فاتح ماي لهذه السنة يأتي في عهد دستور جديد وحكومة جديدة ، واذا كانت 100 يوم من عمر هذه الحكومة غير كافية لتقييم حصيلتها ، فانها مدة جد كافية لتقديم حصلتها وورطتها في عدة قضايا ذات العلاقة بحقوق الانسان كهجومها الشرس على الحريات النقابية ، وخنقها لحرية التعبير والتفكير والحق في الاختلاف ، وتضييقها على الحريات والحقوق الأساسية، وكانت طلعتها بعد تشكيلها ايذانا بضرب المساواة بين الرجل والمرأة في الصميم ،وهكذا مع توالي الأيام تحول رئيس الحكومة من رجل نكت حامضة الى شخص بملامح صارمة يهدد ويتوعد ، فذاق من هراوة هذه الحكومة أمام قبة البرلمان وبساحات الوزارات الفسيحة المعطلون ورجال ونساء الصحة والتعليم والعدل والمتقاعدون وطلبة الأحياء الجامعية وسكان الأحياء القصديرية في مختلف المدن ،وصدرت أحكام قاسية على المتظاهرين بتازة وبني بوعياش وأعضاء حركة 20 فبراير والحاقد ، ،مع العلم أن الدستور الجديد في فصله 29 يضمن حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي لكن حكومة بنكيران عجزت عن تنزيل مقتضيات الدستور الجديد، أما اجتهادات الحكومة الحالية فتتجه الى المزيد من التضييق على الحريات النقابية من خلال التهديد بالاقتطاع من رواتب المضربين في مختلف القطاعات بدل أن تنكب الحكومة في البحث عن الأسباب الداعية للاضراب ومحاولة معالجتها بالحوار الجاد الذي لا يروم الالتفاف على حقوق الطبقة العاملة أو الهجوم عليها كما حدث مع عمال الكتبية بسطات والمحمدية وعمال الأوراش الصناعية للحديد واللوحات الذين يهددون بالانتحار بالقنيطرة وعمال الضيعات الفلاحية بضواحي مكناس الذين تمت محاكمتهم مع العلم مرة أخرى بأن الدستور الجديد في فصله الثامن يعتبر المنظمات النقابية للأجراء ، والغرف المهنية، والمنظمات المهنية للمشغلين، تساهم في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها وفي النهوض بها ويتم تأسيسها وممارسة أنشطتها بحرية في نطاق احترام الدستور والقانون، فأين هي الوعود الانتخابية للمؤمن الذي اذا عاهد وفى ، كالرفع من الحد الأدنى للأجور الى 3000 درهم وملف المتقاعدين والتعويض عن المناطق النائية والنظام الأساسي للوظيفة العمومية وقانون النقابات وقانون الاضراب ونظام الترقي ومراجعة منظومة الأجور وتنفيذ اتفاق 26 أبريل وتفعيل اتفاقيات العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية والحق النقابي والفصل 288 من القانون الجنائي وأين نحن من سمو المواثيق الدولية على القوانين الوطنية، هذه اذن شذرات فقط من عثرات الحكومة الملتحية التي تعمل على تسلية الناس بحروب هامشية لاتغني ولاتسمن من جوع.