على متن عربات مجرورة، طاولات منصوبة، وفوق «فرّاشات» مبسوطة على قارعة الطريق، بالحي المحمدي، الحي الحسني، البرنوصي وبدرب السلطان، وأحياء أخرى متفرقة من الرقعة الجغرافية البيضاوية. اختلفت المناطق جغرافيا/إداريا لكنها توحدت في احتضان و «الترخيص» بترويج مواد استهلاكية غذائية على ترابها بالعديد من الأسواق الشعبية. علب لمكعبات الشكولاتة، وأخرى خاصة بالأكل يتم دهنها على الخبز، جبن من مختلف الأنواع والأشكال، المحلي منه والمستورد، علب للمربى، يوغورت، أكياس لإعداد مشروبات/عصائر بنكهات مختلفة، تأكد ضررها على صحة الإنسان/المستهلك، أنواع مختلفة من البسكويت، نقانق، «كاشير»، وأنواع أخرى من «لانشون» المغربي والاسباني، المصنع افتراضا من لحم البقر، وذلك الذي يقال بأن مصدره هو الدواجن... هي بعض من سلسلة هذه المواد التي أصبحت في متناول المواطنين، البعض منها قريب من السعر الحقيقي الذي تعرض به للبيع ببعض المراكز والوحدات التجارية، وأخرى تعرض للبيع بثمن أقل بكثير من ثمنها الحقيقي، الأمر الذي يرفع من درجة الإقبال عليها! مواد غذائية، البعض منها يعرض على مدار الساعة طيلة اليوم بأكمله، تلفحه أشعة الشمس تحت الحرارة المفرطة، بدون احترام شروط حفظ وتخزين المواد الاستهلاكية المعروضة للبيع، خارج سلسلة التبريد، ويتم تنقيلها من مكان إلى مكان بكل عشوائية، ليجد المستهلك نفسه، في الأول والأخير، الضحية الأول لهذا النوع من التداول التجاري غير الصحي، الذي يتسبب في تسممات، وظهور طفوح جلدية، ويؤدي في حالات إلى حدوث قصور تنفسي حاد، ينتج عنه بالنسبة للعديد من الضحايا/المستهلكين مجموعة من التداعيات والمضاعفات الصحية والمادية التي يكونون في غنى عنها، لكن يسقطون ضحية لها نتيجة لاقتنائهم مواد قد يخالون أنها صحية ومراقبة من طرف المصالح المعنية ، وهو ما ينتفي في الواقع، وتكون الحصيلة أحيانا مأساوية. بعض هؤلاء المواطنين/المتبضعين يعتقدون أنهم بمراقبتهم لتاريخ الصلاحية المرتبط بتاريخ إنتاج المادة المعروضة للبيع، وتاريخ انتهاء صلاحيتها، فإنهم يتجنبون الوقوع في حالات غير محمودة، إلا أن كثيرين منهم يقتنونها دونما أدنى انتباه لهذا المعطى، الذي لم يسلم بدوره من التدليس والتزوير. إذ يعمد بعض منعدمي الضمير المتلهفين على الربح السريع، إلى فبركة تاريخ آخر، مانحين لبعض المواد عمرا أطول من عمرها الحقيقي، ليمارسوا بذلك نصبا واحتيالا على المستهلكين الذين لاتكون لهم القدرة على الوقوف على حقيقة هذا الغش، الذي تخصص فيه البعض وأحدث له «هنكارات» خاصة، وشكل له شبكة كاملة يقوم أفرادها كل بدور في هذا الإطار، وخصص لها الوسائل التقنية لتغيير تواريخ الصلاحية، وهو الأمر الذي أصبح حديث المجالس لدى البعض، لكن بالنسبة للبعض الآخر، سيما المعوزين الذين يعانون من الهشاشة والإقصاء الاجتماعي ، ممن تنطبق عليهم برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية فعليا، فإنهم غير واعين بحقيقة الامر وتجدهم يقبلون على اقتنائها بالرغم من الخطورة التي تنطوي عليها، لكونها تكون ، على الأقل، مناسبة لقدرتهم الشرائية، وحتى الذين يعلمون بحقيقتها فإنهم أصبحوا يعلقون على هذا الأمر بقولهم «اللي ماقتلات تسمن»!؟ حماية المستهلكين، الذين يوجدون خارج انتباه بعض الجمعيات التي يقال إنها محدثة لهذه الغاية، تستوجب من السلطات الصحية، المحلية والامنية، التكثيف من عملها الميداني، ومراقبة جودة وظروف المواد الغذائية المعروضة للبيع، وذلك رحمة بفئة من المستهلكين، قد يقبلون على شراء مواد تنطوي على الكثير من المخاطر، إما عن جهل، أو بسبب الفقر!!