أكد البروفسور شكيب النجاري، أن البحث السريري هو أداة أساسية للنهوض بالابتكار الطبي والتكفل العلاجي، مشددا على أنه يتطور في بلادنا ، خلافا لسنوات فارطة، إلا أنه ومقارنة بدول أخرى من قبيل تونس ومصر أو جنوب إفريقيا، فهو يظل غير كاف بالنظر إلى الإمكانيات المتاحة، وهي المعضلة التي تعاني منها مختلف دول الجنوب. مشددا على أن هذا التأخير في مجال البحوث السريرية يعزى لعوامل عدة، من بينها عدم كفاية التكوين، وغياب قانون ينظم هذا القطاع الواعد، وضعف الاستثمار في البحث من أجل التنمية والتشغيل، موضحا بأن هناك مشروع قانون يجري إعداده حاليا، وينبغي أن يكون قادرا على معالجة هذه الإشكالية. لكن من الضروري أن يتم اعتماده خلال المدى القصير للحيلولة دون إعاقة البحث السريري في المغرب. اللقاء الذي نظمه مختبر علم الأوبئة والبحث السريري لفاس ، الأسبوع الفارط بالدارالبيضاء، أوضح من خلاله النجاري الذي كان يتحدث إلى ممثلي الصحافة الوطنية، أن البحث السريري هو محطة أساسية من أجل ضمان تكفل أفضل بالمرضى، بالنظر إلى مساهمته في تطوير نجاعة العلاجات وابتكار أخرى، داعيا إلى أن يحظى باهتمام مهنيي الصحة، والسلطات العمومية، وأن يتم تسطيره ضمن توجهاتها الكبرى في السياسة الصحية، مشيرا إلى أن المغرب يتوفر على إمكانيات واعدة تخول له أن يصبح قطبا متميزا في هذا المجال، كما تدل على ذلك المؤشرات البيبليومترية الدولية المسجلة منذ سنة 2004، لكنه يظل في مراتب متأخرة بالمقارنة مع الدول المجاورة الأحسن تصنيفا في هذا المجال مثل تونس، مؤكدا على أن «إجراءات في هذا الإطار تفرض نفسها بشكل استعجالي، والتي تتصل بالأساس بالإرادة السياسية المعلن عنها، وتوفر الميزانية، والموارد البشرية المؤهلة، وبالأخص القانون الذي من شأنه منع التجاوزات أو الانتهاكات». والمقصود بالبحث السريري، وفقا لمداخلة البروفسور شكيب الخياري ، هو البحث الذي ينجز على البشر من أجل تحسين المعرفة حول دواء ما، مرض، عملية أو علاج. ويتعلق جزء مهم من الدراسات في البحث السريري بالدراسات على أدوية جديدة أو مؤشرات علاجية جديدة بالنسبة للأدوية المتداولة، والتي تأتي بعد سلسلة من الاختبارات، الدراسات والبحوث الإجبارية المنجزة بالأساس على مزارع الخلايا وأيضا على الحيوانات. وتجرى هذه الدراسات التي يطلق عليها دراسات علم الصيدلة التجريبية في المختبر، وتتيح بلورة مسارات علمية وتحديد الجرعات الأولى التي ينبغي وصفها للإنسان «وهذا ما يطلق عليه المرحلة ما قبل السريرية» . وتستخدم التجارب السريرية على البشر بعد ذلك للدراسة والتأكد من خصائص الجزيئات، بغية جعل استعمالها فيما بعد آمنا ومسؤولا. وتنصاع الدراسات ما قبل السريرية والسريرية، لمنهجية غاية في الدقة وتشريعات وطنية وتوصيات دولية صارمة، وتنظم هذه البحوث على الإنسان من قبل منعش مسؤول تشريعيا «المختبرات الصيدلية، طبيب، أو مجموعة أطباء» . وتعد التجارب السريرية على الإنسان مرحلة إجبارية لتطوير دواء ما، فبدون تجارب سريرية ليس هناك من دواء. لكن ذلك لا يتوفر إلا بعد مراحل متعددة من التطوير قبل السريرية، حيث يمكن أن تجرى أولى التجارب العلاجية على الإنسان عبر عدة مراحل. خلال المرحلة الأولى، تتم التجارب على متطوع سليم، في مراكز متخصصة مرخص لها . ويكمن الهدف من هذه المرحلة في التأكد من أن النتائج حول الآثار غير المرغوب فيها المحصل عليها خلال المرحلة ما قبيل السريرية مماثلة لتلك المحصل عليها لدى الإنسان، وقياس ما سيؤول إليه الدواء داخل الجسم بحسب طريقة تناوله عبر الدراسات الحركية الصيدلانية ( امتصاص، توزيع، أيْض، إخراج). وتسمح المرحلة الثانية بتحديد سقف الجرعة، خاصة على مستوى الفعالية على مجموعة صغيرة من الأشخاص المرضى. أما المرحلة الثالثة فتتيح تأكيد فعالية الدواء والعلاقة بين الجرعة وتأثيرها. ويتعلق الأمر بتجارب للمقارنة حيث يتم خلالها مقارنة الدواء بصفة عامة بعلاج مرجعي سبق تسويقه أو في بعض الحالات علاج بديل أي علاج بدون نشاط دوائي (في حال غياب دواء مرجعي)، وفي نهاية المرحلة الثالثة تقدم النتائج إلى السلطات للحصول على رخصة تسويق أو ما يطلق عليها ب AMM .أما بخصوص المرحلة الرابعة، فهي تتم بمجرد تسويق الدواء على عدد مهم من المرضى بغية تعميق المعارف حول الدواء في ظل الظروف الحقيقية للاستعمال. وتخول اليقظة الدوائية اكتشاف الآثار غير المرغوب فيها والنادرة، التي لا يمكن الكشف عنها خلال المراحل الأخرى من التجارب.