قطف مانشستر سيتي الإنكليزي ثمار الاستثمار الذي قام به في يوليوز، عندما قرر إنفاق حوالي 30 مليون يورو من أجل إقناع برشلونة الإسباني بالتخلي عن خدمات لاعب وسطه الإيفواري يايا توري. واعتبر الجميع أن مالك ال «سيتيزينس» الشيخ الاماراتي منصور بن زايد آل نهيان بالغ عندما قرر أن يدفع هذا المبلغ من المال لضم اللاعب العاجي، ومنحه حوالي 250 ألف جنيه كراتب أسبوعي، ما جعله أحد أغلى اللاعبين في العالم. لكن هذا الاستثمار لم يذهب هدرا على الاطلاق، لأن توري تمكن يوم الأحد من منح سيتي ما لا يقدر بثمن، على أقله بنظر جماهير ال «سيتيزينس»، بعد أن وضع فريق المدرب الإيطالي، روبرتو مانشيني، على عتبة منصة التتويج والفوز باللقب الدوري الانكليزي الممتاز للمرة الأولى منذ 44، بتسجيله هدفين غاليين جدا في مرمى نيوكاسل يونايتد (2 - 0) في المرحلة السابعة والثلاثين، قبل الأخيرة. وكان نيوكاسل يقف حائلا بين سيتي ومجد طال انتظاره بالنسبة لمشجعي الفريق الأزرق، الذين يحلمون بإحراز لقب الدوري للمرة الأولى منذ 1968، لأنه العقبة الصعبة الأخيرة في وجهه، كون فريق مانشيني يواجه كوينز بارك رينجرز المتواضع على أرضه في المرحلة الأخيرة. وتمكن سيتي من تخطي هذا الاختبار المصيري بفضل توريه، ليرفع رصيده إلى 86 نقطة في الصدارة بنفس عدد النقاط، لكن بفارق 8 أهداف عن جاره اللدود مانشستر يونايتد، حامل اللقب، الذي تمكن من تخطي ضيفه سوانسي سيتي بهدفين نظيفين أيضا. واصبحت الطريق ممهدة أمام سيتي بفضل توريه للفوز باللقب للمرة الأولى منذ 44 عاما، والثالثة في تاريخه، لأنه يتعين على جاره يونايتد تعويض فارق 8 أهداف في مباراته الأخيرة أمام مضيفه سندرلاند لكي يحسم اللقب لمصلحته للمرة الثانية على التوالي والعشرين في تاريخه. ولم تكن مهمة فريق مانشيني، الذي أزاح يونايتد عن الصدارة بالفوز عليه 1 - 0 في المرحلة السابقة على «ملعب الاتحاد»، سهلة على الاطلاق في مواجهة نيوكاسل الذي صمد على أرضه حتى قرر المدرب الايطالي إخراج الفرنسي سمير نصري في الدقيقة 62 وإدخال الهولندي نايغل دي يونغ لكي يتولى الأخير المهام الدفاعية في خط الوسط، والسماح لتوريه بأن يتقدم بشكل أكبر نحو المرمى. وكان مانشيني مصيبا بقراره، إذ جاء الفرج لفريقه في الدقيقة 70 عبر توري، الذي وصلته الكرة خارج المنطقة الجزاء بتمريرة من الأرجنتيني سيرخيو أغويرو، فسددها بحنكة في الزاوية اليسرى لمرمى الحارس الهولندي تيم كرول، ثم وجه الضربة القاضية لنيوكاسل في الدقيقة 89 عندما وصلته الكرة على الجهة اليسرى لمنطقة أصحاب الأرض، بعد تمريرة من الفرنسي غايل كليشي، إثر هجمة مرتدة سريعة فسددها على يمين كرول، ليسجل هدفه السادس هذا الموسم ويؤكد حصول فريقه على ثلاث نقاط «ذهبية». «يوم السبت، قال لنا خلال التمارين إن دوره قد حان من أجل يلمع. كان يؤمن بهذا الأمر، وعندما تسمع هذا النوع من الأمور يصدر عن لسان هذا النوع من اللاعبين، فتبدأ تصديق ما يقوله أيضا»، هذا ما قاله مدافع سيتي جوليون ليسكوت لصحيفة «مانشستر ايفنينغ نيوز» عن زميله الإيفواري. وليسكوت ليس الشخص الوحيد الذي يؤمن بقدرات توري، بل إن مانشيني يعتبر اللاعب الإيفواري من الركائز الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها، والدليل الأبزر على ذلك هو أن توري بين اللاعبين الخمسة الأكثر مشاركة مع الفريق هذا الموسم، رغم اضطراره للابتعاد عنه لمدة شهر بسبب مشاركته مع منتخب بلاده في كأس امم افريقيا أوائل العام الحالي. وقبل المباراة استعدى مانشيني لاعبه الإيفواري ليتحدث إليه جانبا. «قال لي إن علي الارتقاء إلى مستوى الحدث. لطالما اعتقدت أني جئت إلى هذا النادي من أجل كتابة التاريخ»، هذا ما قاله توري، الحائز على جائزة أفضل لاعب إفريقي لعام ،2011 بعد الفوز المصيري على نيوكاسل. وبدأ توري تدوين اسمه في تاريخ النادي الأزرق منذ الموسم الماضي، بتسجيله هدفين حاسمين في نصف نهائي الكأس المحلية ضد مانشستر يونايتد، ثم في النهائي ضد ستوك سيتي، ليمنح فريقه لقبه الأول منذ 25 عاما. وبالنسبة لتوري، الذي يحتفل بميلاده التاسع والعشرين في 13 الشهر الحالي، ما يحققه في سيتي يشكل امتدادا لما بدأه مع برشلونة، الفريق الذي توج معه بلقب الدوري الإسباني مرتين وبالقاب كأس إسبانيا وكأس العالم للأندية وكأس السوبر الأوروبية وكأس السوبر الإسبانية مرة واحدة، إضافة إلى لقب بطل دوري مسابقة دوري أبطال أوروبا، الذي توج به عام 2009 على حساب مانشستر يونايتد، الذي أصبح الخصم المفضل لدى اللاعب الإيفواري. ومن المؤكد أن توري قطع شوطا كبيرا في مسيرته الاحترافية منذ وصفه المدرب الفرنسي لأرسنال الانكليزي أرسين فينغر ب «اللاعب المتوسط» قبل تسعة أعوام، ليصبح اليوم أفضل لاعب في القارة السمراء، وأحد أفضل لاعبي الوسط في العالم، والقلب النابض لفريقه مانشستر سيتي ومنتخب بلاده. «يحيى توري لعب معنا مباراة إعدادية قبل موسم 2003 كمهاجم ثان وكان مستواه متوسطا» هذا ما قاله فينغر لصحيفة «دايلي تيلغراف» اللندنية. بيد أن اللاعب المتوسط أصبح نجما ساطعا في سماء مانشستر سيتي ومن قبل برشلونة.