سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اعتقال الدباح يحرك أزيد من 35 سيارة و3 حافلات شرطة لتطويق دوار سباطي بفاس وتنفيذ قرار الهدم في حق 70 منزلا صفيحيا اعتداءات وإغماءات في صفوف الحوامل واعتقالات ومعاناة ومبيت في العراء
بمجرد اعتقال عزيز الملقب ب »الدباح«، الذي أغرق المكان بدور صفيح جاهزة مقابل مبالغ مالية، تحول دوار سباطي التابع لمقاطعة سايس بفاس صباح الأربعاء الماضي إلى منطقة أمنية مغلقة بعد محاصرته من طرف مختلف قوات الأمن لتنفيذ قرار الإفراغ الصادر في حق السكان، وطوقت أكثر من 35 سيارة شرطة و3 حافلات معززة بالقوات الأمنية، المكان ومنعت السيارات من الوصول إليه. وحسب شهود عيان، عرف الدوار حالة من الاحتقان الشديد أدت إلى حدوث مصادمات بين السكان ورجال الأمن الذين تدخلوا بعنف خلال عملية الإفراغ، إذ اتهمت عشرات النساء بينهن حوامل إحداهن في شهرها التاسع، رجال الأمن الذين شاركوا في عملية التدخل لهدم منازلها بالاعتداء عليهن، كما تدخلت بعنف في مواجهة أفراد عائلات البوجادي والخالفي والعطار والابراهيم والبالي والعمارتي والسعيدي والجناتي وغيرهم من الذين احتجوا على قرار الهدم وحاولوا منع السلطات من تنفيذه، وهو ما حول الموقع إلى قسم المستعجلات على الهواء من كثرة الإغماءات. وعلمت »الجريدة« أن عملية التدخل لإجلاء بعض سكان دوار سباطي وهدم منازلهم بدأت حوالي الساعة الرابعة من صباح يوم الأربعاء 21 مارس 2012، إذ حلت مختلف أنواع قوات الأمن من شرطة وقوات مساعدة بالدوار قبل أن تبدأ عمليات إفراغ سكان المنازل بالقوة، والتي شملها الهدم عبر توقيف 7 أشخاص من بينهم سيدة حامل وطفل لا يتجاوز السنتين ونقلهم إلى مركز الشرطة التابع للمنطقة قبل أن يحالوا على ولاية الأمن التي أفرجت عنهم في وقت متأخر بعد تنفيذ المهمة. وتكلف ممثلو السلطة المحلية بنقل أثاث العائلات إلى المنازل الجديدة عبر الشاحنات قبل أن يلقوا بها من جديد خارج البيت بطريقة عنيفة، دون مراعاة وجود أشياء ثمينة يمكن أن تتعرض للتلف، كما جاء على لسان عبد العالي العمارتي. السعدية السعيدي، مسنة من سكان الدوار الذين شملتهم عملية الهدم، تحدثت إلى مبعوث الجريدة إلى عين المكان وهي تبكي ، حيث فوجئت صباح يوم الهدم برجال الأمن يقتحمون بيتها وينقلون زوجها المريض إلى الشارع المقابل ويشرعون في إخراج الأثاث إلى الشارع، دون أن يقدموا أي تفسير لما يجري، حيث اعتقدت في البداية أن منزلها يتعرض لهجوم من طرف غرباء من شدة التدخل العنيف تحت الظلام، مما كاد أن يسقطها خوفا، قبل أن تتأكد بعد ذلك من وجود قوات الأمن داخل البيت، حيث صرخت في وجههم » لا داعي لهذا الحشد من رجال الأمن، نحن مجرد " دجاج " يكفي شخص واحد لتنفيذ الإخلاء«، مما دفع ببعض الأعوان الى إبعادها بقوة لإخلاء البيت، حيث تعرضت على إثر ذلك لجروح على مستوى الرأس. رشيد هو وغيره ممن تعرضوا للتشرد يؤكد أنه سينصب خيمة مكان بيته بعد هدمه لأن ليس لديه أي مكان يذهب إليه، وينقل لنا مشهدا مثيرا لوالدته التي تجاوزت السبعين من العمر حين جلست على كرسي خشبي أمام بيتها، ترتجف من شدة البرد وهي تراقب رجال الشرطة وهم ينقلون قطع أثاث البيت قطعة تلو الأخرى وتتحسر على هدم بيتها الذي قطنته منذ مدة. وقد احتج السكان على الطريقة التي تمت بها عملية هدم منازلهم الصفيحية التي اقتنوها من عزيز الملقب ب»الدباح« مقابل مبالغ غير قارة، والتي قالوا إنها اتسمت باستعمال مفرط في القوة ضد سكان عزل أرادوا حماية ممتلكاتهم من الضياع خلال عملية الإفراغ، حيث نظموا في اليوم الموالي مسيرة سلمية مشيا على الأقدام في اتجاه مقر ولاية فاس، بحثا عمن يراعي ظروفهم الاجتماعية وأوضاع مرضاهم وأطفالهم الذين توقفوا عن الدراسة بعدما فقدوا مساكنهم، قبل أن تفاجئهم السلطات الأمنية من جديد، وتحاصرهم على مستوى طريق ايموزار وتمنعهم من مواصلة المسيرة. وعلى هامش هذه المسيرة التي لم يكتب لها النجاح، وصفت إحدى محتجات الدوار ما عاشته في وقت مبكر من صباح يوم الأربعاء الماضي ب» "فيلم رعب«": »"..وصلوا، بدأوا في رص صفوف قوات التدخل السريع، دخلت الجرافات، وكنت حينها متوجهة نحو المنازل المستهدفة، فعدت مسرعة إلى البيت لأتصل بزوجي الذي كان قد غادر البيت مبكرا إلى العمل، وأيقظت شقيقته، وبعدها لاحظت أن الحركة دبت داخل الحي برمته، الكل مرتبك، يجرون في كل الاتجاهات، الذين خرجوا منهم من الدوار رفضت الشرطة السماح لهم بالدخول، إلا بعد مرور حوالي ساعة ونصف. بدأ الحصار.. أسرعت السلطات في تنفيذ الهدم الذي حول المكان إلى ركام ليكشف لمن غادروا الدوار مبكرا أن المكان ما عاد كما تركوه في الصباح الباكر، بعضهم شرع في البكاء، وبعضهم الآخر استفسر عن الحادث، الذي خلفه تدخل الجرافات التي لم تحن وضربت المنازل بعنف وأسقطت الجدران تباعا«." وحسب تصريحات لإحدى السيدات وهي تصف لنا هي الأخرى عملية الهدم، قائلة » ما هي إلا دقائق، حتى كشفت السحابة البيضاء التي خلفها الغبار عن ساحة فارغة، ولم يعد هناك بيت «، ووحدها الذكريات تنساب في دموع فاطمة، التي قررت أخيرا المغادرة، وهي تعرف أنها المرة الأخيرة التي ستطأ فيها قدماها الدوار الذي أنجبت فيه أطفالها وكونت فيه حياتها، بحثا عن مكان آخر لعلها تجد فيه ما فقدته من أشياء جميلة. وأشارت بعض المصادر الأمنية الى أن العملية جاءت لإخلاء المنطقة من السكان الذين تراموا على أرض الخواص وأقاموا بطريقة غير شرعية، مؤكدة أن تنفيذ الهدم تم احتراما للضوابط القانونية، كما تحدده المساطر المعتمدة، معلقة أن المنازل التي شملها الإحصاء لم تستهدفها هذه العملية.