بمناسبة زيارة السيد سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي، إلى المجلس الاوروبي، حيث التقى رئيس المجلس جون كلود مينيون وكذا الأمين العام للمجلس السيد جوجلاند، وهي كلها مباحثات كانت حول العلاقات الثنائية بين المجلس الأوروبي والرباط، خاصة بعد حصول البرلمان المغربي على وضعية شريك في الديموقراطية، وكانت مناسبة ليتحدث وزير الخارجية المغربي أمام هذه المؤسسة ليشرح الإصلاحات التي شهدها المغرب وكذلك بمشاركة فريق برلماني حضر مختلف هذه الجلسات، يمثل الاحزاب الاساسية بالبرلمان سواء من الأغلبية أو المعارضة، حيث أصبح بإمكان أعضاء البرلمان المغربي التدخل والاقتراح في المواضيع التي يتناولها زملاؤهم البرلمانيين من حوالي 47 بلدا أوربيا. وقد أكد وزير الخارجية المغربي أمام الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي استعداد المغرب التجاوب الإيجابي مع متطلبات هذه الشراكة وإغنائها في نفس الوقت بتجربته الخاصة - في أي إطار تدخل زيارتكم السيد الوزير إلى المجلس الاوربي؟ - مجلس أوربا هو مؤسسة أوربية تم تأسيسها سنة 1949، الهدف منها الحفاظ وتدعيم مجموعة من القيم الخاصة بالديموقراطية وحقوق الإنسان ومساواة الفرص بين الرجال والنساء. وأهمية هذه المؤسسة ليس فقط بأوربا، بل في الجوار الأوروبي والمغرب له علاقات قوية وتزداد مع الوقت في عراقتها منذ سنوات طويلة، وحاز على عضوية البندقية سنة 2007 وعضوية لجان مؤسسات أخرى وبدأ المغرب يشارك في الجمعية البرلمانية أوروبا، ومع الوقت تم التفكير في خلق إطار يسمح لبلدان الجوار بالمشاركة في هذه المؤسسة، وتم إحداث وضع «الشريك الديموقراطي» الذي كان أول بلد يطالب به ويحصل عليه. اليوم البرلمان المغربي هو أول برلمان يحصل على هذا الوضع، وهو نفس الوضع الذي حصل عليه المجلس الوطني الفلسطيني، وبذلك فالمغرب وفلسطين هما البلدان العربيان اللذان يتمتعان بهذا الوضع في انتظار حصول بلدان أخرى من شمال أفريقيا على هذه الوضعية. لماذا أحضر اليوم هذه الاشغال، أولا لأنني شاركت شخصيا في أشغال هذا المجلس كبرلماني منذ سنة ونصف، في إطار البرلمان المغربي، وحضرت النقاش الطويل حول نقاط تهم المغرب فيما يخص الهجرة، وضعية المرأة، الاصلاحات السياسية، وكنت ضمن الوفد المغربي الذي ناقش حصول المغرب على وضعية الشريك الديموقراطي. وأردت من هذا الحضور إلقاء كلمة أمام الجمعية البرلمانية الأوروبية، وذلك من أجل التعريف بالإصلاحات التي قام بها المغرب ومن أجل الدفاع عن قضايا المغرب أمام هذه المؤسسة، ولنعطي إشارة إلى أن الحكومة المغربية تسير على نفس النهج في إعطاء أهمية لشراكة مع المجلس الأوروبي ومؤسسات هذا المجلس. - المجلس الاوربي يولي أهمية خاصة للوضع بالبلدان العربيةو وقد نظم عددا من الندوات سواء في الدورة السابقة أو في الدورة الحالية حول الربيع العربي، بصفتكم وزير خارجية المغرب، هل تطرقتم لأوضاع المنطقة سواء مع السيد جون كلود مينيون رئيس المجلس أو توربجون جاكلند الأمين العام للمجلس، خاصة أن المغرب يلعب دورا مهما في قضايا المنطقة سواء كعضو غير دائم بمجلس الأمن أو عضو الجامعة العربية أو عضو فاعل بمجموعة أصدقاء سوريا ؟ - أولا فيما يسمى الربيع العربي وأنا أسميه الربيع العربي الأمازيغي ،لأن للأمازيغ دورا في هذه التحولات، هي تحولات هزت المنطقة، وهي تحدي للتصور الكلاسيكي للأوروبيين وللمؤسسات الأوربية لما يقع في الجنوب، وهذه الثورات والتحولات السياسية في جنوب المتوسط برهنت عن أن الشمال الأوروبي في مواقفه، وخصوصا في البداية، لم يكن يعرف جيدا الجنوب، والموضوع الثاني أن هذا الربيع العربي برهن عن أن شعوب الجنوب هي شعوب حية قوية قادرة على أن تصنع التغيير، وأن تقود التحولات على عكس بعض الكتابات والتصورات المغلقة التي يروج لها اليمين المتطرف في الشمال هذا من جانب، والجانب الآخر أن مشكلة الأزمة السورية تلقى أهمية من المغرب بحكم دوره الأقليمي الرائد كعضو بالجامعة العربية وعضو غير دائم بمجلس الأمن وبحكم دوره الرائد في الإصلاحات السياسية بالمنطقة يعمل إلى جانب دول عربية أخرى على العمل على وقف العنف المسلط على الشعب السوري وإؤسناد مبادرات الجامعة العربية والدفاع عنها في المنتظم الدولي، وقد قام المغرب بدوره في هذا المجال على أحسن ما يرام، وحاز تقدير كل شركائه وهو اليوم فاعل أساسي في هذا الملف. وسوف يستمر المغرب في هذا المسار حتى يحصل الشعب السوري على كل مطالبه السياسية التي تليق به كشعب متجذر في الحضارة ومتجذر في التاريخ وقادر على خلق التحولات بنفسه، رغم كل المباردات والمحاولات التي طالت أكثر من سنة بمساهمة الجامعة العربية التي كان المغرب أحد الفاعلين الاساسيين بها حتى آخر مبادرة وهي مبادرة كوفي عنان لوقف العنف وقيادة التحول السياسي، لأسف الشديد العنف مازال مستمرا ويتم يوميا عشرات القتلى ويجب أن تتحمل السلطات السورية مسؤوليتها كاملة فيما يقع من عنف وسحب الأسلحة الثقيلة والجيش من المدن وضواحي المدن وإدخالها الى ثكناتها ليبدأ الحل السياسي في أسرع وقت. - منذ بداية الربيع العربي أبدى المغرب اهتماما كبيرا بما يحدث بالمنطقة من تحولات، وأصبحت ديبلوماسيته تتابع الأوضاع بالمنطقة، فقد كنتم مؤخرا بموسكو، ثم باريس لحضور مجموعة أصدقاء سوريا، هل بإمكانك أن تحدثنا عن هذا التحول ؟ - الصحافة هي من يحكم على هذا التحول في الديبلوماسية المغربية، لكن في رأيي، أن الإصلاحات الجريئة التي شهدها المغرب بطبيعة الحال بقيادة جلالة الملك وتفاعل إيجابي لنخبة المغربية وتجاوب الشعب المغربي هي كلها معطيات أعطت للديبلوماسية المغربية جرأة أكثر على المستوى الجهوي والمستوى الدولي بامتياز. - قمتم مؤخرا بزيارة إلى روسيا التي تعتبر اليوم مسؤولة عن الصعوبات التي يتعرض لها الملف السوري من خلال وضعها الفيتو على بعض القرارات التي تخص الشعب السوري، هل تطور الموقف الروسي، وهل تناولت هذا الأمر في زيارتك الأخيرة لموسكو؟ - خلال زيارتي لاحظت تطور الموقف الروسي، والدليل على ذلك أن روسيا ساهمت بشكل فعال في القرار الأخير لمجلس الأمن وأصبح القرار الأخير لمجلس الامن بإجماع أعضائه، وروسيا لعبت دورا في ذلك، وكنا نقول دائما لروس إنه بإمكانهم لعب دور محوري في صنع التحولات السياسية بسوريا.