إن التحرك الدبلوماسي الذي عرفته الدول العربية ما هو إلا خطوة للحد من التهديد الذي تمثله إيران لها, فلم تتخل فقط الدول العربية عن النظام السوري, بل سارعت إلى اتخاذ مبادرات دبلوماسية لمحاصرته وللحد من جبروته. خطوة من شأنها أن تعزل إيران الحليف الاستراتيجي لنظام بشار الأسد. ففي البدء قاموا بإسقاط عضويته من الجامعة العربية وهددوا بشار الأسد بفرض عقوبات عليه, في حالة عدم تطبيقه لخطة السلام العربية, و بعدها قام العديد منهم بتبني قرار الأممالمتحدة التي طلبت منه الرحيل و التخلي عن السلطة, قرار وجد معارضة كبيرة من طرف روسيا والصين في مجلس الأمن. وإذا كان تعاطف الحكومات الجديدة في كل من تونس وليبيا مع الثوار السوريين هو أمر طبيعي,لأن كلا البلدين مرا من نفس المرحلة, فإن موقف كل من قطر والمملكة العربية السعودية اتجاه الثوار يبقى غامضا, لأن أمراء تلك الدول البترولية لن يبتهجوا كثيرا بانتصار الديمقراطية في المنطقة العربية, فحسب إبراهيم الخياط, وهو مدير انترناسيونال سنتر فور ستراتيجيك انليزيس, المتواجدة في إمارة دبي «لا يتعلق الأمر بالديمقراطية أو حقوق الإنسان, بل المسألة هي ابعد من ذلك, فوحدها المصالح الإستراتيجية هي التي تحرك هذا الملف» كما أكد كذلك «أن قطر متحالفة مع تركيا لأن هذا سيساعدها على التقليل من هيمنة المملكة العربية السعودية, في حين أن هذه الأخيرة تدعم خطة السلام لأنها ترى في إيران تهديدا دينيا وسياسيا لها». فبالرغم من أن هناك مصالح خفية تدفع بالدول الخليجية في تجاه اخذ مواقف عدائية ضد نظام بشار الأسد, إلا انه لا يختلف اثنان على أن السبب الرئيسي الذي يدفع بالدول الخليجية للحراك من اجل القضاء على نظام الأسد هو التهديد الإيراني الذي يشكله لها, خاصة بعد التسريبات الأخيرة لوكالة ويكيليكيس بشأن البرنامج النووي الإيراني. وخلصت هذه الدول إلى أن السبيل للقضاء على طهران يبدأ من سوريا, الحليف الاستراتيجي للبلد الشيعي. وتبقى القضية السورية رهينة المصالح الإستراتيجية لبني جلدتها والدول الغربية, والضحية بطبيعة الحال هو الشعب السوري الأعزل الذي تراق دماؤه هدرا, ولا من مغيث يخلصه من جبروت آلة البطش التي سلطت عليه. عن إيل باييس