تعيش مدينة تازة على صفيح ساخن من الاحتجاجات اليومية التي جعلت بوصلتها الاجتماعية والاقتصادية تختل وتدبير شأنها العام يفقد نضجه، جراء سوء التقدير للعواقب إذ ما ينتهي احتجاج حتى ينطلق آخر من هذا الحي و ذاك. حلقيات هنا وهناك يتم التداول فيها في مشاكل المدينة التي عانت ولاتزال تعاني من تهميش مطلق. أصبح الكل يرفض هذا الواقع الذي بدأ يقض مضاجع المدينة، إذ أن شرارة الاحتجاجات ما كان لها أن تقع لو تم سلك أسلوب الحوار عوض صم الآذان وترك الحبل على الغارب، وحل المشاكل الآنية للمدينة التي تورمت بأورام الفساد وسرطانات التسويف. فالارتفاع المهول لفواتير الكهرباء منذ شهور خلت إلى الآن، دليل قاطع على غياب الإرادة لدى المسؤولين محليا ومركزيا. فوكالة المكتب الوطني بتازة مازالت مستمرة في نهج أسلوب التسويف والتقديرات. ورغم حلول لجنة للتفتيش، فالفواتير تصعق جيوب المواطنين على مدار كل شهر. المحتجون من ساكنة أحياء القدس، الذين التحقت بهم ساكنة المسيرة 2 تسببوا في شلل نسبي بأهم المحاور الطرقية بشارع محمد الخامس خاصة بعدما رفض المسؤولون التحاور معهم، لينقل بعد ذلك الاعتصام لمدة نصف ساعة للطريق الوطنية رقم 6 الرابطة بين وجدةوفاس. وقد عقد برلمانيو تازة لقاء جمع يوم الأربعاء فاتح فبراير بالمدير العام للمكتب الوطني للماء والكهرباء علي الفاسي الفهري الذي قدم وعدا ب «إعادة النظر في الهيكلة الإدارية للمكتب الوطني بتازة»، و»اعتماد فريقين تقنيين لصيانة ومراقبة الإنارة العمومية مع تحسين الخدمات الموازية في هذا الإطار. وأضاف أن الخلاصات بالتفصيل ستنقل لعموم ممثلي التنسيقيات المنددة بغلاف الفواتير بتازة، ووعد المدير العام باعتماد المكتب لسياسة (Programme Pilotage) بجميع الأحياء المتضررة و الرفع من عدد المراقبين للعدادات الذي لا يتعدى الستة، بالنظر للكثافة السكانية بالمدينة مما سينعكس على المراقبة واستصدار الفواتير الشهرية.. شرارة الاحتجاجات انطلقت يوم 31يناير2012 بعدما أقدمت عناصر أمنية على اعتقال محسن الركبي عوض أخيه عبد الإله الركبي، إذ أفرج عن الأول بعدما تم اعتقال الثاني وهما معا عضوان بفرقة الصمود الملتزمة وجواد اعبابو وهشام الشاحيت ويوسف الشيباني على خلفية أحداث 4 يناير2012 بحي الكوشة. اعتقالات أججت الوضع وأوقدت الاحتجاجات التي زادت حدة بعدما نظم المحتجون وقفة احتجاجية أمام مقر الأمن الجهوي للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين طيلة مساء يوم الثلاثاء 31/01/2012 وما أعقبها من صيغ احتجاجية سلمية، صبيحة يوم الأربعاء أمام كل من محكمة الاستئناف والسجن المحلي بتازة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين. هذا وعلم عن إصابة عدد كبير من القوات الأمنية وساكنة حي الكوشة بإصابات متفرقة، كما تَعرض البعض الآخر لآثار استنشاق الغازات المسيلة للدموع التي استعملتها قوى الامن لتفريق المحتجين المطالبين برفع التهميش وإطلاق سراح المعتقلين وما تخلل ذلك من عسكرة كل الطرق المؤدية لتازة العليا. وقد بدأت تعزيزات أمنية كبيرة تصل تباعا لمدينة تازة من مدن فاسالحسيمةوجدة تتكون من قوات التدخل السريع .ومازالت الأحداث تتسارع بعد أن خرجت أحياء القدس للاحتجاج مجددا ضد التدخل الأمني، إذ أكد حسن السايب رئيس الفرع الإقليمي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بتازة رفض المركز رفضا مطلقا لنهج سياسة المقاربة الأمنية لحل مشاكل المدينة وفتح تحقيقات في ملفات الفساد التي تعيش على إيقاعها المدينة كتفويت السوق الأسبوعي والملك العام والصفقات .