرعة لا تتناسب والمكان الذي يعبره، فالمنطقة جبلية معروفة بوعورتها وضيقها(كثرة المنعرجات والمنحدرات والمرتفعات). هذا، وقد هرع رجال الوقاية المدنية بقلعة امكونة والهلال الأحمر المغربي(المكتب المحلي) والدرك الملكي على وجه السرعة إلى عين المكان لتقديم الإسعافات الضرورية والوقوف على ملابسات الحادث، كما شهدت المنطقة توافد ممثلي الجماعتين المحليتين(إغيل نومكون وأيت واسيف) والسلطات المحلية بالمنطقة وغيرها. أمّا الحالات الخطيرة فقد تمّ نقلها إلى بومالن أولا، ثم إلى مدينة ورزازات بعد قطع ما يناهز 140 كلم ما بين مكان الحادث وبومالن ثم ورزازات، وخلال كتابة الخبر توصلنا من مصادر موثوقة بخبر وفاة ضحية بعدما تم نقله إلى مدينة مراكش(200 كلم عن ورزازات) لاستعصاء حالته. يذكر أنّ جماعة إغيل نومكون تحتضن نسبة سكانية لا بأس بها وتعيش عزلة وتهميشا واضحين على مستوى البنيات التحتية لاسيما على مستوى القطاع الصحي، حيث يتعين على السكان قطع مسافة 200 كلم إلى ورزازات إذا تعلق الأمر بحالة صحية حرجة مثلا، تستوجب التدخل المستعجل، فحاضرتي قلعة امكونة وبومالن دادس باعتبارهما أقرب نقطتين لجماعة إغيل نومكون(المغرب العميق) ليستا مؤهلتين على المستوى الصحي والاستشفائي لاحتضان مثل هذه الحالات الموصوفة بالخطيرة أو الحرجة، فكم من حالة وفاة شهدتها المنطقة لمرضى أو مصابين قضوا في الطريق بين قلة امكونة أو بومالن دادس وورزازات، وهو ما يطرح السؤال بالعرض وبالطول حول حضور إنسان المغرب العميق، في هذه الجغرافيا الشاسعة والآهلة، في أجندة المسؤولين وبرامجهم الميدانية على مستوى التجهيز والعنصر البشري المتخصص. فما الجدوى من بناء مراكز صحية ومستوصفات خالية من الأجهزة والمعدّات، وأحيانا من الأطقم الطبية المؤهلة والكافية، إذا كان إنسان هذه المناطق «يموت» في الطريق، أو داخل جدران بنايات باردة لا تفعل سوى إضافة أرقام لا دلالة لها (اجتماعيا) إلى رصيد المسؤولين والقطاع بصفة عامة ؟ وهذا هو الحال في قلعة امكونة وبومالن دادس، حيث يغدو المركزان الصحيان بهما مجرد فضاء لتسكين الآلام وتحرير وصفات الدواء، أو الولادة وخياطة الجروح في أحسن الأحوال.