عاد شبح الاحتقان الاجتماعي ليخيم من جديد على المركب المينائي طنجة المتوسط، بعد أن أعلن المكتب النقابي الموحد لعمال شركتي ( APM. TERMINAL (و EUROGATE))، خوض سلسلة من المعارك النضالية، استهلها العمال بوقفة احتجاجية أمام مندوبية الشغل بطنجة، للتنديد بخرق الشركتين المحتكرتين لحركة نقل الحاويات بالرصيفين الأول والثاني بالميناء، لبنود الاتفاق الذي تم توقيعه في شهر دجنبر من السنة الفارطة، ولاستمرار الشركتين، في ما يعتبره العمال، تنفيذا لسياسة ممنهجة تستهدف هضم حقوقهم المشروعة. ومن شأن هاته الإضرابات أن تكلف الميناء المتوسطي خسائر فادحة تقدر بملايين الدراهم، مثلما ستؤثر على سمعة المغرب الدولية، جراء تحويل حركية نقل عشرات الآلاف من الحاويات باتجاه ميناء الجزيرة الخضراء، في سيناريو يذكرنا بالإضرابات التي شهدها الميناء خلال خريف السنة الماضية ودامت حوالي ثلاثة أشهر، مما أدى إلى تحويل العديد من الشركات العالمية لأنشطتها إلى الميناء الاسباني. مصادر على اطلاع وثيق بما يجري بميناء طنجة المتوسطي، عبرت عن استغرابها لعودة التوتر الاجتماعي بالمركب المينائي، علما بأن الاتفاقية الموقعة بين العمال وشركتي ( APM. TERMINAL ( و EUROGATE)) لم يجف حبرها بعد، والحال أنها كانت تستهدف ضمان السلم الاجتماعي للثلاث سنوات القادمة. وأضافت مصادرنا أن تكرار الإضرابات بالميناء المتوسطي يطرح بإلحاح التساؤل حول مسؤولية الوكالة الخاصة لميناء طنجة المتوسط (TMSA)، في ما يعرفه تدبير الميناء من اختلالات خطيرة، باعتبارها المتحكمة الوحيدة في تسيير جميع مرافقه، مما يستوجب من الحكومة المسارعة إلى نزع فتيل الاحتجاجات العمالية، وضمان السلم الاجتماعي بهذا المرفق الاستراتيجي الضخم الذي يراهن عليه المغرب كثيرا ليقود قاطرة التنمية خلال العقود القادمة، مثلما يستلزم أيضا المسارعة إلى إنجاز تقييم موضوعي لأسلوب اشتغال وكالة الميناء المتوسطي في أفق تصحيح الاختلالات، خاصة على مستوى إعداد دفاتر التحملات للشركات التي سيعهد لها تدبير أرصفة الميناء بشكل يوازن بين حماية مصالح الشركات الدولية، وضمان حقوق العمال إسوة بما هو معمول به في باقي الموانئ الأوربية. فاستمرار الاضطرابات الاجتماعية بالميناء المتوسطي، تؤكد ذات المصادر، وبالنظر لوضعية الركود الاقتصادي التي يعرفها الاقتصاد العالمي، من شأنه أن يعصف برهان المغرب في ضمان موقعه في مجال الملاحة التجارية الدولية عبر بوابة هذا المركب المينائي العملاق، خاصة إذا استحضرنا المنافسة الشرسة لميناء الجزيرة الخضراء، الذي أصبح ينتعش تدريجيا بسبب ضمانه لاستقرار سير مرافق الميناء، وبالتالي نيل ثقة كبريات الشركات الدولية العاملة في مجال نقل الحاويات عبر العالم.