اعتبر المشاركون في الندوة التي نظمها بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بأكَادير،معهد الجنوب للتنمية الديمقراطية بشراكة مع جامعة ابن زهر تحت عنوان»الرهانات السياسية لما بعد 25 نونبر»تنزيل الدستورالجديد وتفعيله على أرض الواقع اختبارا قويا ومحكا حقيقيا لمدى نجاعة حكومة بنكيران. وأكد الأساتذة والمتدخلون المنتمون لهيآت سياسية مختلفة لحزب الطليعة الإشتراكي (عباس مصباح)والإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية(عبد الكريم مادون) والعدل والإحسان(رشيد بويبري)والبديلالحضاري(المصطفى المعتصم)والعدالة والتنمية (عبد الجبارالقسطلاني)أن المرحلة الحالية مفصلية في تاريخ المغرب يمكن أن تقدم دستوريا أو ترجعه إلى الوراء مدة زمنية كبيرة ليعيش مأساة سياسية ستكون لها تداعيات كارثية. وأجمع الجميع على ضرورة أخذ العبرة من البلدان العربية التي عاشت مأساة حقيقية في زمن الربيع العربي،وبالتالي على الحاكمين أن يفعلوا مسألة»فصل السلط»، وتفعيل كل بنود هذا الدستور الجديد من أجل الإرتقاء بالمغرب إلى دولة الحق والقانون والإستجابة لمطالب التغيير الحقيقية التي نادى بها الشارع المغربي، وإعطاء كل سلطة اختصاصات حقيقية ومسؤوليات واضحة. كما أن المطلوب من الحكومة الحالية،يقول المتدخلون في هذه الندوة التي حضرها طلبة جامعيون وفاعلون سياسيون وجمعويون،هوأن تعمل على القطع مع الممارسات السابقة كالتطاول على اختصاصات الوزير الأول وباقي الوزراء والقطع مع حكومة الظل والتعيينات للمدراء والسفراء والقطع مع وزراء السيادة... وفي هذا الإطار وجه الأستاذ عباس مصباح انتقادات شديدة للحكومة الجديدة لكونها مكونة من خليط سياسي غيرمنسجم برنامجا وإيديولوجية. وبالتالي فهي لا تختلف عن الحكومات السابقة من ناحية التركيبة والإختصاصات المخولة ولكونها خرقت مقتضيات الدستورالجديد. فالحكومة الحالية من خلال هذه التشكيلة وفي ظل تواجد حكومة الظل ووزراء السيادة،لايمكنها،في نظر اليسار المعارض،أن تحارب الفساد الذي أصبح مكتسبا بالبلاد وعائقا في وجه المؤسسات وأن تقطع مع اقتصاد الريع الذي استشرى في المؤسسات كالسرطان،وأن تتمع باستقلالية في الرأي وفي اتخاذ القرار السياسي، ولهذا يرى أن المغرب إن بقي على هذا الوضع سيعيش سينواريوها كارثيا،وبالتالي أن الخيار الديمقراطي الذي يطمح إليه الجميع لن يتحقق إلا مع الملكية البرلمانية. وفي السياق ذاته, ذهب الأمين العام لحركة البديل الحضاري المصطفى المعتصم،إلى أن أزمة المغرب ليست أزمة قصر،بل أزمة نخب فاسدة وعاجزة على التقدم والتغيير, ولهذا فهي تعيق كل تطور في البلاد،والتخلص منها ومن فسادها لابد من ثلاث إرادات :إرادة الملك،إرادة النخب المتنورة وإرادة الجماهير من أجل الدفاع عن مصالح الشعب المغربي وقضاياه الكبرى. وبالنسبة للدستورالجديد،قال إنه لايختلف عن الدستورالإسباني, لكن الملك خوان كارلوس أعطى تنزيلا وتأويلا ديمقراطيا للدستور،وهذا ما نأمل أن يسيرعلى منواله الدستورالمغربي بإعطاء صلاحية واسعة للوزيرالأول وهذا شرط من شروط الوصول إلى الملكية البرلمانية. وتساءل عبد الكريم مادون هل ما تحقق اليوم من تراكمات ومكتسبات يمكن أن يحقق مغربا ديمقراطيا فكرا وممارسة وقناعة فردية وجماعية؟ومبرر طرحه لهذا السؤال هو أنه يلاحظ ممارسات تتنافى مع روح الدستورالجديد ومع الديمقراطية الحقة التي تقتضي وجود تيارات فكرية وسياسية واضحة:تيارات محافظة وأخرى حداثية. في حين يرى عبد الجبار القسطلاني أن التغيير محتوم ولا رجعة فيه،وما يقع اليوم من ممارسات وانحرافات تدل على أننا لم نقطع الواد بعد،وهذا يتطلب نضالا وجهادا قويا لوضع المغرب على سكته الحقيقية،واعتبر 25نونبر لحظة مفصلية لأنه قبلها وقعت تغييرات عديدة حزبية وسياسية،وبعدها تكسرت بعض التحالفات السياسية الجديدة والتقليدية،وعاش المغرب ثورة جديدة, لكن كانت من داخل صناديق الإقتراع. وأضاف أن الرهان الحقيقي للمغرب ليس مرتبطا بالتنمية, بل بترسيخ الديمقراطية كسلوك يومي ودائم في الإدارة والإعلام والشارع،لأن الذي هلك المغرب ونخره هو الفساد الذي تتطلب محاربته انخراطا جماعيا للقضاء عليه،والتأسيس لعقيدة ديمقراطية تمارس يوميا داخل المؤسسات. وشكك رشيد بويبري في الأرقام التي اشتغلت عليها الدولة واعتبرها آلية من آليات المخزن وهذا من الأخطاء الفادحة التي لازال المخزن المغربي يقوم بها لتضليل الرأي العام،ثم تحدث عن علاقة الإستبداد بالفساد لكونهما وجهان لعملة واحدة، فالفساد بالنسبة إليه معروف بالمغرب ولوبياته معروفة وهوجزء من ماهية المخزن الإقتصادي والسياسي الذي يرعى اقتصاد الريع ويرعى الفساد ويتحكم في سوق العقاروالصيد البحري والفلاحة.