يقدم كتاب «الشعر والمعنى» لابراهيم الحجري مجموعة من القراءات النقدية التحليلية التي تعبر عن رؤية خاصة تحمل كثيرا من العناوين والمصطلحات المبتكرة مثل «الإشارة التجنيسية والعتبة الإشهارية» وذلك ليتسنى له خدمة اتجاه أدبي يميل له أكثر من سواه مع بذل قصارى جهده و ثقافته لخدمة هذا الهدف. ويبتعد الكتاب عن المقولات النظرية الجامدة فيسائل النصوص الشعرية التي درسها مساءلة جادة تستند إلى خبرة ودراية بالعملية النقدية التي تزداد فيها المعرفة المرتكزة على الإحساس وسلامة الرؤية والذوق الفني من خلال منهج نقدي وثقافي معين لا يحاول أبدا أن يرتكز أو يقترب من رؤى مخالفة لا تتفق معه. والكتاب محاولة جادة في قراءة العوامل التي ارتكزت عليها بنية القصائد وصولا إلى الاقتراب من جوهر المشاعر الذي يختلط مع مجموعة عناصر أخرى يتألف منها النص وهي عناصر جديدة ومغايرة للمألوف كما يبحث الكاتب في المجموعات التي درسها عن القصائد التي تختلف بالمعاني وتتباين بالأشكال والمبنى مصمما على أن يشكل باقة تشبه باقة الزهور للاستنتاج أن ما يبحث عنه هو في النتيجة شعر حقيقي و ليس سوى ذلك. ويدرس الناقد الحجري كل قصيدة بمفردها ليستخلص ماهية تركيبها وملامحها واستنباط القواعد الجديدة التي ترتكز عليها القصائد وهذا ما دفع مؤلف الكتاب إلى الوقوف على الحالات الشعرية الخاصة التي يراها والتي تمكنه من استخلاص الجوهر الشعري. ويعمل الناقد الحجري على قاعدة مخالفة النقاد الذين يقسمون النص إلى شكل ومضمون ويعتبر هذه الحالة فاشلة في النقد وأن الشكل والمضمون كلاهما يوصل القارئ إلى معنى واحد ولاسيما أن النص الحديث لا يمكن أبدا أن تنطبق عليه هذه الحالة. ويبحث في القصائد التي يتناولها عن نصوص مليئة بالعناصر الجمالية والتخيلية التي تملك رؤى مستقبلية أكثر من اهتمامه بالنصوص التي تعود إلى الماضي مبينا ان أغلى ما يبحث عنه هو المفردات والتعابير الغريبة و المبتكرة عبر الخيال. ويرى المؤلف أن الشاعر يجب أن يبحث عن أسرار الحياة وأسرار الوجود والحقائق لتكون القصيدة محاولة للاقتراب من الأشياء غير الملموسة. ويعمل الكتاب على تقديم مجموعة من الشعراء إلى القارئ العربي والتعريف بها وإطلاعه على خصائصها الإبداعية وتوجهاتها الفنية .. إلا أن المؤلف يتعامل مع النصوص بمستويات متفاوتة يظهر من خلالها بعض الانحياز ،فهناك قصائد اهتم بها أكثر من غيرها كما لا توجد معادلة موضوعية في التناولات النقدية بين شعراء الوطن العربي. ويحاول الناقد أن يتكئ على مناهج الدراسات الأدبية و دلالاتها ومساءلتها ومع كل محاولاته إلى التجرد من النمطية والذاتية. ويشار إلى أن الكتاب يهتم بالحداثة ومكوناتها على حساب النصوص الكلاسيكية وفي مجموعة العناوين التي تضمنها الكتاب الذي قدم له الشاعر والناقد الدكتور نزار بريك الهنيدي قراءة نقدية للشعر الحديث كشفت الرؤية الخاصة للكتاب وفيها بعض التفوق على القراءات الموجودة بالكتاب برغم اتجاهها الكامل نحو الحداثة أيضا ونرى أن الحجري قدم إضافة جديدة إلى الثقافة العربية قد تتطور أكثر كلما حقق انفتاحا على الثقافات الأخرى واطلع على تراكمات الزمن القادمة. يذكر أن الكتاب من منشورات دار النايا ودار محاكاة ويقع في 520 صفحة من الحجم المتوسط.