واقع الحال بطاطا يفند طرح الفصل 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن «لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته». وفي إطلالة مركزة على الواقع الصحي بطاطا وتحديدا بقيادة إقايغان يمكن القول إن ما يعوق المنظومة الصحية بالإقليم، هو التعاطي الشمولي مع إقليم طاطا، إذ لا تراعى، عند توزيع وتعيين الأطباء أو الموارد البشرية بصفة عامة، معايير إعداد التراب، من حيث المجال البعيد والمفتقر لبنيات الاستقبال الضرورية، تماشيا مع التحولات السوسيوثقافية للأجيال الجديدة؛ فضلا عن انعدام سياسة صحية واستشفائية محفزة لمختلف الموارد البشرية. ورغم المجهودات المبذولة من حيث التجهيزات الاستشفائية، من المستوصفات )معظمها غير مشغل، نظرا لانعدام الممرض( وسيارات إسعاف ولوجيستيكات متواضعة، يبقى واقع الصحة دون المأمول بإقليم طاطا. وللإشارة، تعرف الموارد البشرية بهذا القطاع صعوبات كبيرة، مما يحد من مجال تقديم الخدمات الصحية في ظروف سليمة ومعقولة، كما أن هناك خصاص، في الموارد البشرية المتخصصة في مجالات طبية معينة أو تمريضية. فرغم القساوة الطبيعية وطبيعة فصول السنة بإقليم طاطا، يندهش المرء حين سماع طبيب لكل 11200 نسمة مقابل طبيب لكل 6000 نسمة على المستوى الوطني، وسرير لكل 2737 نسمة مقابل سرير لكل 907 نسمة على المستوى الوطني. هذا فضلا عن التراجع المهول في عدد الأطباء بين 2003 و2010 من 34 إلى 11 المتوفرة لهم، سواء من حيث توفير وسائل النقل أو سيارات الإسعاف عند الحملات الطبية أو التعاون على المستوى اللوجيستيكي؛ إلى جانب القائمين بهذه الحملات. إجمالا، فالكلام عن الواقع الصحي بمجالات طاطا يتطلب بحثا وتشخيصا أعمق. كما أسمح لنفسي بتقديم بعض الاقتراحات التي نتمنى أن يتم الإصغاء لها. - إقرار لامركزية حقيقية مدعمة بلاتركيز حقيقي بالقطاع الصحي بطاطا؛ - ندعو وزير الصحة الجديد، للتحلي بالشجاعة للنزول إلى واقع طاطا وتشخيصه بمنظور سوسيولوجي، حتى يتسنى له الإقلاع عن خطاب ساقيه «كلشي مزيان». - إعادة النظر في نظرة الدولة والقطاع الحكومي المسؤول عن الصحة من حيث التعامل مع مواطني هذه الربوع المهمشة كونهم ذوي الحقوق. - اعتماد توجهات إعداد التراب، والإسراع بالجهوية الموسعة للتمكن من إعادة توزيع الثروات والخدمات بشكل عادل يجعل من طاطا منطقة استقرار عوض منطقة عبور. وعلى مستوى قيادة إقايغان (12 ألف نسمة)، فإن ما يقال عن المجالات القروية بالإقليم، يقال عنها هي كذلك، فهي تتسع لثلاث جماعات، وبها مركز صحي جماعي دون طبيب لمدة تفوق السنتين، وثلاث ممرضين ومولدتين بالمركز. ورغم المجهودات المبذولة من طرف هؤلاء، وتدخلات المندوب الإقليمي بنفسه عند الحاجة، يبقى الوضع دون المأمول وفي حاجة إلى معالجة جذرية. وعلى مستوى التعاون والتشارك نجد أن ثقافة الفردانية أصبحت تسري على الجميع، فحين نترك المؤسسات المحلية (المركز الصحي) بدون تعاون أو تضامن أو تشارك، من طرف مختلف الفاعلين المحليين والإقليميين والجهويين؛ تبقى خدمات المسؤولين والعاملين بهذه المؤسسة الصحية عرجاء، ولن تتمكن من توسيع الخدمات الصحية بسلاسة، ورغم أننا نجد مؤسسة صحية بالوسط الحضري لكل 6822 نسمة مقابل (13533 نسمة على المستوى الوطني)، ومؤسسة صحية بالوسط القروي لكل 2837 نسمة ومقابل (7164 نسمة على المستوى الوطني)، فإن طبيعة المجال بإقايغان خاصة وبطاطا عامة، والطابع المتشتت لمجالات استقرار السكان، وبالنظر إلى معدل الكثافة في الكيلومتر، وظروف وقسوة الطبيعة ووعورة المسالك. هذه المعطيات تفرض جهودا إضافية ومعايير استثنائية لهذا النوع من الربوع العميقة والحدودية.