سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في الندوة الختامية لبرنامج «محاربة تشغيل الأطفال والهدر المدرسي» ... النقابة الوطنية للتعليم تدعو إلى وضع خطة وطنية لمحاربة تشغيل الأطفال والهدر المدرسي
نظمت النقابة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، يومي الخميس والجمعة 9 - 10 فبراير 2012 بمجمع المركب الثقافي «المنوني» بمكناس، ندوة تقييمية وختامية لبرنامج: «محاربة تشغيل الأطفال والهدر المدرسي»؛ وذلك تحت شعار: « جميعا لحماية حقوق أطفالنا». وقد ساهم في أشغال هذه الندوة، مسؤولون نقابيون سهروا على تنفيذ هذا البرنامج، داخل مجموعة من المؤسسات التعليمية التابعة لخمس أكاديميات جهوية (خمس مؤسسات ابتدائية عن كل أكاديمية) منها أكاديمية جهة مكناس تافلالت، إلى جانب ممثل عن وزارة التربية الوطنية، ومسؤولين عن بعض الأكاديميات المستهدفة بالبرنامج. وقد تنوعت أشغال هذه الندوة بين الكلمات التوجيهية والتدخلات التقييمية والإبداعات التلاميذية، التي ساهم بها تلامذة المؤسسات المستهدفة داخل الأكاديميات الخمس. وقد صرح الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم عبد العزيز إيوي في البداية، بأن هذا البرنامج الذي نشهد تقييم إحدى مراحله، قد انطلق في إطار علاقة صداقة بين النقابة الوطنية للتعليم ونقابة (aob) الهولندية، ثم تحول إلى علاقة تضامن بين الشعبين المغربي والهولندي. وقد مكن من التعرف على جزء من معاناة الأطفا ل المغاربة، ليس داخل هولندا وحدها، بل داخل عموم الفضاء الأوربي. واعتبر الكاتب الوطني أن هذا البرنامج قد عبر عن استعداد المغاربة للانفتاح والتعبير عن مشاكلهم، حيث ارتفع طابو الصمت، ليخرج الأطفال المغاربة في المدن التي مسها البرنامج إلى الشارع في مسيرات تلاميذية عبرت عن انشغال الأطفال المغاربة، ووجهت نداءاتها إلى من يعنيهم الأمر، قصد لفت انتباههم لآفتي الهدر المدرسي وتشغيل الأطفال، ومن جهة أخرى -يتابع إيوي- أعطى البرنامج صورة إيجابية عن الديمقراطية المغربية، وانفتح عليه الجامعيون في هولندا، وعبرت جهات جامعية هناك عن رغبتها في إقامة شراكات متنوعة مع الجامعات المغربية حول هذا الموضوع، مما يفتح الأبواب أمام استفادة المنظومة التربوية المغربية، ويفتح الآمال في إمكانية التخفيف من ظاهرة تشغيل الأطفال، إذا توفرت الإرادة السياسية، وتضافرت الجهود بين الحكومة والنقابات وجمعيات المجتمع المدني، من أجل الحد من آفة الهدر المدرسي. وهكذا -يضيف عبد العزيز إيوي- يكون البرنامج قد أعطى بعدا جديدا للعمل النقابي، حيث فتح أمامه إمكانية الانفتاح على مجال الأعمال التنموية إلى جانب الأهداف المطلبية المعهودة. أما ممثل وزارة التربية الوطنية، فقد اعتبر أن حضور الوزارة إلى هذه الندوة، يعد اعترافا بالدور الهام الذي يقوم به جميع الفرقاء الاجتماعيين ومنظمات المجتمع المدني، من أجل النهوض بحقوق الإنسان ببلادنا، وعلى رأسها حق التربية والتعليم، كما أن هذا الحضور يمثل تجديدا للاعتراف بدور الشراكة بين منظمات المجتمع المدني والفرقاء الاجتماعيين وبين القطاعات والمؤسسات الحكومية، ذلك أن عالم اليوم لا يقتضي فرض حلول أحادية الجانب، بقدر ما يقتضي تضافر الجهود والمقاربة التشاركية، في الإجابة عن أسئلة معقدة، في ظل أوضاع عالمية ومحلية متسمة بالتعقيد الشديد. وإذا كانت بلادنا قد قطعت خطوة هامة في مسار تطورها بإقرارها لدستور جديد، ذي مضمون حقوقي، فإن هذا الأمر قد أصبح يفرض مضاعفة الجهود، من أجل الارتفاع بشراكتنا إلى مستويات تمكن من النهوض بحقوق الإنسان، وضمان حياة كريمة للجميع. واعتبر مدير أكاديمية جهة مكناس تافلالت، الهدر المدرسي ظاهرة سلبية متعددة الجوانب، يتداخل فيها الاجتماعي بالاقتصادي والتربوي، وتنعكس نتائجها مباشرة على أداء المنظومة التربوية ككل، وعلى تحقيق النجاعة المطلوبة منها، مما يحتم النظر إليها بعين الجدية والتمحيص والمتابعة الميدانية، من طرف كل الجهات المتدخلة، بهدف البحث عن الحلول الناجعة لها في مختلف الجهات والأقاليم. وفي هذا الباب، يعتبر ما قامت به النقابتان الشريكتان: النقابة الوطنية للتعليم (ف. د. ش) ونقابة (aob) الهولندية عملا يدخل في صميم اهتمامات النقابات المواطنة، التي تتجاوز القضايا المطلبية الصرفة لتنخرط بإسهام وفعالية وبشكل إيجابي في الإجراءات العملية الهادفة لخدمة المواطن والمدرسة ومن خلالهما المجتمع ككل، مما يحتم -يضيف مدير الأكاديمية- توفير كل الشروط اللازمة لاستمرار البرنامج، مع العمل على توسيع دائرة اشتغاله لتشمل بقية نيابات الجهة، لا سيما بالمناطق المعروفة بهشاشتها الاجتماعية، والعمل من جهة أخرى على استقطاب فاعلين وشركاء جدد، لدعم هذه الجهود والارتقاء بها، في أفق المزيد من تضييق دائرة الهدر المدرسي بهذه الجهة. ولم يفت المدير بهذه المناسبة، أن يدعو كافة الشركاء الحاضرين إلى المساهمة بما لديهم من خبرات متراكمة، في العمل على إنجاح مشروع المدارس الجمعاتية، التي يعول عليها كثيرا في الحد من ظاهرة الهدر المدرسي، كما عبر عن كامل ثقته في الكفاءات التعليمية وذكائها الجماعي، وفي قدرتها على اقتراح وإبداع وسائل كفيلة ببناء خطة وطنية لتوسيع آفاق المشروع لتشمل سائر الأكاديميات والنيابات داخل الوطن. وعبر مدير أكاديمية جهة فاس بولمان عن اعتزازه بهذا المشروع التربوي الهام، الذي يجسد مفهوم النقابة المواطنة والنقابة الحقوقية، التي تدافع عن حقوق رجل التعليم من جهة، ومن خلاله عن حقوق الطفل التلميذ، لأن حقوق رجل التعليم مرتبطة بحقوق التلميذ، ووجود الأستاذ مستمد من وجود التلميذ؛ وبالتالي، فإن أي هدر مدرسي للتلميذ، هو في نفس الوقت هدر ضمني واعتباري للمدرس؛ ولذلك فإنني -يتابع المدير- أشعر بافتخار من خلال ما تقوم به النقابة الوطنية للتعليم، وتقدمه في هذا المجال كنموذج للنقابة الطلائعية، التي تقوم بعملها على أساس حس وطني كبير، حيث تشترك مع الإدارة في السعي من أجل بلوغ هذا الهدف النبيل، الذي هو ضمان مقعد لكل طفل. ويختم مدير أكاديمية جهة فاس بولمان كلمته، مجددا استعداد هذه الأكاديمية للاستمرار في الشراكة من أجل المضي بهذا المشروع إلى آفاق أرحب ومجالات أوسع، مع العمل على تجديد الوسائل وتطوير الغايات، من خلال استثمار ما تم تحقيقه من نتائج، واكتسابه من ثقافة تشاركية في هذا المجال. وللإشارة، فإن هذا المشروع قدانطلق في بداية الأمر في أكاديمية جهة فاس بولمان، على مدى أربع سنوات: 2004 - 2008 وبعد النجاح الذي عرفه والنتائج التي حققها، حيث اعتمد على المستوى العالمي، كبرنامج نموذجي لما يمكن أن تقوم به النقابات التعليمية في العالم، في مجال محاربة الهدر المدرسي وتشغيل الأطفال، إثر ذلك، قرر الشركاء الهولنديون تمديد البرنامج لسنتين جديدتين (2009 - 2011) مع توسيع البرنامج ليشمل إلى جانب أكاديمية فاس بولمان أربع أكاديميات جديدة؛ وذلك بهدف وضع أسس متينة لضمان استمرار الفعل النقابي في مجال محاربة تشغيل الأطفال والهدر المدرسي. ويبدو أن هذا المشروع قد ضمن امتداد جذوره داخل التربة المغربية، حيث استشعر المسؤولون التربويون أهميته وآفاقه الرحبة، وتتأكد أولى ملامح هذا الاستشعار، من خلال تتويج هذه الندوة بتوقيع اتفاقيتي شراكة، بين مديري أكاديميتي مكناس تافلالت وفاس بولمان، وبين الكاتبين الجهويين للنقابة الوطنية للتعليم بالأكاديميتين؛ وذلك بهدف إطلاق مرحلة جديدة من هذا البرنامج.