اشتكت ساكنة عين تاوجطات وفعاليات مجتمعها المدني أكثر من مرة ، من الضرر الخطير الذي لحق ساكنتها وبيئتها من جراء التلوث المائي والهوائي الناتج عن الأدخنة المتصاعدة الصادرة عن معمل الزيوت المتواجد على تراب أراضيها، لذلك خاصم سكانها لغة الصمت بعد صيام المسؤولين عن الإجابة، ودخلوا في احتجاجات تصعيدية كان آخرها مسيرة يوم الأحد الماضي التي جابت شوارع المدينة في اتجاه مقر المعمل، معلقين الآمال على تدخلات تنتشلهم من براثين التيه بين «النضال» والبحث عن هواء نقي، وجرعة ماء صالحة للشرب وحياة خالية من الأمراض التي ألزمت العديد منهم رجالا ونساء وأطفالا الخضوع للوصفات الطبية ، جراء الاختناقات الناتجة عن ضيق في التنفس والربو، وتعفنات في العيون و حساسية جلدية، وأرغمت الحوامل على الإجهاض أو الولادة مبكرا. وحول أصل المشكل الذي دفع بالساكنة إلى الخروج إلى الشارع ، أكد ممثل ساكنة «لمباك» الدوار الأكثر تضررا من نفايات هذا المعمل، في تصريح للجريدة ، «بأن هذا المعمل غير مرخص وهو مجرد خزان، كما أن المجلس البلدي لا يتوفر على أية وثيقة تتعلق به رغم تواجده داخل المدار الحضري، مما جعل، يضيف نفس المتحدث، العديد من المستشارين يوقعون على طلب دورة استثنائية في شأنه لرفع الضرر وتسوية وضعيته التقنية«، معللا، «أن المكان الذي شيد فوقه هذا المعمل لا يتناسب مع الأدخنة التي تصدر عنه بصفة مستمرة، والمروج التي تسربت زيوتها إلى عيون بن كازة، وحولت مياهها العذبة لمادة غير صالحة للشرب، بسبب عمليات تحويل الزيت النباتي المستورد إلى زيت قابل للاستهلاك وفرز النفايات الفاسدة والمعقدة كيمائيا في قناة الصب المباشر، التي يطرح عنها مادتا الصودا والأمونياك، مما يؤثر سلبا على الفرشة المائية، وعلى الصبيب المائي لعيون بنكازة وآبار السقي بالمنطقة وانعكاسها السلبي على صحة المواطنين والمواشي، التي تراجعت مبيعاتها بشكل ملحوظ». وتساءلت فعاليات المجتمع المدني المشاركة في المسيرة عن «سر سكوت السلطات الوصية عن هذا الخرق السافر لحق من حقوق الأفراد والجماعات و المتمثل في استنشاق هواء نقي من التلوث والأوبئة»، مؤكدة العزم على كسر جدار الصمت واللجوء إلى مختلف أشكال الاحتجاج لفك العزلة والإقصاء و التهميش ، حيث مل سكان الدوار من التهميش والنسيان وضاقوا ذرعا من الانتظار لتحقيق الوعود المقدمة والكلام المعسول، الذي أفقدهم الثقة في الجهات المسؤولة، ودفع بالمئات من السكان إلى مقاطعة الصمت ورفع مجموعة من الشعارات تندد بوجود المعمل الذي حول بوابة المدينة إلى مستنقع لمادة «مرج الزيتون»! وعلى هامش هذه المسيرة التي استنفرت لها مختلف الأجهزة الأمنية المحلية والإقليمية، لاحتواء الاحتجاج، دون أن تستطيع كسر عزيمة السائرين في «مسيرة الغضب»، الذين وصلوا مدخل المعمل وشلوا حركة المرور، رغم المحاولات اليائسة لإبعادهم عن الطريق، علق (ق - م)، رئيس شبكة سايس للتنمية المستدامة، عن تجاهل إدارة المصنع لانشغالات الساكنة حول المخاطر، مطالبا إياها بالحد من التلوث الناجم عن الدخان وسيول النفايات، الذي ينعكس سلبا على الفرشة المائية والهواء، وما يخلفه من أضرار صحية، خاصة لدى الأطفال والحوامل، مجددا طلب استدعاء المرصد الجهوي للبيئة من أجل تحديد نسبة التلوث بالمدينة، والوقوف على هذا الوضع الكارثي، الذي حاصر السكان وجعلهم سجناء البيوت والشقق ومنعهم من فتح النوافذ ليلا ونهارا بسبب كثرة الدخان المتصاعد. مريم، طفلة تحتج بطريقتها العفوية لا يتجاوز عمرها عشر سنوات، تردد الشعارات دون أن تفهم مضمونها، غير أنها تعي جيدا الاتجاه الذي تقصده، سألناها عن الدافع من تواجدها بين المحتجين، أجابت وهي تسعل،« أعمي ...» لم أسمعها جيدا للأصوات الصاخبة، فكررت السؤال لتجيب بإشارة إلى المعمل. للإشارة، فإنه قد سبق وأن تقدم السكان بسؤال كتابي من خلال أحد النواب البرلمانيين إلى الوزير الأول السابق، توصلت الجريدة بنسخة منه، حول الأضرار التي يسببها المعمل المذكور لسكان عين تاوجطات، حيث أكدت الوزارة المعنية بالبيئة بأن المشكل لا يزال قائما رغم الحلول وطرق العلاج التي تم اعتمادها على ضوء اللقاءات المتعددة بين وزارة إعداد التراب الوطني والماء والبيئة وعمالة مكناس وعمالة الحاجب، التي أسفرت عن اتفاق يقضي بالتزام الوحدات الصناعية بعدم رمي المرجان في شبكة التطهير، حيث قامت الوحدات بحفر أحواض خارج المنطقة لحماية الفرشة المائية من التلوث، ومضت الإدارة باعتماد التقنية المتعددة ذات ثلاث مراحل لحل مشكل التجفيف والحد من انبعاث الدخان، إلا أن هذه المحطة، حسب جواب الوزير، يتبين أنها غير كافية لمعالجة المرجان والأضرار الناجمة عنه. إلا أنهم فوجئوا باللهجة التي أصبح يستعملها مع المواطنين بعد التأثير عليه، على مايبدو من طرف رئيس المجلس القروي لجماعة راس العين الشاوية، الذي استغل الظرف وطلب منه إتمام عملية الإصلاح والترميم الى حدود سيدي علي مول الطالع التي لاتستغلها الشاحنات في إطار حملة انتخابية سابقة لأونها واستغلال النفوذ للإلتفاف على مطالب السكان المتضررين، مما حدا بمكتب الجمعية إلى توجيه نداء إلى المسؤول الرئيسي للشركة من أجل القيام بزيارة ميدانية ودراسة إمكانية تلبية رغبات المواطنين المتضررين بالتوافق والتراضي «لأنه كيفما كان الحال تبقى في مجملها منفعة عامة وعملا اجتماعيا يوجر عليه، وإشعاره بالخروقات والتجاوزات التي تم الوقوف عليها من خلال طمس بعض الحقائق التي كان من الممكن الكشف عنها بواسطة اللجنة الإقليمية التي انتقلت إلى عين المكان بناء على التوجيهات العاملية بخصوص الشكاية التي تقدمت بها الجمعية»,