اعتبر الشاعر السوري أدونيس أن العرب انتهوا، موضحا أن ما يقصده بنهاية العرب هو تحولهم من شعب يبدع ويخلق الجديد إلى شعب يكتفي فقط باستهلاك ما ينتجه الآخرون. وقال، في حوار أجرته معه صحيفة «الغارديان» البريطانية، معلقا على الربيع العربي: «الشباب العربي هو الذي صنع هذا الربيع، وهذه هي المرة الأولى التي لا يقلد فيها العرب الغرب، إنه أمر استثنائي.» لكنه سرعان ما استدرك قائلا: «لكن رغم ذلك، فالإسلاميون والتجار والأمريكيون هم الذين جنوا ثمار هذه اللحظة الثورية.» وجدد أدونيس مرة أخرى انتقاداته للنظام الحاكم في سوريا، حيث سبق له أن بعث رسالة مفتوحة لبشار الأسد على صفحات جريدة «السفير» اللبنانية بعنوان «كمواطن»، واصفا فيها سوريا بالدولة البوليسية، وهاجم حزب البعث الحاكم وطالب الأسد بالتنحي، وخاطبه قائلا: «لا يمكنك أن تسجن شعبا بأكمله». وكشف أدونيس عن عدم تمكنه منذ سنتين من زيارة والدته التي ما تزال تعيش في سوريا، لكنه اعتبر أن هذا الأمر لن يحول دون التعبير عن قناعاته إزاء النظام السوري الحاكم. ورد على الذين يتهمونه بالتأخر وعدم الوضوح في إدانة النظام السوري بالقول: «لقد كتبت العديد من المقالات - وثمة كتاب من مائتي صفحة سيصدر مستقبلا حول هذا الموضوع. لكن أولئك الأشخاص لا يقرأون.» واعتبرت الصحيفة البريطانية أن أدونيس، الذى سيطفئ شمعته الثانية والثمانين شهر فبراير الجاري، هو الشاعر العربى الذى لا ينافسه أحد في الوقت الراهن على إمارة الشعر في العالم العربي بعد رحيل الشاعر الفلسطيني محمود درويش سنة 2008 . وقارنت الصحيفة بين الدور الذى لعبه الشاعر «تى. إس. إليوت» بالنسبة للشعر في الشعر الإنجليزي ودور أدونيس في تجديد الشعر العربى. كما لاحظت أنه رغم ذلك، إلا أن القليل من دوواينه حظيت بالترجمة إلى اللغة الإنجليزية، مقابل وجود اهتمام كبير للفرنسيين بأشعاره. وقدم أدونيس نفسه على أنه شخص «ثوري يتبنى نهج اللاعنف». وقال، وهو الذي رحل عن بلاده منذ سنة 1965 : «أنا ضد العنف، أنا مع غاندي ولست في خندق غيفارا»، مشيرا إلى أن «البنادق لن تحل المشكلة ولو حمل كل شخص السلاح ستندلع حرب أهلية». وقال: «المبدع لابد أن يكون مع أى ثورة لكن من الواجب ألا يكون مثل بقية الثوريين، فهو ليس بمقدوره أن يتحدث بلغتهم ويعمل في ذات المناخ السياسي». وأكد مجددا رفضه عسكرة الانتفاضة السورية والتدخل الأجنبي فى الشأن الداخلي لبلده ولكل إيديولوجية تقوم على أفكار أحادية. وشدد أدونيس على أنه لم يلتق أبدا الرئيس بشار الأسد أو والده الرئيس الراحل حافظ الأسد، معيدا للأذهان أنه كان في طليعة من انتقدوا حزب البعث فيما يدعو لنظام ديمقراطى تعددى. وقال ادونيس صاحب «الثابت والمتحول» الذى يقيم فى فرنسا منذ عام 1985 إن «كان الغرب حريصا على الدفاع عن قضايانا وحقوق الإنسان فليدافع عن حقوق الفلسطينيين»، فيما رأى أن التدخل الأجنبي دمر دولا عربية مثل العراق وليبيا. واعتبر أدونيس أن مبررات التدخل العسكري الأجنبي لأسباب إنسانية تتعلق بحماية المدنيين «مبررات ليست صحيحة وهى مجرد غطاء للمطامع الاستعمارية». وأردف بالقول:«إن الدعوات للتدخل الأجنبي تجانب الصواب والمنطق فكيف نبنى أساس دولة بالاستعانة بأولئك الذين استعمرونا من قبل؟». وفى سياق تأكيده على ضرورة التخلص من الأفكار والإيديولوجيات الأحادية، قال أدونيس إن «الديمقراطية ترتكز على فهم الآخر المختلف كما تعنى أنه ليس بمقدور أحد أن يمتلك الحقيقة وحده».