استمعت عناصر مكتب مكافحة الجرائم المالية والاقتصادية ،التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية مؤخرا، إلى النائب الثاني لرئيس مقاطعة الفداء، وبعض الموظفين بالمقاطعة الجماعية ذاتها، وذلك على خلفية التحقيق في «ممارسات لاقانونية» أفضت إلى تفويت ملكين عموميين من أجل إقامة معرضين تجاريين، الأول بحديقة العيون بجوار سوق القريعة، والثاني بشارع الفداء الممتد بجوار ثانوية صلاح الدين الأيوبي، مع استخلاص أموال و «هبات» بشكل غير قانوني شكلا ومضمونا؟ وتعود تفاصيل الاعتراف والإقرار بهذه الخطوة غير القانونية، إلى اجتماع لمكتب المقاطعة الجماعية الفداء بتاريخ 17 دجنبر 2009، حيث كانت أخبار الواقعة تتداول على كافة الألسن من منتخبين، موظفين ومواطنين من المهتمين بالشأن العام، الأمر الذي أدى إلى استحالة الاستمرار في محاولة حجب الشمس بالغربال وإنكار الواقعة، مما جعل رئيس المقاطعة خلال اجتماعه مع نوابه يفصح قائلا « ...هناك بعض التجار تم تمتيعهم بحق الاستغلال المؤقت للملك العمومي لأغراض تجارية مقابل 4 خيام و 100 كرسي، وإن قيامي بهذه المبادرة يدخل في إطار الرفع من مستوى المقاطعة وخدمة مستشاريها... ويمكن أن أطلب أن ترفع هذه المساهمة إلى 8 خيام...»، تدخل/جواب يؤكد، بما لايدع مجالا للشك، أن الرئيس قد تصرف خارج نطاق اختصاصاته مخالفا مذكرة إدارية في الموضوع والمساطر القانونية التي لاتمنحه صلاحية الترخيص باحتلال الملك العمومي بهذا الشكل، فضلا عن التصرف في مقابل لذلك وحرمان الجبايات المحلية منها، وبموجب هذا الاعتراف/الإقرار والشكاية التي وضعت في الموضوع من طرف بعض المنتخبين، انطلقت فصول البحث من طرف المصالح الأمنية من أجل الوصول إلى كيفية تبديد أموال عمومية تمت جبايتها من لدن مجموعة من التجار سبق لهم أن أقاموا معرضين تجاريين ! وتقدر الأموال المبددة بالنسبة للمعرض الأول الذي كان يضم 45 رواقا ما بين 6000 إلى 7500 درهم للرواق الواحد لمدة ثلاثة أشهر، وبخصوص المعرض الثاني، فإن رئيسة المحكمة الإدارية بالدارالبيضاء قد ضبطت بتاريخ 22/01/2010 بواسطة مأمور الإجراءات بنفس المحكمة، 30 رواقا تجاريا مقابل سومة شهرية تتراوح بين 2000 و 5000 درهم لمدة ثلاثة أشهر ،وذلك حسب ما دون بمحضر ملف التنفيذ عدد 32/2010 الذي يستفاد من خلاله أن هؤلاء التجار المستغلين لهذه الأروقة لا يتوفرون على السند القانوني لإقامة النشاط التجاري فوق الملك العمومي ولا يدفعون هذه المبالغ المالية لمصلحة الجبايات التابعة لمقاطعة الفداء ويكتفون بدفعها لفائدة أحد الأشخاص ( ر ) الذي يبقى الوحيد الذي يعرف الكيفية التي تم بها استغلال الملك العمومي والعلاقة التي تربطه برئيس المقاطعة التي ينظم هذا النشاط فوق ترابها. وقد أفادت مصادر مطلعة أن عناصر الفرقة الوطنية قد قامت بالبحت مع الشخص الذي ذكر اسمه من طرف التجار والمسؤول عن إقامة المعرضين التجاريين، حيث كشف لهم عن جميع الملابسات التي أحاطت بالعمليتين والمسؤولين اللذين تعامل معهما والطريقة التي دفع بها المبالغ المالية مقابل تزكيتهما جباية هذه المبالغ دون أداء أي رسوم لصندوق مقاطعة الفداء أو الجماعة الحضرية للدار البيضاء! من جهة أخرى، علمت «الاتحاد الاشتراكي» أن آخر المستمع إليهم، في انتظار الاستماع إلى رئيس المقاطعة، نفوا علمهم بمصير هذه المبالغ المالية المبددة، مؤكدين على عدم قانونية « فتوى » الهبة التي حاول الرئيس استدراك الأمر من خلالها ومواراة الفضيحة، والتي تعد قيمتها المادية أقل بكثير من المبالغ التي قد استخلصت. وينتظر المهتمون والمتتبعون تطور هذا الملف ونتائجه حتى يعطي نموذجا لمواجهة الفساد الإداري، انسجاما والتصريحات الرسمية التي تؤكد على أن الشأن المحلي ليس مجالا للاغتناء، وإقران المسؤولية بالمحاسبة!