بعد كتاب: «صفحات من ملحمة جيش التحرير»، أصدر محمد بن سعيد أيت إيدر ، وهو أحد قادة المقاومة وجيش التحرير ، كتابا جديدا بعنوان: «وثائق جيش التحرير في جنوب المغرب 1956 1956.» يتكون هذا الكتاب القيم، بعد التقديم، من تمهيد تاريخي وأربعة أقسام: يتحدث التمهيد (ص13 28) عن «الظروف التي دفعت مناضلين من المقاومة وجيش التحرير إلى مواصلة الكفاح المسلح في وقت تم فيه توقيع تصريح «لاسل سان كلو» بين الملك محمد الخامس ووزير خارجية فرنسا، والذي تضمن استعداد فرنسا للاعتراف باستقلال المغرب». وخصص القسم الأول لِ»مذكرة عن أعمال جيش التحرير والأحوال التي اعترضته بالصحراء وأيت باعمران». (ص29 82). وهي عبارة عن رسالة رفعتها القيادة العامة لجيش التحرير الى الملك محمد الخامس تشرح فيها وتحلل المؤامرة التي يتعرض لها هذا الجيش من أجل تصفيته. فبعد أن تلقى الضربات من تحالف فرنسا مع إسبانيا، بدأت عملية التصفية من الداخل. إنها وثيقة ثمينة تنشر لأول مرة: مهمة للمؤرخين بقدر ما هي مهمة لجميع المواطنين الذين يتساءلون كيف، ولماذا، بقي استقلال المغرب ناقصا. وقد حررت بنضج سياسي وضمير وطني حي. وضم القسم الثاني (ص 83 150) تقديما وواحدا وأربعين وثيقة من «التقارير الداخلية لجيش التحرير». وهي تظهر الجهد الذي بذله جيش التحرير في ترتيب الظروف الاجتماعية والإنسانية في الصحراء إلى جانب عمله العسكري الذي واجه فيه قوتين استعماريتين كبيرتين. في حين تضمن القسم الثالث (ص 153 210) واحدا وعشرين تقريرا من التقارير السرية، وهي تظهر مدى الكفاءة التنظيمية التي وصل إليها جيش التحرير، كما تظهر الروح الوطنية التي تحلى بها المغاربة على ااختلاف المواقع التي كانوا فيها. وتضمن القسم الرابع (ص211 246) سبع عشرةَ وثيقة، تعلق أكثرها بمؤتمرين مهمين نظمتهما قيادة جيش التحرير لممثلي قبائل الصحراء وأيت باعمران: الأول في الصحراء، والثاني في الرباط، ومن بين هذه الوثائق خطاب ألقاه ولي العهد الحسن باسم والده المغفور له محمد الخامس. تمثل هذه الوثائق في صياغتها وعمقها مستويات متفاوتة ثقافيا: من رسائل مكتوبة باللهجة الدارجة تصف الأحوال والوقائع الميدانية إلى التحليلات السياسية والاجتماعية والنفسية التي سيستغرب القراء توفرها في تلك الظروف. وبين هذين القطبين مستويات متدرجة في الفصاحة والفكر والخبرة. الكتاب ثمين جدا. وقد بذل معده ومقدمه، كما بذل مراجعوه جهدا كبيرا في الملاءمة بين الاحتفاظ للكتاب بواقعيته وتيسير قراءته عن طريق الشكل والشرح واقتراح التخريجات الراجحة للملتبس.