اخترنا ضمن هذ العدد أن نلقي الضوء على ما تضمنه البرنامج الحكومي من تعهدات والتزامات في قطاع التعليم ، وضمن هذا السياق ننصت للصوت النقابي من خلال الحوار التالي مع عبد العزيز إيوي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم ( ف د ش ) باعتبارها أحد الفرقاء الاجتماعيين الذين هم - بالضرورة - شركاء أساسيين في تطوير وتقييم السياسات التعليمية ببلادنا .. هي زاوية نطل من خلالها على بعض ثغرات ما جاء من في تصريح عبد الإله بنكيران الذي يبدو أن قضية التعليم في ظل حكومته تراجعت في سلم الأولويات ، إن لم تكن مرشحة للتراجع على مستوى الإنفاق العمومي ، في الحوار التالي العديد من القضايا الحارقة التي إن لم تبادر الحكومة بحلها و بالجدية المطلوبة قد تعمق أزمة المنظومة التربوية وتحبط آمال المنتسبين إليها .. عبد العزيز إيوي ما الموقف الأولي للنقابة الوطنية للتعليم من مضامين التصريح الحكومي حول قطاع التربية والتكوين ؟ سبق للمجلس الوطني للنقابة الوطنية للتعليم /ف.د.ش المنعقد يومي 24-25 دجنبر 20011 أن أعلن عن استحضاره لدقة المرحلة وأن موقف النقابة من الحكومة يؤسس انطلاقا مما يتضمنه التصريح الحكومي والقانون المالي ومدى أخذهما بعين الاعتبار مطالب وانتظارات الشغيلة التعليمية، وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع الحكومة السابقة، ومتطلبات النهوض بالمدرسة العمومية ، وحل المشاكل العالقة، ومدى احترامها للحقوق النقابية والاجتماعية والحريات العامة والفردية للمواطن المغربي كان هذا هو الموقف المبدئي للنقابة الوطنية للتعليم من الحكومة الجديدة . والآن وقد تضمن التصريح الحكومي توجهات الحكومة لإصلاح قطاع التربية والتكوين فالملاحظ أن البرنامج الحكومي لم يأت بجديد في مجال التعليم ، إذ ركز على إعادة الثقة في المدرسة العمومية كيف وبأي وسائل؟،والالتزام بتفعيل المجلس الأعلى للتعليم ،كما تطرق البرنامج إلى تعميم التمدرس ، ومحاربة الهدرالمدرسي، وتأهيل المؤسسات التعليمية وتطوير البرنامج البيداغوجي ، وتحسين جودة خدمات المؤسسات التعليمية،.... وغيرها من الإجراءات وهي نفس الإجراءات التي فشل البرنامج الاستعجالي في تحقيقها لحد الآن وتتمثل في عدم تعميم التعليم الاولي ، كما أن ربط المؤسسات التعليمية بالماء والكهرباء والربط الصحي لم تتجاوز نسبة الانحاز بها 30% ، كما أن الوزارة لم تتوفق في تحقيق المدرسة الجماعاتية وبناء الداخليات بها لتشحيع التمدرس بالوسط القروي، و بالمقابل ظلت نسبة المستفيدين من الداخليات هزيلة .الى جانب هذا هناك غياب رؤى واضحة للدعم المدرسي ،و الفشل في تطوير الحياة المدرسية وتحقيق جودتها ، كما أن هناك صعوبات اعترضت بيداغوجية الادماج وما صاحبها من ارتجال وغموض وضعف التكوين إلى جانب الفشل في تتبع الظروف الصحية للتلاميذ من خلال ما أعلن عنه البرنامج الاستعجالي من توظيف 300 مساعدة اجتماعية وصحية كل سنة وتحقيق الأمن بمحيط المؤسسات ..بالإضافة إلى التعثر الذي عرفته مراجعة البرامج والمناهج وتقويم الكتب المدرسية ، وغياب التقويم الداخلي و الخارجي للمنظومة التربوية وغيرها من الاجراءات التربوية والبيداغوجية التي اقرها البرنامج الاستعجالي ولم تتحقق منها الا نسب ضعيفة لحد الآن. من هنا نقول إن البرنامج الحكومي لم يشر قط إلي البرنامج الاستعجالي الذي فشل في تحقيق اصلاح منظومة التربية والتكوين لحد الساعة والموقف الذي ينبغي اتخاذه لتصحيح الاختلالات التي تمس القطاع بعد التشخيص والتقويم . كنا نتمنى أن يكون التصريح الحكومي أكثر جرأة وان يطرح الإشكالات الأساسية التي تعرفها منظومة التربية والتكوين التي فشل البرنامج الاستعجالي في تحقيق الأهداف المرسومة لها و التي تتطلب حلولا جذرية وجراة في اتخاذ القرار. ما رأيكم في توجهات التصريح بخصوص قطاع التعليم الخصوصي؟ بالنسبة للتعليم الخصوصي، ثمن التصريح دور هذا القطاع وهو توجه داعم للقطاع الخاص على حساب المدرسة العمومية ، في الوقت الذي يعرف هذا القطاع عدة اختلالات كالزيادة في نقط التلاميذ أو منحها لهم دون إنجاز مراقبة مستمرة أو تقويم ، وحذف مواد من البرامج و استعمال كتب مدرسية غير مقررة ، واستغلال أطر المدرسة العمومية في القطاع الخصوصي . ان هذا القطاع لازال لم ينهض بدوره في تطوير المنظومة التربوية بل يستفيد من الدعم ويراكم الرأسمال على حساب الأسر . وماذا عن موقع الموارد البشرية وتحسين أوضاعها والملفات العالقة ؟ للأسف تجاهل البرنامج الحكومي أي حديث عن الموارد البشرية كما تجاهل أية إشارة إلى أولوية تدارك الاختلالات في المجال البيداغوجي والتربوي. إن البرنامج لم يعط للموارد البشرية، وهي العمود الفقري في الإصلاح، الأهمية التي تحظى به، فقد تجاهل استمرار واستفحال ظاهرة الخصاص في الموارد البشرية والتي قدرت هذه السنة في حوالي 000 13 ، وهي مرجحة للتفاقم مع إحالة أجيال كاملة من نساء ورجال التعليم على التقاعد. و بتجاهله لهذا المعطى الأساسي يكون اابرنامج الحكومي قد سكت عن واقع تفاقم معاناة نساء ورجال التعليم من الأقسام المكتظة ومعاناتهم من ارتفاع الضغط والاستغلال من خلال اللجوء إلى النقص المتعمد في عدد ساعات بعض المواد مما يؤدي حتما إلى زيادة عدد التلاميذ لكل أستاذ «ة» . كما أن البرنامج تجاهل أيضا طمأنة الرأي العام التعليمي الذي يترقب بقوة أن تؤكد الحكومة التزامها بالاتفاقات المبرمة، وخاصة ما يدخل منها في تحسين الدخل مثل إقرار درجة خارج السلم لأساتذة الابتدائي والإعدادي ودرجة جديدة لأساتذة الثانوي التأهيلي، إلى جانب إقرار سنوات الانتظار للترقي التي حددها الاتفاق في أربع سنوات. والبرنامج الحكومي تجاهل أيضا أوضاع عدد من الفئات التعليمية التي ما تزال عالقة في انتظار إشارات قوية ترجع لها الثقة في مستقبلها المهني مثل فئة أساتذة السلم التاسع والدكاترة، والمبرزين، والمديرين، ومتحقي الاقتصاد والإدارة والملحقين التربويين. إن عموم نساء ورجال التعليم يترقبون بقلق زائد ما ستسفر عنه الأسابيع المقبلة من مبادرات حكومية، وينتظرون مبادرات عاجلة تخفف من معاناتهم. نسي البرنامج الحكومي أيضا في الشق المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، أن هذه الوزارة لها موظفون يعانون من مشاكل ولديهم انتظارات، فقد ركز البرنامج بشكل كلي على قضايا أساتذة التعليم العالي، ويبقى السؤال المطروح هو كيف ستتدارك وزارة التربية الوطنية ووزارة التعليم العالي هذا الوضع؟ إن المنظومة التعليمية العمومية هي حاليا في مفترق الطرق فإما أن تتخذ الوزارة مبادرات عملية شجاعة وتنكب بشكل تشاركي على الملفات الحارقة وعلى رأسها ملف بيذاغوجية الإدماج والحركة الانتقالية، ووضعية المدرسات و المدرسين بالوسط القروي، وحماية نساء ورجال التعليم أثناء ممارسة عملهم من الاعتداءات ومراجعة البرامج والكتب المدرسية، وهي إجراءات ضرورية من شأنها إعادة الاعتبار للمدرس وللمدرسة العمومية والرفع من جودتها، أو أن الوزارة والحكومة ستختار الطريق السهل وهو تجاهل المعوقات والاستمرار بشكل فردي في اتخاذ القرارات، مما سيؤدي بالمنظومة التعليمية إلى الدخول في نفق لا أفق له، وسيكون لهذا الاختيار انعكاسات خطيرة على المنظومة والعاملين بها.