لا يمكن أن نلوم المغاربة على أن شعبهم من أتعس شعوب العالم، وقد أصبح بينهم من يعتبر بأن السياحة هي جولات ضد الله وزيارات لتعميم الفاحشة، لا يمكن أن نلومهم لكونهم من أتعس شعوب العالم، ولهم فقيه يعتبر أن أوج الإيمان هو الهجوم على فنانة ناشئة، وأن نيرانه الصديقة لابد من أن تمس أمها، المغاربة تعسون لأن لحظة الفرح الوحيدة تقودهم إلى جهنم أو إلى السب والشتم.. لا يمكن أن نلوم المغاربة لأنهم من أتعس شعوب العالم. لأن رجلا مثل العروي يمكنه أن يقول ما يريد، ويفني عقله في البحث عن كل الأسباب الممكنة لكي يحقق المغاربة الرفاهية، مثل كل الشعوب التي توضع أسماؤها على رأس لائحة السعادة، لكنه لن يجد الصدى الذي تجده فتوى رجل يرى أن الضرورة هو أن لا يكون لنا عقل. لا يمكن أن نعاتب المغاربة إن كانت بلادهم من بلدان العالم، في أجمل بلد في العالم، والشيء الوحيد الذي يشتغل اليوم هو الحديث عن موت العقل، وموت المنطق. هل تلومون المغاربة على أنهم أقل سعادة من النرويج، ومن فرنسا، في الوقت الذي يخرج فيهم فقيه اسمه عمر الحدوشي، يدعو المغاربة إلى العودة إلى بلدانهم السعيدة بتعاستها هروبا من دار الكفر السعيد بسعادته؟ كيف يعقل أن «ذو العقل يشقى في النعيم بعقله، وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم»، وتريدون منا أن نحل هذه المعادلة: شعب تعيس في شقاوته، لأن بين ظهرانيه من يرى بأن السعادة لا تكون إلا مع نهاية العقل وبداية الشطحات. لماذا تلومننا على التعاسة وهي صنو العقل، والسعادة وهي صنو الجهل. المغاربة، أيضا، لا يلامون على تعاستهم، وفيهم من يعتبر أنه المهدي المنتظر، وأن له الحق في تطليق زوجة أستاذ، والكشف عن عورة أستاذ جامعي في محفل خرافي، يتلصص فيه على النساء والرجال عرايا، بالرغم من كل ما تلقوه من علم في الجامعات المغربية.. ولا يمكن أن نلوم المغاربة إذا كانوا من أتعس شعوب الأرض. ولا نلومهم، ومن بينهم شخص مثل الزمزمي، الذي لا يرى مبررا للسعادة سوى جزرة، ولا يرى سببا لهجران البؤس، سوى يد المهراز،.. هل تعاسة المغاربة فعلا في مثل هذه التعاسة الكبرى التي تتعمم من منابر الفقه وشطحات السراويل. لا نلوم المغاربة إذا كانوا تعساء، متقدمين في بركة التعاسة على عشرات شعوب العالم.. لا يمكن أن نصادف السعادة ومعنا من يعتبر أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو المسلمين المغاربة في فرنسا إلى العودة إلى المغرب، وينشر ذلك على شاشات الفيديو، كما لو أن السيد الفقيه الذي غادر السجن منذ أيام قليلة يمكن أن يطعم ويشغل ويعلم 3 ملايين مغاربة في الخارج. كما لو أن سعادة المغاربة في الخارج هي أن يعودوا إلى بلداهم لكي يحتجوا في الشوارع، ويتلقون العصا في الشوارع، ويتلقون الوعود بالجنة والشغل في الشوارع.. سنكون سعداء حقا عندما لا يعتبر من يسوق السعادة العليا في السموات بالقول إن السياحة معصية، والهجرة إلى فرنسا معصية، وأن العلم غدا معصية، إذا لم يقد إلى السلفية الجهادية، وإذا لم يقد إلى اللجن الشعبية لمكافحة الدعارة والتجول ليلا.. سنكون سعداء عندما لا نكون حيوانات مختبرية لأكثر الأفكار جنونا وأكثر الأفكار دوموية وأكثر الأفكار شقاء!