قررت الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا في دورة عادية بستراسبورغ يوم الثلاثاء 21 يونيو 2011 منح المغرب صفة «شريك من أجل الديمقراطية» من خلال اعتماد القرار1680، ووفقا لتأكيد البرلمان المغربي عزمه على ضمان الإقرار التام للالتزامات السياسية المنصوص عليها في المادة 60 من نظام الجمعية، وذلك بعد أن استفاد قبل أكثر من سنتين من «الوضع المتقدم» في علاقاته بالاتحاد الأوربي. ويعتبر هذا القرار بمثابة اعتراف بالإصلاحات الديمقراطية التي عرفتها بلادنا وبالتفاعل الإيجابي مع مطالب وانتظارات القوى الحية في سياق استمرار مسلسل الربيع الذي عرفته المنطقة المتوسطية بشكل عام والعربية بشكل خاص. ويعتبر المغرب أو بلد عربي إفريقي من خارج المجموعة الأوربية يحصل على صفة «شريك من أجل الديمقراطية»، حيث كان المجلس الأوربي قد اعتمد في يناير 2010 بندا جديدا يقضي بمنح هذه الصفة للبرلمانات في الدول المجاورة غير الأعضاء في الجمعية للاستفادة من مختلف التجارب من أجل تعزيز الديمقراطية وتوطيد مبادئ حقوق الإنسان والمشاركة في النقاش السياسي حول القضايا المشتركة التي تتجاوز الدول الأوربية. بناء على وضع «الشريك من أجل الديمقراطية»، فإن البرلمان المغربي بمجلسيه قد أكد بأنه يتقاسم القيم نقسها مع مجلس أوروبا وهي الديمقراطية التعددية والمتساوية ودولة القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ولذلك فالمؤسسة التشريعية المغربية ملزمة وفق هذا الوضع ب: 1- مواصلة الجهود من أجل توعية السلطات العمومية والفاعلين في الحياة السياسية والمجتمع المدني بالمضي قدما في النقاش الدائر حول إشكاليات عقوبة الإعدام والاستمرار في تشجيع السلطات المختصة على مواصلة الوقف الفعلي لعمليات عقوبة الإعدام المعمول به منذ عام 1993 والاعتماد على تجربة الجمعية البرلمانية الأوربية في هذا المجال بالإضافة إلى الخبرة التي تتوفر عليها اللجنة الأوربية من أجل الديمقراطية عن طريق القانون علما أن المغرب عضو في لجنة البندقية منذ قام 2007 . 2 - الاستمرار في تحسيس السلطات العمومية والفاعلين في الحياة السياسية بضرورة خلق الظروف المواتية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. 3 - تشجيع السلطات المختصة على الانضمام إلى الاتفاقيات والاتفاقات الجزئية ذات الصلة بالمجلس الأوروبي والتي يمكن التوقيع والمصادقة عليها من طرف الدول غير الأعضاء لاسيما المتعلقة بحقوق الإنسان ودولة القانون والديمقراطية. 4 - إخبار الجمعية البرلمانية الأوربية بانتظام بشأن التقدم المحرز في تنفيذ مبادئ المجلس الأوروبي ووضع أفق زمني لا يتعدى سنتين لتقييم تقدم الإصلاحات السياسية في المغرب. II - مؤسسات المجلس الأوربي: 1 - مجلس الوزراء الذي يضم وزراء الخارجية للدول الأعضاء ويعتبر الجهاز التقريري للمجلس الأوربي، يجتمع مرة واحدة في السنة على مستوى وزارة الخارجية وكل أسبوع على مستوى المندوبين (السفراء). 2 - الجمعية البرلمانية التي تضم 318 عضوا و318 نائبا يمثلون 47 برلمانا وطنيا، تجتمع 4 مرات في السنة لمناقشة القضايا الراهنة وتقدم طلباتها للحكومات الأوربية من أجل اتخاذ المبادرات وتقديم الحسابات. تعتبر الضمير الديمقراطي لأوربا والمحرك الأساسي للمجلس الأوربي حيث تشتغل على عدد كبير من المبادرات الرئيسية مثل الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان ويتم التشاور مع هذه المؤسسة الحيوية بشأن جميع المعاهدات الدولية داخل المجلس الأوربي إذ تنتخب قضاة المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان كما تنتخب الجمعية البرلمانية الأمين العام ونائب الأمين العام لمجلس أوربا فضلا عن أمينها العام الخاص. تقوم الجمعية البرلمانية بتتبع الوضع وتسعى جاهدة لمساعدة الدول على الوفاء بالتزاماتها، وفي حالة عدم قدرة دولة من الدول على احترام هذه الالتزامات لوقت طويل، يمكنها أن ترفض المصادقة على - أو إبطال - صلاحيات الوفد الوطني لهذه الدولة. وفي نهاية المطاف يمكنها أن توصي بتعليق عضوية تلك الدولة من المنظمة. 3 - المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان: أنشئت سنة 1959 وهي هيئة قضائية دولية تبت في الشكايات التي تتوصل بها من طرف أشخاص أو دول وتتعلق بخروقات تمس الحقوق المدنية والسياسية المتضمنة في الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان. أهم الاتفاقيات والاتفاقات التي انخرط فيها المغرب في إطار التعاون مع المجلس الأوربي: - الانخراط في اللجنة الأوربية من أجل الديمقراطية عن طريق القانون (لجنة البندقية) منذ فاتح يوليوز 2007 . - الانخراط منذ فاتح يوليوز 2009 في المركز الأوربي للترابط والتضامن العالميين (مركز شمال - جنوب) الذي يوجد مقره بمدينة لشبونة (البرتغال). وقد سبق لهذا المركز أن منح جائزة شمال - جنوب للأستاذ عبد الرحمان اليوسفي سنة 1999 . - العضوية في الاتفاق الأوربي والمتوسطي حول المخاطر الكبرى ((Europa . الانخراط في الاتفاقية المتعلقة بالحفاظ على الحياة البرية والمجال الطبيعي في أوربا. III - لقد رحبت الجمعية البرلمانية الأوربية بالتزام المغرب بتنفيذ إصلاحات دستورية ومؤسسية وسياسية وقانونية عميقة وشجعت السلطات الوطنية على الاستفادة من خبرة المجلس الأوروبي واستلهام معاييره للمضي بشكل جيد في هذه الإصلاحات، واعتبرت مشروع الدستور الجديد (المصادقة على وضع شريك من أجل الديمقراطية تمت قبل فاتح يوليوز 2011) يشكل مرحلة هامة نحو ترسيخ مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون. كما لاحظت الجمعية بأن التعاون بين المغرب والمجلس الأوروبي تعزز كثيرا في الآونة الأخيرة بعد انضمام المغرب لمركز الشمال - الجنوب في يوليوز 2009 واعتبرت أن وضع الشريك من أجل الديمقراطية يشكل إطارا مناسبا لالتزام أكبر من البرلمان المغربي لصالح عملية الإصلاح. في هذا السياق، تعتبر الجمعية البرلمانية الأوربية بأن أجرأة مجموعة من التدابير ضرورية لتعزيز الديمقراطية ودولة القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ويمكن إجمال هذه التدابير فيما يلي: - تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وفقا للمعايير الدولية باعتبارها تشكل حجر الزاوية الديمقراطية حقيقية وبالتالي تأمل الجمعية البرلمانية الأوربية أن تتوصل بدعوة لمراقبة الانتخابات البرلمانية في المغرب. - توعية الجمهور بشكل أفضل وإشراكه في العملية الديمقراطية وضمان مشاركة قوية في الانتخابات. - تعزيز المراقبة العمومية للانتخابات من خلال مراقبين مستقلين وبوجه خاص تحسين قدرات الشبكات الوطنية للمراقبين. - استشارة منظمات المجتمع المدني وإشراكها في العملية التشريعية وضع القرار. - ضمان تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في الحياة السياسية والعامة - تعزيز الديمقراطية المحلية والجهوية. - إلغاء عقوبة الإعدام الواردة في قانون العقوبات بالمضي أبعد من الوقف الفعلي لعمليات الإعدام المعمول به منذ سنة 1993 - محاربة الفساد والرشوة. - تنفيذ إصلاح القضاء من أجل ضمان استقلال القضاة ونزاهتهم. - تحسين تكوين القضاة وموظفي السجون وقوات الأمن في ما يخص احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان. - الانخراط في الآليات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وضمان تطبيقها الفعلي وبالأخص التعاون التام وفق الميكانزمات الخاصة بالأممالمتحدة وتنفيذ التوصيات الصادرة عن المراجعة الدورية الشاملة لهذه الهيئة الدولية. - منع التعذيب والمعاملات غير الإنسانية والمهنية تجاه الأشخاص المحرومين من الحرية ومكافحة الإفلات من العقاب لمرتكبي التعذيب وسوء المعاملة. - تحسين ظروف الاحتجاز وفقا لقواعد ومعايير الأممالمتحدة المتعلقة بمراكز السجون. - التنفيذ الكامل لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. - محاربة العنصرية وكره الأجانب وجميع أشكال التمييز. - ضمان الاحترام الكامل لحرية الضمير والدين والمعتقد بما في ذلك الحق في تغيير الدين. - ضمان حرية التعبير وتعزيزها واستقلالية وسائل الإعلام وتعدديتها وإزالة الرقابة وإنشاء قانون جديد للصحافة يضمن بشكل فعال حرية هذه الأخيرة. - تعزيز حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي وضمان التطبيق الصارم لقانون الجمعيات. - محاربة كل أشكال التمييز (في القانون والواقع) على أساس الجنس وضمان المساواة بين المرأة والرجل بما في ذلك الزواج بين الأديان ومكافحة جميع أشكال العنف القائم على الجنس وتعزيز تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل. - التطبيق التام لقانون الأسرة وتعزيزه. - الاستمرار في البحث عن وسائل سلمية لحل النزاعات الدولية وفقا لميثاق الأممالمتحدة، وفي هذا السياق فإن البرلمان المغربي تحديدا مدعو للإسهام بشكل أكبر في حل مسألة قضيتنا الترابية وفقا للقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وذلك بالرغم من الحملة التي خاضها الانفصاليون (البوليساريو) بهدف عرقلة حصول البرلمان المغربي على هذا الوضع حيث تجاهلت الجمعية البرلمانية الأوروبية ادعاءات الجبهة الانفصالية التي تعودت في السنوات الأخيرة على توظيف ورقة حقوق الإنسان في الجنوب المغربي. VI - إن حصول البرلمان المغربي على وضع «الشريك من أجل الديمقراطية » من طرف الجمعية البرلمانية الأوروبية في هذا التوقيت بالذات يعتبر دعما سياسيا ومعنويا من طرف الشريك الأوروبي للإصلاحات التي تعرفها بلادنا وعلى رأسها المراجعة الدستورية مما سيقوي القدرة التفاوضية لبلدنا على المستويات الإقليمية والأوروبية والعالمية. لقد تضمن الدستور الجديد العديد من المقتضيات التي تم اقتراح أجرأتها من طرف السلطات المغربية في إطار وضع «الشريك من أجل الديمقراطية» (تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، ضمان تكافؤ الفرص بين المرأة و الرجل في الحياة السياسية والعامة، تعزيز الديمقراطية المحلية والجهوية، محاربة الرشوة، التنفيذ الكامل لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، استقلال القضاء، حرية التعبير ، الحق في الحياة ...). إن هذا الوضع الجديد يلقي على المغرب مسؤولية الوفاء بالالتزامات والتعهدات من حيث إبداء مزيد من الاحترام للمواثيق الدولية خصوصا ما يتعلق بحقوق الإنسان وكذلك محاربة الفساد والرشوة وتحسين مؤشرات الحكامة وتحديدا الحكامة الأمنية وبلورة توجه اقتصادي يقطع مع الريع والاحتكار واستغلال النفوذ وإيلاء المسألة الاجتماعية في بعدها الشمولي الأهمية اللازمة من أجل تنمية مستدامة وتوزيع عادل للنمو عبر الفئات والجهات خصوصا وأن المؤسسات والرأي العام الأوروبي حريصين على متابعة ما يجري في بلدنا على كل المستويات. - تعريف المجلس الأوربي: أنشئ المجلس الأوربي يوم 05 ماي 1949 من طرف 10 دول مؤسسة، يوجد مقره بمدينة ستراسبورغ (فرنسا) ويضم الآن 47 بلدا عضوا من القارة الأوربية. من أهدافه الأساسية خلق فضاءات للنقاش الديمقراطي والحقوقي التي تنظمها الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان وقوانين مرجعية أخرى لحماية الأشخاص. * عضو الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية