دعا وزراء خارجية الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا الى تبنّي مشروع قرار غربي - عربي تقدم به المغرب، ويستند الى قرار الجامعة العربية الرقم 7444 . وجاءت الدعوة خلال اجتماع مفتوح لمجلس الأمن أول أمس بشأن الملف السوري. وجدد سفير روسيا لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين, رفض بلاده لمشروع القرار، معتبراً انه يجب على الأممالمتحدة ألا تزج نفسها في نزاع «داخلي». وحث الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، مجلس الامن على اتخاذ «إجراء سريع وحاسم». وقال ان الدول العربية تحاول تفادي التدخل الأجنبي في الأزمة السورية. وحذّر رئيس الوزراء القطري، حمد بن جاسم آل ثاني، المجلس من أن «آلة القتل في سوريا لا تزال تعمل». وقال حمد، الذي تحدث في مستهل الجلسة، ان «جهودنا ومبادراتنا ذهبت ادراج الرياح» اذ لم تبذل الحكومة السورية اي جهد للتعاون مع جهودنا، «ولم يكن لديها حل سوى قتل شعبها». واعلن بن جاسم «لا نهدف الى تغيير النظام, لأن هذا شأن يعود للشعب السوري»، كما اكد ان الجامعة العربية لا تطلب من مجلس الامن تدخلاً عسكريا, بل ضغوطاً اقتصادية لحمل النظام على فهم الرسالة الموجهة إليه. ودعا الأممالمتحدة إلى اعتماد مشروع القرار الذي تقدمت به المغرب ويدعو الى تسليم الرئيس السوري مهامه الى نائبه لإنهاء العنف والبدء بمفاوضات لايجاد حل للازمة، معتبراً أن عدم قيام مجلس الأمن بذلك سيوجه »رسالة خاطئة« للنظام السوري تشجعه على الاستمرار ب»آلة القتل«. وحذّر من ان الوضع في سوريا يمثل تهديداً للمنطقة برمتها. بدوره، رفض المنذوب السوري في الأممالمتحدة المسودة الأخيرة من مشروع القرار، مؤكدا ان دمشق ستواجه «اعداءها». واتهم، في كلمته، الجامعة العربية بأنها «تلتقي مع المخططات غير العربية الهادفة لتدمير سوريا». وقال «إن الوطن ملك للجميع ولكل أبنائه، وفي سوريا لا يوجد أغلبية وأقلية, بل يوجد سوريون فقط». وأكد أن سوريا ترفض أي قرار خارج إطار خطة العمل العربية التي وافقت عليها والبروتوكول الموقع بينها وبين الجامعة العربية. كما كال المنذوب السوري التهم للدول العربية التي اتهمها بالعمالة للأجنبي، وفي كلمته التي استنجد فيها بشعر نزار قباني وبالروايات التاريخية حاول التقليل من شأن الدول العربية وعلى رأسها المغرب والتي تسعى لإيجاد حل سياسي يحفظ وحدة واستقرار سوريا، واعتبر أن هذه الدول، في إشارة إلى المغرب ، دول ناقصة سيادة ولا يحق لها أن تتحدث عن سوريا في المقابل، اكدت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ان عدم تحرك مجلس الامن بسرعة لحل الوضع في سوريا سيضعف «صدقية الأممالمتحدة». وقالت «حان الوقت كي تضع الاسرة الدولية خلافاتها جانباً وترسل رسالة دعم واضحة للشعب السوري»، داعية الى تبنّي قرار يدعم خطة الجامعة العربية في سوريا. واضافت ان «الحل الآخر، أي الاستخفاف بالجامعة العربية والتخلي عن الشعب السوري وتشجيع الديكتاتور على القيام بمزيد من التهور، يزيد من تفاقم هذه المأساة ويمنعنا من تحمل مسؤولياتنا ويضعف صدقية الاممالمتحدة«. وبعدما اشارت الى تصاعد اعمال العنف والخطر المتزايد لنشوب «حرب اهلية»، اوضحت أن «امامنا خيارين: دعم الشعب في سوريا والمنطقة او نصبح شركاء في استمرار العنف». وقالت كلينتون ان «الولاياتالمتحدة تلحّ على مجلس الأمن لدعم نداء الجامعة العربية الى قيام مرحلة انتقالية سياسية في سوريا». وأضافت، متوجهة الى روسيا والصين، «بعض اعضاء مجلس الأمن قلقون من خطر ليبيا اخرى، انها مقارنة سيئة، فسوريا هي حالة فريدة تتطلب مقاربة محددة». أما وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ فقال «علينا ان نكون موحدين في دعم خطة الجامعة العربية، وهو ما اطالب به على الفور من جميع اعضاء المجلس للقيام به هذا الاسبوع». وأضاف «عدم القيام بذلك سيكون بمثابة اضعاف هذه المؤسسة وخيانة للشعب السوري ويسيء للجامعة العربية ودليل على العجز عن تولي المسؤوليات الملقاة على عاتق المجلس». ودعا وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، مجلس الامن الى الخروج عن »صمته المخزي« بشأن سوريا من خلال تبنّي قرار يدعم خطة الجامعة العربية حول الأزمة السورية. وفي اشارة ضمنية الى المعارضة الروسية والصينية، رفض جوبيه اي مقارنة مع النزاع في ليبيا. وقال «سوريا ليست ليبيا»، مضيفاً «لا شيء، أبداً لا شيء، في مشروع القرار (...) يمكن ان يفسر على أنه موافقة على اللجوء الى القوة». واضاف «لا ننوي اطلاقاً فرض أي نظام سياسي من الخارج. يعود الى السوريين القيام بذلك». ولم يتأخر رد المندوب الروسي على خطابات الدول الأعضاء التي تؤيد مشروع القرار، واعتبر تشوركين انه ربما توجد «آخر فرصة لكسر دوامة العنف» في سوريا. لكنه اضاف انه «لا يجوز ان يفرض مجلس الامن شروط تسوية داخلية (للأزمة). بكل بساطة، ليس بإمكانه ان يفعل ذلك». وأضاف «وجدنا فيه (المشروع) بعض العناصر التي كانت في مسودتنا وهذا يساعد على الامل». واقترح «ان تبادر الحكومة السورية وجميع اطياف المعارضة الى التوجه الى موسكو لإجراء حوار سريع من اجل الخروج من الأزمة». وقال جوبيه «اليوم نجتمع كي ننهي الصمت المخزي لهذا المجلس»، مضيفاً «نجتمع اليوم كي يتولى مجلس الامن مسؤولياته امام شعب يعاني». واوضح أن المجلس «من واجبه ان يتخذ قرارا حول حالات خطيرة كما هو الحال في سوريا(..) بأن يتبنى سريعا وبدعم كبير مشروع القرار» الذي يدافع عنه الاوروبيون والدول العربية ولكن تعرقله حتى الآن روسيا والصين. أما المندوب الصيني، لي باودنغ، فأكد أن بلاده «تعارض بحزم استخدام القوة لحل المشكلة السورية، كما تعارض بثبات الدفع نحو تغيير للنظام بالقوة في سوريا لأنه ينتهك ميثاق الأممالمتحدة والأعراف الأساسية التي تنظم ممارسة العلاقات الدولية». وبعد تعاقب الدول ال15 الأعضاء في المجلس على الكلام، دخلت الجلسة في سياق الرد والرد على الرد بين كل من حمد والجعفري والعربي. وبينما دافع حمد عن موقف بلاده ودوافع الجامعة، أوضح العربي أن رئيس بعثة المراقبين، مصطفى الدابي، عمله ميداني، وليس مكلفاً من مجلس الوزراء العربي بالحضور إلى مجلس الأمن، متجاهلاً الإجابة عن طلب المندوب السوري حول أسباب عدم إرسال نسخة عن تقرير الدابي إلى مجلس الأمن. أما الجعفري، فسأل «هل قطر عضو في حلف الناتو, أم في الجامعة العربية؟» وأضاف: «هل هناك من يضمن عدم التدخل العسكري في سوريا على غرار ما حصل في ليبيا والعراق والصومال وغيرها؟». ومع رفع مندوب جنوب افريقيا الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن الجلسة، تتجه الأنظار الى المناقشات المغلقة التي ستجرى في أروقة مجلس الأمن في جلسات مغلقة وجانبية، على مستوى الخبراء والمندوبين، في محاولة لإقناع الجانبين الروسي والصيني بتعديل موقفهما، والسناريو الاكثر ترجيحاً ان تشهد مسودة مشروع القرار تعديلات جدية تفتح ثغرة في جدار الفيتو، الذي لم تعلن روسيا صراحة عن نيتها استخدامه مرة ثانية حتى الآن، رغم ان هذا الخيار ليس مستبعداً في حال اصرار الدبلوماسيتين الغربية والعربية على المسودة الحالية لمشروع القرار.