خصصت جريدة الأحداث المغربية في عددها الصادر اليوم صفحة رياضية كاملة للواقع الحالي للممارسة الرياضة بمنطقة سوس بقلم الصديق عبدالكريم الذهبي ، ونظرا لأهمية المعطيات والمعلومات التي تضمنها المقال الذي بذل الزميل عبدالكريم مجهودا كبيرا في إنجازه يعيد الموقع نشره تعميما للفائدة مع شكرنا الخالص للصديق الذهبي -------"إمكانيات مادية مهمة،بنيات تحتية وخزانة شبه فارغة"........ -------"سوء التسيير يهدد الرياضة السوسية بالسكتة القلبية".......... لم تقو الرياضة السوسية طيلة عقود عديدة من الممارسة على تجاوز دورها التنشيطي التكميلي لرزنامة المنافسات الوطنية بمختلف الرياضات الجماعية منها والفردية رغم ما تتوفر عليه المنطقة من إمكانيات بشرية ومادية جد مهمة لم تستفد منها خزانة ألقاب الرياضة السوسية في شيء رغم نذرة الألقاب التي تعد على رؤوس الأصابع والتي في الغالب لا تتأتى بشكل مؤسس وبتخطيط مدروس على المدى البعيد ،لقبي البطولة اللذين توج بهما فريق حسنية أكادير قبل أربعة مواسم ولقبين لكل من رجاء وحسنية أكادير لبطولة المغرب فئة الصغار في كرة القدم وبعض الألقاب هنا وهناك في رياضات أخرى وعلى فترات زمنية متباعدة وفي رياضات مختلفة. أزمة الرياضة السوسية في مسيريها صورة لأرشيف رياضي فقير رسمت ملامحه أسباب كثيرة منها الموضوعية المرتبطة أساسا بالتقسيم والموقع الجغرافي لمنطقة سوس في أقصى المغرب بما يعكسه ذلك من اهتمام لعدد من الجامعات بالأندية والعصب المتواجدة على محور الرباطالدارالبيضاء وما جاورهما ولامبالاة ببقية المناطق الموزعة على أطراف المغرب ومن بينها أندية وعصب سوس في مركزية جامدة جاحدة منفتحة فقط على المحور المذكور. لا مبالاة الجامعات لسنوات زاد من حدته نظرة طيف المجالس المنتخبة المتعاقبة بسوس للرياضة كوسيلة وليس غاية بذاتها فكانت مشاريعهم الرياضية على المقاس ودعمهم للرياضة على نفس القدر برغم الانتعاشة التي تحققت في العقد الأخير والتي غداها تنافس حاد بين رؤساء وأعضاء المجالس البلدية على وجه الخصوص بحكم صراع المواقع وطموح الريادة محليا والاختيار وقع على الرياضة بفكر ضيق ومحدود صب كل الاهتمام على كرة القدم متجاهلا أنواع رياضية أخرى. ضعف حضور الرياضة السوسية على المحفل الوطني تلتقي بعض من أسبابه في ظروف ذاتية عاشتها الأخيرة تتوزع ما بين مشاكل الأجهزة المسيرة التي غالبا ما تستمر بنفس الوجوه ونفس الأفكار لعقود وعقود كحالة أندية كرة القدم التي لم تستطع لأزيد من عشرين سنة أن تنتج نخبا مسيرة جديدة بما أن المسيرين يفضلون إقبار أنديتهم عوضا عن التنحي والقبول بحركية الأجيال حتى أضحت أندية سوس بمكاتب وأجهزة مسيرة معمرة لا تنقرض إلا بمرض ، وفاة أو حكم قضائي. الميادين الرياضية بسوس : بنية تحتية جيدة لكن... نقطة الضوء في المجال الرياضي بسوس هي بلا أدنى شك الميادين الرياضية الجيدة والمتنوعة ،فإن لم تستطع الرياضة السوسية تتويج تواجدها في المنافسات الوطنية بالألقاب والأرقام فقد كتب لها على الأقل أن تكون رائدة وطنيا ببنية تحتية قوية مشكلة بالأساس من ملاعب معشوشبة لكرة القدم بمختلف الجماعات الموزعة على التراب السوسي خصوصا بعمالتي أكادير وإنزكان هاته الأخيرة التي أضحت تتوفر في العقد الأخير على ثلاث ملاعب لكرة القدم ( الدشيرة، إنزكان وأيت ملول ) بعشب جيد وقاعة مغطاة متعددة الاستعمالات بإنزكان وقاعة من نفس النوع في طور الإنجاز بالدشيرة بنيات رياضية مهمة تبقى طريقة استغلالها متعثرة. وقد ساهم إقدام جماعة إنزكان على تعشيب ملعبها البلدي منتصف التسعينات في تشجيع بقية الجماعات بتراب نفس العمالة على تعشيب ملاعبها قبل أن تنتقل حمى التعشيب لتشمل عددا آخر من الملاعب فأضحت أغلب الملاعب السوسية معشوشبة ( هوارة ،كلميم ،تارودانت،تزنيت ...) وينتظر أن تتعزز ملاعب أخرى بالعشب كملعب إتحاد سيدي إفني الذي شيد أيام التواجد الإسباني بالمنطقة وكان معشوشبا قبل أن تتحول أرضيته بفعل الإهمال لأرضية ترابية وقد رصد له مبلغ 220 مليون سنتيم لتعشيبه وإعادة تهيئته فيما لا يزال فريق نجم أنزا يعاني جراء تأخر إنجاز مشروع تعشيب وتهيئة ملعبه حيث يستقبل للموسم الرابع خارج ملعبه مضطرا للتدرب على أرضية ترابية واللعب بملعب عبد الله ديدي المعرض للهدم نهاية الموسم في ظل وعود بتعويضه بملعب آخر بالحي المحمدي بقيمة700 مليون سنتيم . ويمكن إبداء ملاحظة تسري على جميع الملاعب المذكورة سلفا هي توفرها على مدرجات بجهة واحدة فقط وبطاقة استيعابية ضعيفة لا تتجاوز منفردة في الغالب الخمسة آلاف متفرج. ليبقى ملعب الانبعاث ، الذي شرع في أنجازه بداية سنة 1965 ، هو الوحيد الذي يمكنه استيعاب المباريات التي تستقطب عددا كبيرا من المتفرجين رغم العيوب الكثيرة التي تميز تشكيل مدرجاته و منصاته الجانبية والشرفية الأمر الذي دفع المجلس الجماعي لأكادير لتخصيص غلاف مالي مهم لإعادة تهيئة الملعب وتحويله هو و ملاعبه الملحقة الجنوبية لمركب رياضي متكامل ليتوافق مع الشكل الذي صمم له في البداية عقب زلزال أكادير بداية الستينات حيث سيتم ملئ المدرجات الحالية لترتفع عن مستوى أرضية الملعب بقرابة المترين لجعل كل المتواجدين بالملعب يتابعون المباريات من دون الحاجة لحواجز حديدية تعيق الرؤية كتلك المتواجدة حاليا كما سيتم هدم كل مرافق الملعب الحالية كالمرافق تحث أرضية التي ستعوض بأخرى موزعة على شكل أربع بنايات بأرجاء الملعب و سيتم تجديد المنصة الشرفية وتشييد بناية عصرية خاصة بالإعلاميين وتزويد الملعب بمحلات تجارية وتجديد نظام الإنارة المتقادم لتحويل الفضاء الذي روعي في بناءه الجانب الجمالي إلى تحفة رياضية تستحق أن تحتل قلب المنطقة السياحية لأكادير. مشروع تهيئة ملعب الانبعاث سيكلف ملياري سنتيم على أن يتم بموازاة ذلك تهيئة فضاء الانبعاث الجنوبي بتكلفة تقارب 900 مليون سنتيم بالإضافة إلى مليار سنتيم آخر سيخصص لتشييد مسبح أولمبي على مساحة تراوح الثلاثة آلاف متر مربع جوار القاعة المغطاة الانبعاث.لخلق مركب رياضات متكامل يضاف لمشروع الملعب الرياضي الكبير لأكادير الذي شرع في إنشاءه منذ أزيد من ثلاث سنوات. إذا كانت ميادين كرة القدم متوفرة نسبيا فإن فضاءات رياضات أخرى كالسباحة الريكبي التنس ،رغم تواجد فضاءات لها إلا أنها تبقى منعزلة داخل أسوار المؤسسات السياحية أو أندية النخبة حالة التنس مثلا... فلا وجود لمسبح أولمبي رغم أن منطقة سوس تمتد على شريط ساحلي مهم اختير من أجمل الخلجان بالعالم.ولا ضرر في التذكير هنا بمشروع آخر مهم بأكادير دائما يحمل اسم فضاءات الاستراحة هو عبارة عن مجمعات صغيرة تضم ملاعب لمجموعة من الرياضات بما فيها المسابح على مساحات متوسطة ستكون موزعة على أحياء المدينة في مشروع يقرب الفضاء الرياضي أكثر ويقلل من نخبوية الرياضة بما أن الأصل هو جعل الرياضة تمارس على نطاق واسع بحيث يكون المجتمع رياضي وليس متابع فقط للحدث الرياضي. رياضات غائبة وأخرى مغيبة: و إذا كانت بعض الأنواع الرياضية بميزة الغياب المطلق عن التتويج والألقاب فإن أنواع رياضية بعينها تكاد لا تجد لها أثرا بالمنطقة وحتى لو وجدت فهي غير مؤطرة داخل نواد رياضية خاصة كرياضة الريكبي والسباحة وسباق السيارات ... رغم أن بعضا منها كان يمارس بالمنطقة قبل زلزال أكادير خصوصا من قبل الأجانب الذين ساهموا بشكل بارز في بروز أنواع رياضية قبل الاستقلال كالرياضات البحرية وسباقات السيارات التي كانت أكادير وجهتها الأولى آنذاك بل من الأجانب من مارس داخل أندية وطنية بالمنطقة منها فرق كرة القدم. و يحيل عدد العصب الجهوية بسوس على طبيعة الممارسة الرياضية بأرض الانبعاث فعددها لا يتجاوز عشر عصب منها أربع جماعية هي عصب كرة القدم ،كرة السلة ،كرة اليد والكرة الطائرة خمس عصب أخرى لرياضات فردية هي عصب التيكواندو ، الجيدو، الكراطي ، ألعاب القوى والشطرنج فيما عدد الأنواع الرياضية بالمنطقة التي لها على الأقل فريق واحد يمارسها لا تتعدى ثلاثين نوعا رياضيا من أصل 300 نوع رياضي. كرة القدم التي تحظى بشعبية كبيرة تبقى صاحبة الريادة بسوس بحكم تواجد ثلاثة وأربعين ناديا منخرطا بعصبة سوس موزعين على مختلف الأقسام يتقدمهم فريق حسنية أكادير بالقسم الوطني الأول وشباب هوارة بالقسم الثاني فيما يضم القسم الأول هواة شطر الجنوب تسع فرق ،وست فرق بالقسم الثاني هواة شطر سوس. بينما يبقى فريق رجاء أكادير لكرة اليد هو الفريق الوحيد من بين أندية باقي الرياضات الجماعية الذي يمارس بقسم الصفوة ، فكرة اليد، التي يتزايد عدد أنديتها سنويا ،ينتظر أن تبلغ مع انطلاق الموسم الحالي عشرين فريقا، رقم تأمل عصبة سوس مضاعفته ليصبح أربعين فريقا موزعين على كل تراب سوس في أفق سنة 2012. فريق كرة السلة على الكراسي المتحركة التابع لجمعية سوس لرياضة الأشخاص المعاقين يعد أيضا من أبرز المتوجين وطنيا بعد حصوله الموسم الماضي على لقب البطولة الوطنية ، مع العلم أن نفس الجمعية كانت قد فازت بلقبين لكأس العرش لنفس اللعبة في مناسبتين سابقتين. حال الرياضة النسائية أيضا ليس بأفضل منه لدى الذكور فعدد الممارسات قيليل جدا ومحدود في أنواع رياضية بعينها ككرة القدم و الشطرنج والفنون الحرب وكرة اليد مؤخرا...وضع يفرض على الأندية الرياضية الإلتفات للمؤسسات التعليمية التي تبقى المستنبت الحقيقي للأبطال والبطلات بخلق شركات حقيقية تنعش الممارسة الرياضية بسوس ونموذج كرة اليد لدى الجنسين خير ذليل على ذلك. دعم مادي مهم... و إن توفر للأندية السوسية الحد الأدنى من التجهيزات والملاعب الرياضية فإنها في غالبيتها تشتكي غياب الدعم المالي الكافي سواء من المجالس المنتخبة أو من المؤسسات الاقتصادية والسياحية التي تمتل شبكة رائدة وطنيا،رغم أن هذا المعطى فيه وأد لروح المبادرة الذاتية للمسيرين الذين من المفروض فيهم البحث عن سبل التمويل الذاتي وفق إستراتيجية تدبير وتسيير عقلانيين دون الإختفاء في أحيان كثيرة وراء نقص دعم الجهات المذكورة لمداراة إخفاقهم في مهامهم التي تطوعوا من أجلها دون إكراه علما بأنها ليست من المسؤوليات السهلة.رغم ذلك هناك أندية قامت بمبادرات حميدة مكنتها من التوفر على على موارد قارة بفضل إنشائها لمركبات اجتماعية وتجارية كمركبي فريقي إتحاد أيت ملول وأولمبيك الدشيرة ومقرات أندية رجاء أكادير ونجاح سوس دون إغفال الشريط العقاري المجاور لملعب الانبعاث والتابع لحسنية أكادير الذي يدر على خزينة النادي لوحده قرابة160 مليون سنويا قابلة للزيادة في حالة مراجعتها مستقبلا. حجم الدعم المالي من المؤسسات غير الرسمية لأندية سوس يبقى ضعيفا بالمقارنة مع عدد الوحدات الاقتصادية بالمنطقة سواء السياحية منا أو الفلاحية أو الصناعية لأنه لا يعقل أن تقدم هذه الأخيرة دعمها لأندية وأجهزة خارج سوس في الوقت الذي تعاني منه أندية المنطقة الخصاص. ولا أدل على محدودية أفق بعض من المسييرين السوسيين توفرهم على مداخيل قارة مهمة لكن دون قدرة على تطوير أداء أنديتهم للبحث عن الألقاب ، بحيث يصبح حضورهم في المنافسات الوطنية بطابع روتيني شرفي، وضع ساهم فيه بشكل مباشر غياب دفتر تحملات واضح بين المانحين والأندية يلزم الأخيرة بالحضور الجيد. وربما تكون مبادرة مجلس جماعة أكادير، الذي يوفر وسائل نقل أيضا للأندية، برهن دعمها للأندية مستقبلا بضرورة توفرها على أربع فروع على الأقل خطوة مهمة بحيث لا يصبح الدعم المالي للفرق الرياضية يقدم بشكل هاوي بل في إطار اتفاقيات شراكة ملزمة للطرفين . إن صرف الإعتمادات والمنح المالية للفرق الرياضية السوسية بصيغته الحالية في حاجة ملحة للمراجعة لأن تقديم الدعم الغير مشروط يجعل الأندية بغير طموح و يجعل المال العام من غير مراقب فالملايير من السنتيمات تضيع سنويا بسوس في القطاع الرياضي سواء في إطار منح أو في إطار ميزانيات تسيير وتجهيز المنشآت الرياضية.. القطاع الوصي على الرياضة محليا والمتمثل في مندوبية الشبيبة والرياضة يلزمه هو أيضا تطوير أداءه فكيف يعقل أن يشتغل موظف واحد فقط بالمندوبية على ملفات رياضية لمئات الأندية دون تنسيق حيث ينحصر دوره في استقبال مراسلات إخبارية من بعض الأندية تتضمن في الغالب بتواريخ بانعقاد الجموع العامة. الرياضة السوسية بمشاكلها واكراهاتها الذاتية والموضوعية تملك رغم ذلك كل مقومات الإقلاع والتطور ،يلزم فقط وضعها في إطار شمولي متفاعل مع باقي المجالات الثقافية والاجتماعية بحيث تصبح مؤطرة بأهداف واضحة متوسطة وطويلة الأمد وليس فقط خبط عشوائي، و في هذا الصدد يمكن إدراج فكرة إنشاء لجنة أولمبية بسوس تكون من غاياته المرحلية وضع مخطط شمولي للنهوض بالقطاع الرياضي في تنسيق تام مع كافة لمتدخلين من مجالس منتخبة ومؤسسات اقتصادية وسلطات عمومية. للوصول لقطاع رياضي متكامل الأنواع والأدوار يسمح بوقف هدر الأموال في منشئات رياضية لأنواع رياضية بعينها وتحويلها لمشاريع تجعل من أولوياتها إبراز كل الأنواع الرياضية بطبيعة الحال وفق الحاجيات. مع ضرورة إخضاع القطاع الرياضي للمراقبة بخلق مرصد يشتغل بتنسيق مع اللجنة السالفة الذكر بطموح تحويل القطاع مستقبلا لقطاع منتج ومتوج وطنيا. بقلم : عبد الكريم دهبي