تواجه حكومة بنكيران منذ وصولها أوضاعا اقتصادية جد صعبة، أكدتها أمس إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط التي نبهت إلى العديد من المؤشرات السلبية المتراكمة خلال الفصل الأول من العام الجاري، على جميع المستويات، لتقدم صورة قاتمة عن النفق الذي دخله اقتصاد وطني بات على مشارف أزمة متعددة الأوجه . إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط توقعت أن يشهد الاقتصاد الوطني تباطؤا في وتيرة نموه ليستقر في حدود %2,2 في الفصل الأول من 2012، عوض %5,3 في الفصل الذي قبله، حسب التغير السنوي. ويعزى هذا التراجع بالأساس إلى انخفاض القيمة المضافة للأنشطة الفلاحية بنسبة %11,7. وعلى الرغم من العودة التدريجية للطلب الخارجي على السلع المغربية وعلى مواد التجهيز والاستهلاك التي قد تكون ارتفعت بمعدل %5,1 ، خلال الفصل الأول 2012 حسب التغير الفصلي، إلا أن سلة الواردات لا تكف عن الارتفاع الذي بدأته منذ عدة فصول حيث ازدادت ب %5,3، في الثلاثية الأولى من العام الجاري مدعومة بزيادة مشتريات المواد الطاقية والاستهلاكية والمواد نصف المصنعة، في أعقاب ارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية. ولم تسلم القدرة الشرائية خلال الشهور الثلاثة الماضية من وقع هذه المؤشرات السلبية، حيث كشفت الاحصائيات أن أسعار الاستهلاك شهدت ارتفاعا قدره %0,6، في الفصل الأول 2012، حسب التغير الفصلي، والمصحح من الآثار الموسمية. وهذا التطور يرجع بالأساس إلى زيادة %1,4 في أسعار المواد الغذائية، موازاة مع ارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية، و خاصة الحبوب. وبدورها، عرفت أسعار المواد غير الغذائية بعض الارتفاع بعدما انخفضت في الفصل الرابع 2011، بسبب تراجع أسعار المكالمات الهاتفية. في المقابل، عرف معدل التضخم الكامن نموا قدره %0,3، حسب التغير الفصلي، بعد ارتفاع بنسبة %0,2 في الفصل الذي قبله. في نفس الوقت عرف نمو الكتلة النقدية بدوره بعض التباطؤ، بداية هذه السنة، موازاة مع تقلص سيولة الأبناك، وذلك نتيجة انخفاض الموجودات الخارجية وتفاقم العجز التجاري، في حين استمر تمويل الإدارة المركزية في الارتفاع. غير أن أهم ما ينبغي الانتباه إليه في ظل هذه الظرفية الاقتصادية العسيرة هو كون القطاعات التي أبدت خلال السنة الماضية بعض المناعة، وساهمت في امتصاص تداعيات الأزمة، بدأت هي الأخرى تتراجع متأثرة بمحيط دولي غير مستقر، ويتعلق الأمر أساسا بأنشطة التعدين وخاصة قطاع الفوسفاط والأسمدة، وهو القطاع الذي ساهمت صادراته خلال السنة الماضية ب 12.5 مليار درهم ، إذ بدأ خلال مطلع العام الجاري يفقد ديناميته التصديرية حيث تراجعت الأنشطة الفوسفاطية بداية هذه السنة، تزامنا مع انخفاض الطلب العالمي على الأسمدة، ويعول المغرب على تحسن أنشطة استخراج المعادن الأخرى، ليساهم في التقليص من حدة هذا التراجع، و لتستقر نسبة الانخفاض في حدود %-9,4 في الفصل الأول2012 .كما أن قطاع السياحة بدوره عاش خلال الشهور الثلاثة الاولى وضعا متأزما أكدته أول أمس إحصائيات وزارة السياحة التي تحدثت عن تراجع المبيتات الفندقية بأزيد من 11% وتراجع الوافدين على التراب الوطني ب5 % .