مارس سعيد بنمنصور كرة القدم كلاعب سنة 1968 بفريق سطاد المغربي إلى غاية 1971، ثم انتقل بعد ذلك لفريق نجم الشباب البيضاوي، غير أن الحظ العاثر لازمه، ليرغم على الاعتزال، ويتحمل منذ سنة 1973 مسؤولية رئاسة الفريق حتى سنة 2000. كان أيضا عضوا جامعيا في عهد الجينرال إدريس باموس، منذ 1985 إلى غاية 1993، كما تحمل مسؤولية اللجنة المالية وكذا اللجنة المركزية للتحكيم، وهو الرئيس المؤسس للمجموعة الوطنية للهواة، التي تم تأسيسها سنة 1999. ومنذ 13 سنة وهو يتقلد منصب رئيس جمعية صداقة ورياضة، والتي تساهم في خدمة الرياضة والرياضيين، خصوصا اللاعبين القدامى والدوليين الذين تركوا بصماتهم الجيدة، وذلك من خلال إجراء لقاءات كروية يخصص ريعها للرياضيين المكرمين، كنوع من الاعتراف بما قدمته هذه الأسماء لكرة القدم الوطنية. سعيد بنمنصور استضافته الجريدة، باعتباره ممارسا سابقا ومسيرا وأيضا مسؤولا سابقا في إحدى مؤسسات التأمين، وكان معه هذا الحوار - هل الملاعب الوطنية مؤمنة في وجه الجمهور؟ - تخضع المرافق الرياضية للقانون العام، المدني والجنائي، فالمدني فيما يتعلق بالمصالح والأضرار الجسمانية، والتي تتجلى في الجروح والإصابات أو الوفيات، وهناك خسائر مادية والتي تلحق بالغير، والتي تنتمي لمؤسسة أو بناية في ملك شخص يكون هو المسؤول المدني، ويمكن أن يكون جنائيا في ما يتعلق باستغلال الملعب. فالجانب الجنائي له ارتباط بالمخالفة، التي هي درجات. فممكن أن تكون بسيطة (جنايات، جريمة)، باعتبار الجريمة التي يرتكبها المسؤول عن المؤسسة، ويمكن اعتبار ذلك في حالة إذا ما صعب الأمر على الجماهير أثناء الدخول أو الخروج من الملعب، باصطدامهم بأبواب غير مفتوحة، مما يضطرهم إلى الخروج من منفذ واحد بحجم صغير، وقد يعرقل السير والمرور ويحدث أضرارا بصفوف هذه الجماهير، ويحدث ذلك في العديد من المناسبات، وخصوصا في اللقاءات الكبيرة، كالديربيات ومباريات المنتخب الوطني والكؤوس القارية، التي تعرف عادة حضورا جماهيريا واسعا. وفي هذا الجانب أيضا قد تتعرض بناية الملعب للسقوط، كالجدار مثلا، والحالة هاته تؤذي المتفرج. وهنا حسب القانون يتابع مالك الملعب، سواء كان مؤسسة عمومية أو غير ذلك، وهي متابعة جنائية، لأن أصل الضرر هو بناية الملعب. - من يتكلف بالتأمين، هل الأندية أم إدارة الملعب؟ - التأمين ملزم وواجب على مالكي المؤسسات، وهو شرط أساسي، لكن السؤال المطروح، هو هل هذه المؤسسات بالمغرب مؤمنة أم لا؟ وهنا أود أن أوضح شخصيا بأنه لا وجود في المغرب لإلزامية التأمين، فهناك العديد من المرافق الخاصة بحياة الإنسان التي تضخع للتأمين، فعلى سبيل المثال نجد تأمين السياراة إلزامي وأجباري، فمنذ سنة 1934 والمغرب يخضع لإجبارية تأمين السيارة.. وهناك مرافق أخرى خاضعة للتأمين، لكن في المجال الرياضي، وبالخصوص الملاعب، فليس هناك أي إجبارية. فإذا ما أصيب ملعب ما عبر انهيار بناية أو جدار، فإن الدولة أو الوزارة الوصية للشباب والرياضة أو المجلس البلدي، المالك لهذه المنشأة الرياضية، تكون مسؤولة مدنيا وجنائيا تجاه المتضررين. فإن كان هناك تأمين، فبالتأكيد ستكون هناك تعويضات عن الأضرار، وإن كان غير مؤمن فالقانون يلزم المسؤولين بتعويض كل الأضرار. - إذا أردنا أن نؤمن الجماهير، ما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها؟ - يجب أن يكون هناك تنسيق بين النادي المنظم للمباراة وبين الجهة المالكة للملعب، وذلك بتوفير كل الشروط اللازمة، حتى تمر الفرجة في ظروف جيدة، وبطبيعة الحال فالتأمين يجب أن يكون ملزما لحماية المتفرج والحفاظ على سلامته، كلما وقع حادث لا قدر الله، وحتى لا يحرم من التعويضات والعناية اللازمة في إطار الاستشفاء والتطبيب واتخاذ كل التدابير القانونية واحترام البنود، وتحمل المسؤولية المدنية والجنائية للأندية ومالكي الملاعب الرياضية، إذا ما لم تستوف الشروط، ولم تقم بالتأمين. والذي يجب أن يحرص على التأمين، هو المؤسسة التي تنخرط فيها الأندية (الجامعة الرياضية)، التي تتفاوض من أجل دفع الأقساط باسم الجمعيات التي تنتمي لها. وهنا نوعين من التأمين: هناك تأمين سبق أن خصصته المجموعة الوطنية لكرة القدم سابقا لفرق الصفوة، داخل الجامعة، وهذا يؤمن المسؤولية المدنية للنادي، ويؤمن كذلك اللاعبين في ما يتعلق بالأضرار التي من الممكن أن تلحق بهم. فالعقد الذي أبرمته المجموعة الوطنية مع شركات التأمين يحتوي على هذه البنود، التي تتحدث عن حماية اللاعبين وحتى المتفرجين، لكن هذا خاص بفرق المجموعة الأولى.وهناك عقد آخر يعني كل الفرق الأخرى، سواء الهواة أو فرق العصب وعددها كبير مقارنة مع فرق الصفوة، ولابد من تواجده ولا تتكلف به الجامعة. وهناك أيضا تعاقد ثلاثي للتأمين، تشترك فيه وزارة الشباب والرياضة ووزارة التربية والتعليم واللجنة الأولمبية، ويتعلق بالتأمين الرياضي والمدرسي. وهناك مسؤولية مدنية للأندية التي تخضع لعقد هذا التأمين، ويشتمل أيضا هذا النوع من التأمين العديد من الرياضات، وكلما ازداد عدد الممارسين، كلما كان قسط واجبات التأمين جد صغير(لا يتعدى واجب تأمين الممارس الواحد 1650 درهم). وأشير هنا إلى أن كل من ولج ملعبا، ولو لمتابعة لقاءات الهواة، التي يلجها الجمهور بالمجان، فهو مؤمن ومسؤول من طرف النادي الذي ينظم اللقاء الرياضي، ويتكلف بكل مصاب لا قدر الله، ويعوض من طرف التأمين. - ماهي حدود مسؤولية الجامعة، أثناء وجود الشغب وما يرافق ذلك من إصابات؟ - نتكلم هنا بمفهوم المسؤولية المدنية، وتبقى مسؤولية منظم المباراة، وهو النادي، أما الجامعة فهو مؤسسة لها عدة اخصاصات فيما يتعلق بالمبرمجة، والإشراف أو إصدار القوانين والتدابير اللازمة للحد من الشغب. ولاتتحمل الجامعة مسؤولية الشغب داخل الملاعب مدنيا أو جنائيا، لأن المسؤولية تقع على عاتق المنظم للمباراة. - من سيتابع قضائيا في حالات الوفيات التي شهدتها بعض ملاعبنا الوطنية، وتحديدا في صفوف الجماهير؟ - المتضرر يمكنه أن يلجأ للقضاء ضد المسؤول المدني عن المركب، سواء مجلس المدينة، كجماعة، أو وزارة الشباب والرياضة. في حالة الوفاة مثلا، تقع المسؤولية من الناحية القانونية على منظم المباراة، وهو النادي الذي يجب عليه تحمل المسؤولية، فالرجاء البيضاوي مثلا يتوفر على تأمين، وله الصلاحية التامة منذ عهد المجموعة الوطنية الأولى لكرة القدم. وكان آنذاك بحضور امحمد أوزال، الذي ينتمي هو الآخر لإحدى شركات التأمين. وقد أشرفت شخصيا على هذا العقد بإحدى المؤسسات الخاصة للتأمين، والتي تختص أيضا بالتأمين الرياضي. لقد وضعنا الضمانات وحددنا أقساط واجبات التأمين المؤداة وكل ما يترتب عن ذلك، ومازال هذا العقد يسري إلى يومنا هذا بالرجاء البيضاوي، وكل فرق الصفوة لها تأمين خاص، بعيد عن نطاق التأمين الرياضي والمدرسي، وينص على المسؤولية المدنة تجاه المتفرجين، ويحدد البنود التي توضح تعويضات الجمهور في حالة الإصابة أو الوفاة.. - باعتبارك مختصا في مجال التأمين، هلا قدمت لنا حالات بعض الأنظمة الأوربية في هذا المجال على سبيل الاستئناس؟ - الأنظمة الأوربية لها في التأمين جميع جوانب الممارسة الرياضية. فعلى سبيل المثال فرنسا، التي سبق لي أن قمت حول تجربتها ببحث، وقدمت - سيرا على تجربتها -بعض المشاريع لوزارة الشباب والرياضة، إلا أن هذه المشاريع لم تر النور لحد الآن. ويمكن المسؤولي الوزارة أن يرموا بتلك المقترحات التي أدليت بها وقدمتها في وقت سابق بسلة المهملات...! عليهم الآن يبتكروا أشياء جديدة، وويقدموا مشاريع حديثة ومتطورة. إن المشرع الذي يتمثل في البرلمان، له الحق في إصدار قوانين، وعليه فرض إجبارية التأمين الرياضي، على الممارس وعلى المتفرج. لدي حالات من أبزرها حالة لاعب الوداد المرحوم يوسف بلخوجة، الذي لفظ أنفاسه داخل رفقة الملعب والمرحوم عادل التكرادي، لاعب فريق أولمبيك خريبكة، الذي توفي أثناء حصة تدريبية لفريقه، لم يشملهما التأمين..! - التذكرة حجة قانوينة للاستفادة من التأمين، لكنها تسلب من الجماهير أثناء الدخول؟ - لا يمكن أن تطرح هذه الإشكالية، فقد ذكرت سابقا بأن الفرجة قد تكون بالمجان، فالمبدأ الذي يجب أن ننطلق منه، هو أن أي شخص ولج الملعب، كيف ما كان، سواء عبر أداء واجب التذكرة أو بطرق أخرى يعرفها الجميع (السليت)، فقد أصبح تحت مسؤولية منظمي اللقاء. فشركة التأمين لا تطلب من الضحية (المتفرج) التذكرة، لأن التأمين يعتمد على المحضر الذي تم إنجازه في أية حالة من طرف الضابطة القضائية، الذي يبقى كافيا وسندا قانونيا يعتمد عليه عند المطالبة بالتعويض.