تكلف إجراءات التأشيرة المؤدى عنها في مختلف القنصليات الأوربية المواطن المغربي 670 درهما. مبلغ قد يبدو بسيطا بالنسبة للبعض، لكن إذا جلست في «قلب» قنصلية فرنسا بالبيضاء مثلا، ستعرف ما يعنيه هذا الرقم. فهذه القنصلية ، على غرار قنصليات إيطاليا وإسبانيا والبينيلوكس، تستقبل يوميا 120 طلبا رسميا للحصول على التأشيرة لولوج أراضيها. ما يعني أن كل قنصلية تحصل يوميا على ما يزيد عن ثمانية ملايين سنتيم،أي أن كل قنصلية تحصل من جيوب المغاربة عما يزيد عن مليارين سنويا في المدينة التي تتواجد فيها، علما بأن هذه القنصليات تنتشر في الدارالبيضاء، مراكش، أكادير، وجدة ، طنجة وفاس، بالإضافة إلى السفارات في الرباط، ونترك للآلة الحاسبة المجال لتقف على الرقم الذي تحصّله هذه القنصليات. معلوم أن معظم طالبي التأشيرة في المغرب، إما يريدونها من أجل التطبيب أو السياحة أو الدراسة أو العمل، وهو ما يستوجب على طالب التأشيرة التوفر على مكان للسكن والإدلاء بالوثائق التي تثبت ذلك للقنصلية، ما يضطر معه غالبية المواطنين المغاربة لحجز فندق في تلك الدول مؤدى عن إقامته مسبقا، و تتراوح أثمنة هذه الفنادق غالبا ما بين 500 و2000 درهم . بمعنى أن هذه القنصليات ليس فقط همها تحصيل الأموال بالجملة هنا في المغرب، ولكن أيضا تنعش مراكزها الإيوائية (كرها)، بالإضافة إلى فرض تأمين الطيران بمؤسسة واحدة وهي (مونديال أسيسطانس) بقيمة 700 درهم. بمعنى أنه على المواطن المغربي أن يؤدي في تربة بلده وهو مازال لم يضمن السماح له بالمغادرة من طرف القنصلية المعنية، ما لا يقل عن 5000 درهم («إلى تقشف»)، دون الحديث عن الظروف المهينة التي ترافق ، عادة، طوابير الانتظار! في المقابل، لا تفرض خارجيتنا، ولو درهما واحدا على قاطني أوربا، بل نجد أن سائحا أوربيا، تكفيه فقط 3000 درهم، يؤديها لوكالة أسفار، ليأتي إلى هنا وينعم بالإقامة في «خمسة نجوم» لمدة أسبوع، ومعظم الوافدين على المغرب من الأوربيين إما يعملون بشركات دولية هنا، بأرقام خيالية ، أو يأتون في مهام، تدر عليهم المال، دون المرور على قنصلياتنا هناك أو سفاراتنا لأداء ولو« ستين ريال» ! مفارقة غريبة وعجيبة، أن نجد قنصليات رأسمالها بحجم رأسمال كبريات الشركات وأخرى لا يطرق بابها أحد!