لماذا نكتب سيرتنا الذاتية ؟ ماهي قيمة الأثرالأدبي الذي قد تحفره في ذاكرة قارئها اليوم والأجيال القادمة ؟ يقينا أن لكل سيرة ذاتية جوابها الخاص ، لكن حين يفاجئنا الدكتور محمد العمري بإصدار سيرته الثانية (زمن الطلبة والعسكر) فمن دون شك أننا بصدد أجوبة متعدد عن عملية حفر أعمق وبإصرار واثق في بئر الذاكرة الذي لا و لن ينضب بكل تأكيد . (زمن الطلبة والعسكر)، سيرة ذاتية ثانية بعد سيرته الأولى (أشواق درعية العودة إلى الحارة) وهي تشي بشهادة رصينة وواثقة عن تحولات مغرب الستينات وما بعدها بكل توتراته السياسية واعتمالاته السوسيوثقافية والفكرية ... ومهما حشدنا وانتقينا من الأسئلة وحاولنا الإحاطة بذخائر ذاكرة ضيفنا فإن ماتبقى من لآلئ المكاشفة لهو أنفس بكثير مما نقدمه للقراء في فقرات هذا الحوار. والأستاذ محمد العمري من مواليد سنة 1945 بقرية الحارة على ضفاف وادي درعة جنوب المغرب . وهو خبير معتمد لدى اللجنة الوطنية لمنح الاعتماد في الدراسات العليا والدكتوراه التابعة لوزارة التعليم العالي ابتداء من 1997 وعضو منتخب باللجنة العلمية لكلية الآداب بجامعة فاس وعضو مجلس الجامعة بها ، كما شغل عضو اللجنة العلمية لشعبة اللغة العربية وأخيرا عضو اتحاد كتاب المغرب. حاز الأستاذ محمد العمري الجائزة الكبرى للكتاب بالمغرب عن إصداره (تحليل الخطاب الشعري : البنية الصوتية) سنة 1990 . كما حازسنة 2007 جائزة الملك فيصل العالمية فرع اللغة والأدب في موضوع الأبحاث التي تناولت البلاغة العربية . صدرله كتاب في بلاغة الخطاب الإقناعي سنة 1985 تحليل الخطاب الشعري البنية الصوتية في الشعرسنة 1990 اتجاهات التوازن الصوتي في الشعرالعربي القديم سنة 1999 - الموازنات الصوتية في الرؤية البلاغية - الإفراني وقضايا الثقافة والأدب سنة 1992 البلاغة العربية أصولها وامتداداتها -دائرة الحوار ومزالق العنف - أشواق درعية : العودة إلى الحارة (سيرة ذاتية 1) - البلاغة الجديدة بين التخييل والتداول - منطق رجال المخزن وأوهام الأصولية سنة 2005 - وأخيرا وليس آخرا زمن الطلبة والعسكر(سيرة ذاتية 2). حاوره : عبده حقي { بداية نهنئك على إصدار سيرتك الذاتية الثانية الموسومة بِ (زمن الطلب والعسكر). ومن الملاحظ أن القارئ لسيرتك (زمن الطلبة والعسكر) يحتار كثيرا في متاهات شعابها وتشعب رصدها لمسيرة مثقف مفرد بصيغة الجمع؛ فهو البدوي والمتمدن والعضوي والملتزم والأكاديمي، أي الانتماءات تشعر بقربه من شخصيتك العميقة أكثر؟ شكرا على اهتمامكم، وعلى هذه الفرصة التي أتحتموها لي للتواصل مع القراء، أتمنى أن أكون عند حسن الظن. جوابا عن سؤالكم أقول: أريد أن أكون متمدنا، ولكن البدوي الذي تسرب إلى داخلي في الطفولة الأولى (في الاثنتي عشرة سنة التي على ضفاف نهر درعة)، ينتفضُ كلما كان ثمن «التمدن» (أو التمدين) مما لا يعرض تحت أشعة الشمس، إنها عقدة الكرامة. عشنا في زمن يُطلب فيه من كل راغب في «دخول المدينة» خلعَ حيائه وتقويس عموده الفقري والسير على أربع كشمبانزي، والبدوي متصلب كأي نخلة على ضفاف درعة. لا أخفيك! حاولت معه بدون فائدة؛ عندما وصلنا كانت المدينة محتلة من طرف مخلوقات غريبة. وأريد أن أكون أكاديميا ولكن حاجيات قومي آنية لا تحتمل الانتظار. لذلك شَطرْت ذاتي. بين الكتابة الأكاديمية المحايدة والكتابة الثقافية «المتحيزة» (إلى ما أراه حقا). أنا صوفي ماركسي، إذا جاز الجمع. الالتزام، في نظري، عمليةُ تصريفٍ للأكاديمي. مرة رفضَتْ مجلةُ المناهل نشر دراسة لي أنجزت بطلب منها، وذلك لأني، حسب ما بلَّغني أحدُ أعضائها، أمارس السياسة بالعلم («أنت باغي تدير السياسة بالعلم وهذا شغلك»)، قلت له: صحيح هذا شغلي! الانتماء الذي أحرص عليه، وأسعى إلى تحقيق شروطه، هو الذي جمعه القدماء في صفة «العالم العامل». بين عيني في هذا المجال وعلى الدوام أبو علي اليوسي والجاحظ. أبو علي اليوسي الذي كتب رسالتين عظيمتين إلى السلطان إسماعيل، والجاحظ الذي جعل حياته معركة دائمة ضد الزيف والنفاق. { (زمن الطلبة والعسكر)، هل كان زمن هدنة استراتيجة أم استراحة محارب أم وقتا ميتا من الزمن المغربي؟ بعد أحداثُ 1965 واغتيال الشهيد المهدي بن بركة، وظهور بوادر انقسام الحركة الاتحادية بين الثورة والإصلاح، حَلَّ سكونٌ مثل الذي يسبق العاصفة: وقف الطرفان (المعارضة والمخزن) ينظران إلى بعضهما! في هذه اللحظة خرج من صفوف الأحزاب ومن صفوف المخزن من صفعهما معا: المخزن صفعه ذراعه الأيمن (العسكر)، والأحزاب الوطنية صفعتها طليعتها (الطلبة: أوطيم). فالحركة الماركسية حركة طلابية. ولذلك قُلتُ بأن «زمن الطلبة والعسكر» مقتطعٌ من مسار الصراع بين المعارضة التاريخية والمخزن. كان ذلك الزمن ضد الهدنة، ولكنه لم يكن وقتا ميتا، كانت له عواقب خطيرة على المغرب: فقدت فيه الأحزاب والمخزن معا هِبتهما، وبدأ نجم المجتمع المدني والحقوقي في الصعود، بالموازاة مع ظهور قرون الأصوليات المتطرفة. { تتعدد الجغرافية في عوالم (زمن الطلبة والعسكر) من المهد ببوسكورة جنوبا مرورا بتارودانت ومراكش والمحمدية وصولا إلى فاس والفقيه بنصالح والدار البيضاء، ثم فاس مرة أخرى والرباط ... ما الذي تغير في الطفل الورزازي وما الذي بقي فيه وفيا لثوابت المكان الصحراوي؟ الطفولة ألوانٌ وروائحُ وملامحُ وأنغامٌ. رائحة التراب ورائحة الحليب ميزتهما مرة واحدة، في الطفولة، وأصوات أحواش تسمعتها مرة واحدة في الطفولة...الخ. رائحة الزفت عرفتها لاحقا، ولم أدخلها في جغرافيتي. أحن دائما إلى التراب والحيوانات وغروب الشمس، وعواء الذئاب بعد حلول الظلام، هذه أمور تبقى في الأعماق. التغير، أو التطور، وقع في توسيع الانتماء، صار انتمائي للوطن: أنا مغربي ورزازي محمدي بيضاوي فاسي ملالي...الخ. في حوار مع أحد النشطاء الأمازيغيين على النيت وصفني بالعقوق والتنكر للأصول، قلتُ له: «أنا مغربي عربي أمازيغي، لا عربي ولا أمازيغي!»، فنعتني بالتناقض الذي لا يليق بمن يدعي أستاذية البلاغة والمنطق، كما قال! فشرحت له بأنني كالماء: مركب من الأكسيجين (عربي) والإيدروجين (أمازيغي)، ولكنه ليس هو الأكسيجين ولا هو الأيدروجين، فانقطع عن النقاش. بعض الناس لا يستطيعون أن يكونوا وطنيين! هم إما طائفيون دغمائيون، وإما عرقيون عنصريون، وإما إقليميون شوفينيون. في هذه اللحظة أجيبُك من تارودانت، حضرتُ الذكرى الذهبية لتأسيس المعهد الإسلامي حيث تلقيت تعليمي الابتدائي والثانوي، وفي الصيف الماضي كُرِّمت في ورزازات من قبل جمعية ثقافية. ويوم 6 أبريل المقبل سأكرَّم من قبل جمعية ألق المحمدية، وعند حصولي على جائزة الملك فيصل العالمية كُرمت من طرف السلطات المحلية بالمحمدية إلى جانب اللاعب الدولي أحمد فرس والحارس الشهير لحدائق المحمدية. وقد تنقرض سلالة الزنابير من الجامعة فأكرم في مدينة أحبها أعطتني وأعطيتها. { هل هذا التعدد في المعارف بين الأصيل والحداثي هو الذي أسهم كثيرا في تشكيل شخصيتك الفكرية والأدبية المتعددة؟ سأعلق على الفكرة التي بنيتَ عليها، في حد ذاتها، وأترك ما يخص شخصي لتقديركم، وحسن ظنكم، فأنت سخي معي كثيرا. يقولون: «فاقد الشيء لا يُعطيه». ويقولون: «كُل إناء بما فيه ينضح»، أو يرشح. العطاء بقدر التملك، والرشح متناسب طردا وعكسا مع المساحة الراشحة؛ كلما كانت متسعة كانت كمية الرشح أكثر. والاتساع يكون أفقيا وعموديا: يكون أفقيا بتداخل المعارف وامتداد بعضها في بعض، وهذه قضية يفرضها التصدي لتحليل الخطاب، أي علم الخطاب، أي البلاغة. البلاغة التي اعتبرها حازم القرطاجني «علما كليا» لعلوم الإنسان واللسان تتطلب «الإلمام» بكل تلك علوم. فالبلاغي مثلُ الطبيب يحتاج قبل التصدي للعلاج أن يكون ملما بعلوم شتى: بيولوجيا، وكيمياء، وفيزياء...الخ. ويكون التوسع عموديا في الزمن، حيث يقع التعارف بين الماضي والحاضر: ففي الماضي إرهاصات الحاضر، وفي الحاضر تجليات مكتملة لمكنونات الماضي وتشكّل أجنته. وبالذهاب والإياب بينهما تنكشف خريطة الإنسان: جباله و وِهاده وغُيوبه. من الأكيد أن الانغلاق في الماضي يسبب نوعا من الغباء، وتغييبه يسبب العماء. لا يمكن التصدي لنقد الخطاب/الفكر دون تحصيل معرفة أفقية إدراكية، وعمودية تناصية. وهذا الطريق طويل يترك من يعي رهانَه وينقطعُ له تلميذا على الدوام وقارئا دون هوادة وفي كل اتجاه. قد يرى الناسُ أنه قطع مسافة، ولكنه يرى نفسه، على الدوام، في نقطة بداية جديدة، كمن يتسلق سلسلة جبلية: عند كل قمة يجد سفحا جديدا. يتعرض محلل الخطاب - بخلاف الراوية والخطيب - لامتحان يومي؛ يشحذ أدواته ولكنه يشعره بنسبية معرفته إمكانياته، إن لم يشعرْ بعجزه، فيهب من جديد للبحث عن مفاتيح جديدة. ولذلك يكثر المعنعنون والنقَلة ويقل المحللون والمنسقون. { هل تعتقد أن سوء استيعاب النظرية الماركسية في السبعينيات واعتبارها وصفة جاهزة ومفاهيمها بمثابة قطع غيار هو ما أفشل المشروع الاشتراكي عند النخبة السياسية والمثقفة بالعالم العربي والمغربي على الخصوص؟ أستسمحكم في أن نبتعدَ عن التحليل النظري الأكاديمي الصارم الموثق، وعن التحليل السياسي «المتحيز»، لنلامسَ المسألة بلاغيا احتماليا. المسألة في غاية التعقيد: التاريخ يحتاج إلى الاندفاع والارتداد، إلى المجازفة والرزانة. يحتاج إلى السرفاتي والعروي متفاعليْن، ولن يسير بواحد منهما. المشكل يأتي من القطيعة بين القوتين. بلغة الشعر: الرأي قبل شجاعة الشجعان / هو أولٌ، وهي المحل الثاني فإذا هما اجتمعا لنفس حرة / بلغت من العلياء كل مكان «العنف الثوري» المستنير ضرورة إنسانية، المشكل هو حين يُلغى الإنسان لصالح النص، حين يقبل الإنسان أن يصدِّق النص الذي يقول: الشمس آفلة، ويكذِّبُ عينَه التي تراها ناصعة؛ فيغمضها لكي لا يتناقض مع النص. يكون، في هذه الحال، مثلَ من يقع في غيبوبة فيحتاج إلى صفعة أو رشٍّ بماء بارد أو مادة كاوية (النشادر مثلا)..الخ. حالة الخمول الفكري والهستيرية الجسدية التي كنا عليها مع النصوص الماركسية هي تماما حالةُ الاستنفار الجسدي والارتخاء العقلي التي يعيشها السلفيون الجهاديون اليوم، هم الآخرون مقتنعون بأن المشكلة ليست في ملاءمة النص مع الإنسان الحديث بل في إعادة صياغة الإنسان الحديث حسب النص، والنص له وجه واحد، وليس حمَّالَ أَوْجُه. مركبة اليوم جاهزة في نظرهم، إنها «الخلافة الإسلامية»، وهي فضائية؛ لن تحلق إلا بقطع غيار أصلية صنعت في القرن الأول الهجري، من أهم قطعها «ما ملكت أيمانكم»، أي تشييئ المرأة. هذا ما يتوهمه الأصوليون المتطرفون. ومن قال بغير ذلك فهو عندهم «كلب عاوي، حتى ولو كان يوسف القرضاوي». بين النص والجسد يوجد الإنسان. هذا المستوى من الاندفاع غير العقلاني هو الذي سميتُه الزوبعة الحلزونية الماركسية، الآن هناك زوبعة حلزونية سلفية، مصيرها مصير زوبعتنا: المَظلَمةُ لا تُبرر العماء، والملاكم الذي يستسلم لانفعالاته فوق الحلبة يُسهِّل مهمةَ خصمه، يسقط بالضربة القاضية، أو يخرج من المعركة متلاشيا. لذلك قلتُ بأن العروي كان مثل داروين في قوله بالتطور الطبيعي/التاريخانية، من السهل التهكم من داروين، كما يفعل بعض الخطباء الدينيين، ولكن هيهات أن ترتقي إلى المستوى البحثي الذي بنى عليه نظريته. { هل كانت تجربة الاعتقال ضريبة النضال الحتمية، أم كانت عند البعض قيمة رمزية مضافة لفك عقدة (عدم الاعتقال) باعتباره وساما للتفاخر وتوشيح سيرة المناضل؟ قلتُ (في السيرة) إن فلول الماركسيين الذين أفلتوا من الاعتقال توجهوا للتحريض داخل النقابة وفي أقسام التدريس، وهم يحملون شيئا أشبه «بعقدة عدم الاعتقال»، نعم! قد لا يرتقي الأمر إلى الرغبة في الشهادة، وغبطة الشهداء على شهادتهم، ولكن ليست له علاقة أبدا بالتباهي، أو انتظار أي مقابل شخصي. بالأمس كانت صورة غيفارا والطوباماروس وهوشيمين وأيلول الأسود وغيرها من الأسماء التي يتحول معها الإحساس بالموت والاعتقال إلى «حديث خرافة». لا ينبغي قياس حماس تلك الأيام بمساومات نهاية القرن الماضي من أجل المواقع والوظائف: اليوم نتحدث عن الربيع الديموقراطي العربي الذي يحرق فيه الناس أنفسهم من أجل الكرامة، وفي السبعينيات وما قبلها كان ربيع الاشتراكية والثورة الكونية ضد الأمبريالية بنفس الطقوس. من المفيد أن تعرف الأجيال اللاحقة (الثائرة واللامبالية) أن من المغاربة رجالا استحلَوْا، قبلهم، السجن والغربة والحرمان تحت شعار الكرامة، ومنهم آخرون باعوا واشتروا من أجل مصالحهم الخاصة. لقد قلتُ أيضا إن من حسن حظنا نحن الذين ضيقنا الخناق على المخزن محليا ودوليا أن خصومنا لم يكونوا مصلحين، ولم يحققوا للمغرب غير الفقر والأمية، ولو أنهم كانوا صالحين وخدموا المصلحة العامة - ولو بالمستوى الذي حققه بورقيبة، رحمه الله، في تونس - لكان علينا، أن نعتذر عن عنادنا في مقاومتهم بكل الوسائل. { كتبت في السجن عن الحياة السياسية على عهد السلطان إسماعيل بحيث كما قلت شدت انتباهك علاقته المتوترة مع المثقفين في عصره من فقهاء وعلماء وشعراء ..إلخ هل كنت تحيل تلك الحقبة على عهد الملك الراحل الحسن الثاني وإلى أي حد في رأيك يتقاطع العهدان معا؟ عندما تحركت آلة القمع والاعتقالات في صفوف قيادة النقابة الوطنية للتعليم قبيل إضراب 1979 وأحسست أنها اقتربت مني، تركت العمل واختفيت عن الأنظار أحد عشر يوما. انشغلت خلالها بجمع الكتب والوثائق التي سأحتاج إليها في السجن. المصير معروف. كان من بينها رسائل اليوسي وكتبٌ أخرى في تاريخ المغرب في القرنين السابع عشر والثامن عشر. أثارتني العلاقة المتوترة بين الملك إسماعيل وعلماء عصره بسبب رفضهم تمليكه أفرادَ الجيش الذين سماهم «عبيد البخاري». كانت قصة سجن رأس المعارضة بفاس الشيخ عبد السلام جسوس والتشهير به ثم خنقه في السجن مرعبة. استحضرت اغتيال رأس المعارضة في المغرب، المهدي بن بركة، والتضييق على المثقفين بشتى الوسائل وتساءلت أليس التاريخ يُعيد نفسه؟ أليس المطلوب منا نحن مثقفي أواخر القرن العشرين أن نكتب بدورنا عقد عبودية المغاربة للمخزن، ستكون خيانة كبيرة. وجدت ضالتي في رسالتي اليوسي إلى الملك إسماعيل. كنت أجد في الملك الحسن الثاني صورة مطابقة للسلطان إسماعيل. فكتبت مقدمة عن عصر المولى إسماعيل قلت فيها كل ما كنت أود أن أقوله في عصر الحسن الثاني. ومما نسب إلى الملك إسماعيل قوله لرسول لويس الرابع عشر الذي حثه على احترام شعبه: قل للوزير إنه يحكم البشر وأنا أحكم البقر. وكان الملك الحسن يردد القول بعدم جاهزية المغاربة للحكم الديمقراطي، وأن من الأحسن ألا يُعطي ما قد يُضطر لسحبه. اعترض الدكتور عزة حسن، حفظه الله، على تلك المقدمة، فأعدت صياغتها بشكل علمي محايد فأجازها ونُشرتْ في كتاب: الإفراني وقضايا الثقافة والأدب. ومن يومها اتجهت إلى الكتابة الصحفية لتفريغ المواقف السياسية والفكرية بعيدا عن العمل الأكاديمي الذي يخضع لقواعد كونية محايدة. { عايشتَ العديد من الانتفاضات السياسية والاجتماعية بالمغرب من أحداث مولاي بوعزة إلى أحداث يناير بفاس في 1991 كيف تنظر إلى تلك الأحداث الآن من زاوية الربيع العربي؟ تحدثتُ في مقال سابق عن المسار المغربي في الحراك العربي، واعتبرته متميزا لسببين: أولهما من صنعنا جميعا، والثاني من صنع القدر. الذي من صنعنا هو الذي تندرج فيه هذه الأحداث المذكورة: 1973، 1980، 1984، 1991، وأخرى قبلها (1965) وأخرى بعدها. ففي إطار هذا الصراع عرفَنا النظام المخزني العتيق وعرفناه، قرعنا العظم بالعظم حتى لانت عريكتنا وعريكته، واقتربنا جميعا من السكتة القلبية. فكانت بداية التقارب والمصالحة، التي ساهم القدر في تسريعها، كما تعلم، ولو إلى حين، وعندما جاء الحراك العربي الحديث وجد القطار على السكة. ولولا الردة التي وقعت ابتداء من 2002 لكان المغرب في موقع المتفرج على ما يقع للأنظمة التي خدعت شعوبها بثورات كاذبة. رغم خطورة تلك الأحداث وما رافقها من انقلابات فإن الوضع الدولي لم يكن مسعفا. { خضت برفقة الدكتور حميد الحميداني مغامرة إصدار مجلة رائدة ووازنة تهتم بالدراسات السيميائية لكنها لم تعمر طويلا بحيث كما قلت أنها استنفدت مشروعها في ثلاث سنوات وهو في الغالب مصير جل المشاريع الثقافية الطموحة في المغرب. ما هي الأسباب الرئيسية لهذه الإخفاقات المتكررة؟ مجلة دراسات سيميائية التي أصدرتُها بالتعاون مع الزميل الأستاذ حميد لحميداني هي امتداد لمجلة دراسات أدبية ولسانية التي أصدرناها بالتعاون مع الزملاء محمد الولي ومحمد أوراغ ومبارك حنون. ولذلك فعمر التجربة ككل أطولُ بكثير مما ذكر. أما أسباب توقف دراسات سيميائية بالتحديد فترجع إلى أن المشروع توسع بشكل كان يقتضي أن يتحول إلى مؤسسة، خاصة بعد أن خضنا تجربة النشر على هامش المجلة (منشورات سال)، وتراكمت المرجوعات التي تتطلب إعادة التوزيع. ولم نبادر في هذا الاتجاه لانشغالنا بمشاريعنا العلمية والتعليمية. كانت هذه الأسباب ضاغطة، وزاد الأمر تعقيدا حين رفعت الشركة الموزعة حصتها من %35 إلى %45 من طرف واحد، ثم جاءت الضربة القاضية عندما فرضت الدولة الضريبة على المجلات الثقافية لغرض القضاء عليها. هذه هي الظروف الموضوعية التي أدت إلى توقف مجلة دراسات سيميائية. وهناك ظروف ذاتية تتعلق بتحقيق الذات والتشبع والانشغال بتحصيل المنافع. { ربما قد تكون أزمة النشر واحدة من هذه الأسباب. هل تَعتقد أن النشر الإلكتروني والإنترنيت قد أتى بالحل السحري؟ كلمة «ربما» مهمة هنا! لأن مسألة الإبدال لاتزال معلقة! هل حلول الإلكتروني محل الورقي مسألة تقنية فقط؟ لو تأكد ذلك لكان الجواب سهلا؛ لو تعلق الأمر بحل سحري لاختفى الكتاب الورقي في السنوات الأولى التي ظهرت فيها إمكانية الكتاب الإلكتروني. من الأكيد أن هاجس «الافتراضية» الذي كان يشوش على الذهنية التقليدية في تعاملها مع الإليكترونيات يتآكل شيئا فشيئا بعد تحول الدردشات إلى ثورات. ومن الأكيد أيضا أن ظهور الحواسيب وبرامج معالجة النصوص قد سهل عملية الطبع بشكل لم نكن نتخيله. فقد كانت عملية رقن المجلة وتصحيح البروفات وإعادة التصحيح تتطلب الأسابيع بل الشهور. وأذكر أن طموحنا كان إصدارَ ستة أعداد في السنة أو أكثر، فتراجع الإنجاز إلى ثلاثة أعداد بسبب عملية الرقن والتراسل عن طريق البريد العادي الذي كان يغط في نوم عميق. أما حلول الإليكتروني محل الورقي بصورة نهائية فمسألة فلسفية نفسية وحضارية إلى حد كبير، مثلها مثل حلول الكتابة محل الشفوية، ستدوم المزاوجة مدة لا نعرف مداها. أنا أفضل الآن البحث في المعاجم الإليكترونية وكتب التراث الموضوعة على النيت، ولكن حين أريد قراءة رواية، أو مراجعة كتاب أو دراسةٍ أفضل أن يكون ورقيا أقلب أوراقه بيدي، لم أجازف بعدُ بالعبور من الشاشة إلى المطبعة، مازالت الثقة مربوطة بالورق، كما يقع الآن في الأبناك. والفعالية والكفاءة في النيت والثقة في الورق. { في سنة 2000 طلبت منك المنظمة العربية للتربية والثقافة إنجاز تراجم لأربعة من أعلام العلماء في إطار الموسوعة العامة لأعلام العرب والمسلمين هل تحقق هذا المشروع؟ كان المشروع ضخما، وكانت شروط الإنجاز أكاديمية دقيقة. بعد تسليم المواد التي كلفت بإنجازها لم أتلق أي بيان. { وبعد عودتك من الرياض، دخلت في تجربة حياتية ووجودية متفردة تتعلق بهاجس الموت بعد إصابتك بأحد الفيروسات الفتاكة، كانت هذه التجربة قد قلبت رؤيتك الفلسفية والوجودية للذات والعالم، ما الذي أهتز وتخلخل في يقينياتك وما الذي تغير بعدها؟ الأمر يتعلق برعشة بشرية، بهزة نفسية عنيفة، فيها الأحباب والأطفال أكثر مما فيها النفس. وقد قلت لنفسي ما قاله الشاعر الخارجي في ساحة المعركة: أقولُ لها، وقد جَأشَتْ وجاشَتْ: مَكانَكِ تُحمَدي أو تَسْتريحي الأمر يتعلق بهزة نفسية ترتب عنها أمران: أولهما إدراك تداخل الروح والجسد: اكتشفتُ، على حين غرة، أن الجسد الذي تدعونا أدبيات مثالية للسمو فوقه واحتقاره هو جزء من كيان؛ يكون كلا أو يزول كلا، هذا هو الممكن فوق أرضنا. الناس يقولون: العقل السليم في الجسم السليم، ولكنهم لا يدركون مغزى هذا الكلام. ولا أتمنى لأحد أن يؤدي الثمن اللازم لإدراكه. الروحُ توهج للجسد. ونحن لا نحس بالجسد إلا حين يعتل. ولذلك يقال: السليم هو الذي لا يعلم أن توجد معدته، ولا قلبه...الخ. وحين قال الخطيب الأموي: «والله لَأدَعَنَّ لكل رجل منكم شغلا في جسده»، كان يعلم ما يقوله. لقد جعل لي المرض شغلا في جسدي فانشغلتُ به سنوات. وكتبتُ مرثيتي بعنوان: أشواق درعية، العودة إلى الحارة، لا بكاءً، ولكن وقوفا على أطلال الطفولة، وكان ذلك نوعا من الاستشفاء. الجسد المعتل سجن وعذاب للروح والعقل والإرادة، محنة. والأمر الثاني هو التطبيع مع الموت. طبَّعتُ مع الموت، بعد أن صار من ضمن الحاضرين الملازمين لي، خاصة عندما انطلق الفيروس بعناد، وانهار الجسد أمام الدواء، وظهرت مضاعفات وأمراض إضافية. صِرتُ أنتظر زيارة عزرائيل في كل لحظة، حتى استأنستُ به، ثم غاب عني. والآن كل ما أرجوه منه هو أن يأتي على حين غرة. التطبيع مع الموت يعني نوعا من الزهد، ولكنه يعني أيضا نبذ الخوف وغرس الشتلة التي في اليد ثم الانسحاب. التطبيع مع الموت جعلني أعيش لحظاتي ممتلئة: لا أنتظر شيئا، ولا أخاف شيئا، ولا أحدا. { كيف حال الصحة اليوم؟ زال ذلك الخطر الداهم وبقيت بعض مخلفاته أراوغها بمهارة تحير الأطباء. أنا بخير. كل ما بقي بعد تلك المحنة ربح. المغاربة يجهلون أن جغرافية المغرب دواء في حد ذاتها، ولذلك لا أستقر في مكان، كلما حل المرض بمكان تركته فيه وسافرت. المهم أن أستطيع القراءة والكتابة إلى آخر نفس. { حفلت الساحة الفكرية والعلمية بكلية الآداب بفاس بالعديد من الأسماء العربية والمغربية الكبيرة مثل أمجد الطرابلسي ومحمد بنشريفة وصالح الأشتر، وجيل محمد برادة وأحمد المجاطي، ثم جيل التسعينات. كيف تنظر الآن إلى هذه الأجيال الثلاثة؟ من منها بصم التاريخ العلمي والفكري لجامعة فاس؟ الحقيقة هناك لحظتان قويتان في الجامعة المغربية، ساهمت فيهما جامعة فاس بنصيب ظاهر، في المجال البلاغي والأدبي ومناهج الدراسة: اللحظة الأولى ارتبطت بالتأسيس والتعريب. بدأت هذه العملية فعلا مع تأسيس أول شعبة للغة العربية بفاس منتصف الستينيات من القرن الماضي. وقد برز فيها أساتذة وردوا من الشرق العربي، وفي مقدمتهم وعلى رأسهم، الدكتور أمجد الطرابلسي، والدكتور صالح الأشتر، ومحمد نجيب البهبيتي، وقباوة، وعبد الله الطيب المجدوب...، وبرز بجانبهم تدريجيا جيل من المغاربة، منهم حسن المنيعي، ومحمد بنشريفة، وأحمد اليابوري، ومحمد الكتاني، ومحمد برادة، وعباس الجراري، وأحمد المجاطي.. وآخرون. وقد مهد بعضُ هؤلاء المغاربة للانطلاقة الثانية؛ ثم واكبها بعضهم وشكل برزخا بين اللحظتين (مثل محمد برادة وأحمد اليابوري وحسن المنيعي)، وتخلف عنها آخرون. وانطبعت هذه المرحلة بالاهتمام بالتعريف بتاريخ الأدب وأجناسه وفنونه، دون اهتمام كبير بالأسئلة النظرية، مع تكريس الانفصال بين القديم والحديث، وهيمنة القديم. اللحظة الثانية كانت بعد ذلك بعشرين سنة، أي في النصف الأول من الثمانينيات. حين رجع إلى الجامعة الطلبة الذين ذهبوا في بعثات إلى الخارج، أو عادوا من التعليم الثانوي بعد تهييئ دراسات عليا. وإذا كانت المرحلة الأولى قد أدت وظيفة التعريف بتاريخ الأدب العربي وبالأجناس الأدبية، فإن ميزة المرحلة الثانية هي طرح سؤال المناهج والنظريات: من البنيوية التكوينية، إلى البنيوية الشكلانية، وجمالية التلقي، والسيميائيات الأدبية، وفي هذا الامتداد جاءت أسئلة البلاغة الجديدة ونظرية الإقاع...الخ وقد كانت مجلة دراسات أدبية لسانية، ومجلة دراسات سميائية أدبية لسانية، ومنشوراتها مساهمة بارزة في الإجابة عن أسئلة هذه المرحلة، وإبراز أسماء جديدة مضافة إلى الرعيل الأول. موجودٌ أكثرها في فهارس المجلتين. فمجلة دراسات إنجاز مهم في سجل جامعة فاس، ما دام السؤال يحصر الحديث فيها. من أسماء الباحثين الذين كرسهم عطاؤهم في هذه المرحلة محمد العمري وحميد لحميداني ومحمد الولي ورشيد بنحدو، واختطف الموت الأستاذ الكغاط بعد أن أبان عن كفاءة في تخصصه. وهذا تقدير شخصي للمرحلة محصور في الدرس الأدبي والبلاغي في جامعة فاس. اعتمدت فيه على الإنتاج العلمي. أما عدد المدرسين فبالمئات. { كنتَ أولَ من بادر إلى خلق وحدة للنقد القديم للدراسات العليا مع أحد الزملاء حدثنا عن هذا المشروع الهام جدا؟ أين وصل اليوم؟ وحدة النقد القديم التي أنشأتُها أوائل تسعينيات القرن الماضي بكلية الآداب بفاس حلقةٌ من وحدات الدراسات العليا التي أنشأتها وأشرفت عليها بتعاون مع زملاء آخرين. ورغم أنها حوربت بقوة - كما بينا في زمن الطلبة والعسكر - فقد كانت تجربة ناجحة: أُنجزت في إطارها أعمالٌ علمية ذات قيمة. وعندما جاء إصلاح الدراسات العليا اقتضت ظروف موضوعية وعلمية تطويرها في اتجاه بلاغي نصي، فأنشأتُ وحدة التواصل وتحليل الخطاب. فرغم أن التغيير كان قسريا فقد كان ملائما لمساري نحو البلاغة العامة، بل خدم هذا المسار. ولذلك كانت وحدة التواصل وتحليل الخطاب حدثا علميا امتدت آثاره في الجامعات المغربية، ثم في برنامج إصلاح التعليم، حيث أضيفت مادة التواصل، ومادة تحليل الخطاب، إلى البرنامج الدراسي. وعندما انتقلتُ إلى الرباط نهاية القرن الماضي -لضرورة صحية -أسستُ وحدةً جديدة بعنوان: البلاغة الجديدة والنقد الأدبي. وكأنها دمج للوحدتين السابقتين. وقد شرعت الآن مجموعة من الباحثين في البلاغة وتحليل الخطاب، من طلبة هذه الوحدات، في إخراج أعمال علمية جديدة سيكون لها شأن. منها كتاب: القراءة العربية لكتاب فن الشعر لأرسطو الذي ظهر في السنة الماضية، لعبد الرحيم وهابي، فهو من طلبة الوحدة الأولى، (وحدة النقد القديم). وقد سمعتُ أن هذا الكتاب القيم اختير ضمن اللائحة الصغيرة لإحدى الجوائز العربية الكبرى (ضمن الخمس الأوائل) وهذا تتويج في حد ذاته. { من دون شك أنك خبرت بعمق طواحين النشر الورقي، خصوصا مع تجربة مجلة (دراسات لسانية وأدبية)، واليوم قد حقق الإنترنيت والنشر الإلكتروني الكثير من آمال الأجيال الرواد في التواصل مع المتلقين والباحثين، لن أسألك عن إيجابيات النشر الإلكتروني فهي كثيرة، لكن أين ترى سلبياته وهل مازال للنشر الورقي بطعمه القديم؟ النشر الإليكتروني نعمة لا حدود لها. عندما بدأتُ، في منتصف تسعينيات القرن الماضي، أطبع مقالاتي لجريدة الرياض وأحولها إلى الجريدة في نفس الليلة دون أن أخرج من البيت إلى البريد كما كانت العادة، كنت أنشد مع أم كلثوم: « اللي شوفتو قبل ما تشوفك عينيا، عمري ضاع يحسبوه إزاي عاليا». كان ذلك منذ سبعَ عشرة سنة، أما الآن فحكاية أخرى. إذا تحقق شرط التحرير والتحكيم والتوثيق والحماية من التلاعب، فليس هناك شيء يمكن أن يُعتبر سلبيا. مازال الكتاب الورقي يبعث على الثقة، لأنه يحمل رقم إيداع قانوني، وترقيما دوليا، ونسخه موجودة في أماكن متعددة محفوظة. يظهر لي أن الكتابة الإليكترونية في حاجة إلى التخلص من النظام الورقي الذي يعتمد الصفحات، ربما يكون من الأجدى والأنفع اعتماد ترقيم الفقرات، أو مجموع فقرات. لكي يسافر الرقم مع المادة مهما تغيرت الطبعات والصفحات. والطلبة يسألون: هل يمكن الإحالة على الأنترنيت، وكيف؟ ومع ذلك، فإن جيلنا سيظل في حاجة إلى لمس الورق وتقليبه، والإطلال في نفس الوقت على عدة صفحات. الكثير من الصحف الإلكترونية لا تقوم بعملية التحرير، لا للمقالات ولا للتعليقات، فتنشر السخافات. { بعد الجزء الأول من سيرتك الذاتية (أشواق درعية) والجزء الثاني (زمن الطلبة والعسكر)، هل تفكر في جزء ثالث؟ وما هو عنوانه المقترح إن أمكن؟ من البين أن (زمن الطلبة والعسكر) ليس سيرة شاملة مستقصية، بل هو سيرةُ موضوع أو تيمة: الصراع. وقد صدق أحد المعلقين حين قال: يبدو وكأن القدر يسوق صاحب السيرة إلى مواقع الأزمات والانفجارات،ولذلك بقيت مسارات أخرى مفتوحة وسالكة. منها تجربة الرحلة إلى الشرق، فهي تجربة مشوقة جديرة بالحكي، لأنها مليئة بالمتناقضات. وقد أثار (زمن الطلبة والعسكر) من ردود فعل القراء ما لم يثره كتاب آخر من كتبي. تجلى ذلك في تعاليق كتابية وفي أحاديث تلفونية يدوم بعضها أكثر من الساعة. كل هؤلاء المعلقين قرأوا الكتاب دفعة واحدة في أجل قصير: من يوم إلى ثلاثة أيام. أحد أسباب الإصرار على قراءة الكتاب دفعة واحدة ليس احتواءه على عقدة يحث القارئ الخطى نحو فك لغزها، بل هو توالي الصور القصيرة التي لا تترك القارئ يسهو نتيجة إحساسه بالتكرار. ولذلك فالكتاب قابل للتوسع من أي نقطة. بل الفصل الأول والثاني قابلان للتحول إلى سيناريو مسلسل أو فيلم مطول. ننشر هذا الحوار باتفاق خاص مع الصديق عبده حقي وموقع مجلة اتحاد كتاب الأنترنيت المغاربة.