تُحسن نجمة التنس، الروسية ماريا شارابوفا. التوفيق بين متطلبات مسيرتها الاحترافية ومشاريعها التي تدرُّ عليها ثروات أضعاف مضاعفة لما تجنيه من جوائز الدورات. فاللاعبة المصنّفة الثانية عالمياً، التي عادت للتألّق بعد معاناة مع الإصابات خصوصاً في الكتف، تعتبر الأكثر دخلاً في العالم بين لاعبات التنس، إذ بلغت حصيلتها العام الماضي 20.9 مليون يورو منها فقط 2.9 مليون جوائز ميدانية . لكن عقودها الإعلانية والرعاية المتنوعة مع أكثر من 8 ماركات عالمية تدرُّ عليها أرقاماً فلكية. وتأتي في المرتبة الثانية الصينية لي نا الفائزة بدورة رولان غاروس العام الماضي (20.4 مليون يورو منها 3.4 مليون من جوائز الدورات). وطبعاً للسوق الصينية الكبيرة فضل في نمو أعمال لي نا خصوصاً بعد الفوز الباريسي. وكانت شارابوفا في السابعة من عمرها حين غامر والدها وانتقل بها من سيبيريا إلى الولاياتالمتحدة وفي جيبه 800 دولار فقط. آمن بموهبتها وأراد أن تصقل أكاديمياً فكانت عند حسن الظن على مختلف الأصعدة. حقّقت شارابوفا أحلامها وأكثر، فهي حالياً الأغنى بين اللاعبات وفي جعبتها ثلاثة ألقاب في الغراند سلام (ويمبلدون 2004 والولاياتالمتحدة 2006 وأستراليا 2008). من أكاديمية نيك بوليتيري عام 2001 إلى ويمبلدون قطعت شارابوفا مسافة طويلة بسرعة كبيرة، ولما سُئلت حينها إذا خُيِّرت بين الحصول على 20 مليون دولار أو لقب البطولة الإنكليزية العريقة، اختارت ويمبلدون ، لأن الملايين تأتي لاحقاً ، وهو جواب ينم عن نضج عميق وطموح كبير. وعلى عكس نمط مواطنتها الحسناء آنا كورنيكوفا، عرفت شارابوفا كيف تحافظ على الخيط الرفيع .الذي يفصل بين مطبات الشهرة وبريق الملاعب. فقد جذبت الشهرة والأضواء كورنيكوفا وانغمست في بحرها ولم تصمد في لججه فخفت بريقها في الملاعب إلى أن انطفأ. ويؤكد ماكس اينسنبود، مدير أعمال شارابوفا، ما توضحه دائماً عن نمط حياتها وأولوياتها، معلناً أن خيارها الأوّل هو التنس . ولم يتبدّل أبداً فهي رياضية بالدرجة الأولى . ويوم فوزها المدوّي في ويمبلدون عام 2004، تصرّفت ببساطة وعفوية ومن دون أدنى حرج أمام آلاف في الملعب وملايين عبر الشاشات، وذلك حين هاتفها والدها من المدرّجات لتتصل بوالدتها في الولاياتالمتحدة التي كانت تريد تهنئتها، غير أن عطلاً طرأ على الخلوي الذي كان بحوزة شارابوفا، وراحت تفسر الوضع المستجد لوالدها بالإشارات ما أثار ضحك الجميع. وكانت تلك الحادثة الطريفة فأل خير على اللاعبة، إذ سارعت شركة موتورولا . لتوقيع عقد معها وكرّت بعدها سبحة العقود والعروض وباتت تضم محفظة أعمالها اتفاقات بقيمة 50 مليون دولار على مدى 8 سنوات. ويشير اينسنبودن، الذي يعرف من أين تؤكل الكتف ، إلى أن شارابوفا سيدة أعمال ناجحة، فقد استفادت من مرحلة إصابتها لتوثّق علاقاتها بالمعلنين والرعاة، وتنتبه كثيراً لتفاصيل دقيقة حتى أنها تعمد إلى نزع ملصقات ماركات المياه عن العبوات الموضوعة على الطاولات خلال مؤتمراتها الصحافية إذا لم تكن من الشركات الراعية لمسيرتها. الملفت أن الربان الماهر ، اينسنبودن يدير أعمال لي نا أيضا، التي وصلت متأخرة إلى الشهرة لكنها تستفيد من نمو سوق بلدها، التي بلغ عدد مزاولي التنس فيها 14 مليون شخص عام 2010 . وبفضل فوز نا في رولان غاروس (تابعها 116 مليون صيني)، زاد طلب الصينيين على تذاكر مباريات بطولة أستراليا المفتوحة في ملبورن هذا العام 30 في المئة ، سعياً إلى مواكبة لاعبتهم. ومنذ الفورة الملحوظة على صعيد مداخيلها التي باتت تحتفظ ب 90 في المئة منها، يلاحظ أن نا ثامنة التصنيف العالمي باتت تهتم بالأعمال على حساب المباريات، ربما لأن الشهرة اتتها في سن ال 30، إذ يختلف التفكير والتطلعات. هذه المعضلة تجاوزتها شارابوفا باعتبار أن التنس أولوية في حياتها، علما بأنها تشارك في 16 دورة سنوياً كحد أقصى. وخلف جمالها تخفي النجمة الروسية طباع محاربة شرسة وعزيمة لا تلين، وتفاخر بأنها تنهض في السابعة والنصف صباحاً وتقصد الملعب للتدريب حيث تمضي ست ساعات، وتخلد إلى النوم في التاسعة والنصف مساء.