كانت نجوى تحس بضجر شديد وسط أبنائها الأربعة، خاصة في غياب أي شيء قد يسليها. وما إن لاحظت نمو شعر أصغر أبنائها حتى اغتنمت الفرصة لتستعيد بعضا من أيام طفولتها: «دون أن أطيل في التفكير، شرعت في جعل شعر طفلي على شكل ظفائر كما حاولت تصفيفه بطريقة أنيقة، تماما على شكل خصلات الشعر التي تتدلى من عنق حصان زوجي. وهكذا وجدتني أرسم وأخيط ملابس فتاة صغيرة مستعينة بعمر كنموذج أجرب عليه ما أبتكره.» لكنها لم تكن ترغب في إزالة تلك الملابس الأنثوية عن صغيرها: «لم يمر وقت طويل حتى بدأت في نسج فساتين أخرى أكبر تتماشى مع سنه». تبرر نجوى إدمانها على ملابس الفتيات بالقول إن الطفل الصغير لا يتذكر أي شيء. والأمور ستكون بخير مادام أسامة لم يكتشف الأمر. لكن بعد شهر قضاه في باكستان، سيعود أسامة إلى منزله دون سابق إنذار، وهناك سيدخل عمر إلى المنزل بشعره الطويل المنسدل على شكل ظفائر، مرتديا فستانا أنثويا، واتجه مباشرة نحو والده. «شعرت بغصة في حلقي وبأحشائي تنكمش، وكانت عيناي مشدوهتان وتنظران بخوف إلى زوجي لأرصد ما سيقوله أو يفعله.» مال أسامة نحو طفله، وتفحصه بتمعن، مرر أصابعه على الفستان ثم على ظفائر عمر. شابه نوع من التردد وهو ينقل بصره بين الطفل ووالدته. ثم قال بهدوء فاجأ نجوى: «عمر، أنت ترتدي ملابس بنت، وأنت طفل». مرر يده مرة أخرى برفق على شعره ابنه ثم قال: «شعرك مصفف كشعر البنات، وأنت طفل.» مرت الثواني وكأنها ساعات على نجوى وهي الزوجة التي لم يسبق لها قط أن أثارت غضب زوجها: «الحقيقة أنني كنت أكثر أزواجه سمعا وطاعة.» وكانت على استعداد لتقبل أي شكل من العقاب سيختاره. لكن بن لادن لم يرفع حتى صوته وهي يتحدث، فقد كان متفهما لمشاعر زوجته التي يتغيب عنها كثيرا. خاطبها بصوت أكثر لطفا من سابقه قائلا: «نجوى، عمر طفل، انسجي له ملابس خاصة بالأطفال، وقصي شعره الطويل.» كان الدرس مفيدا لنجوى، وستتصرف بشكل أفضل مستقبلا، أو على الأقل في فترات حضور أسامة في المنزل. لأنه بمجرد مغادرته مجددا إلى باكستان، سيشده الحنين إلى انوثتها، لكن هذه المرة بشكل أقوى: «عاد زوجي مرة أخرى دون سابق إنذار، وهنا سيفاجئني وأنا أستمتع بمشاهدة طفلي وهو يرتدي فستانا وردي اللون وبشعره المجعد.» صمت أسامة، لكن نظرته كانت كلها تنطق بتهديدات كثيرة. ومنذ تلك اللحظة أدركت نجوى أن الأمور لن تكون بخير كما حدث سابقا، فقررت جمع كل تلك الملابس ووضعها في حقيبة خاصة في انتظار أن تنجب من سترتديها.