البحث الذي أجرته ونشرته إعلاميا المندوبية السامية للتخطيط حول الجمعيات بالمغرب والذي تضمن في مجمله مؤشرات ومعطيات بعضها عام وعادي بالنسبة الذين يواكبون ويحملون هم العمل الجمعوي وصادم بالنسبة للذين تعودوا أن يعايشوا الجمعيات المخملية التي تطلق أنشطتها من الصالونات أو تقتاتوا على الشراكات المؤدى عنها والمحدودة في الآجال والقيمة والنتائج المرتقبة ، ونفس البحث أثار داخل بعض المنابر الجمعوية المتابعة تساؤلات تركزت في مجملها على طبيعة العينة المنتقاة وتنوعها من حيث نشاطها وتجذرها في النسيج المجتمعي والسقف المرسوم لكمية الأجوبة وحمولتها ودلالاتها ، وبالتالي الخدمة أوالصدى ( الجدوى ) الذي يمكن أن يضيفه البحث ويحدث هزة أو صفعة ، خاصة وأن الجمعيات الوطنية الملتصقة بالشعب والقريبة من نبضه لم تسمع بالبحث أو تشارك فيه ، والنموذج من الجمعيات المشكلة للجامعة الوطنية للتخييم ، الأكبر انتشارا والأكثر نشاطا والأقدم حضورا وتنظيما (40 تنظيما وطنيا يدير حوالي 1500 فرعا قائما ويغطي قرابة نصف مليون مستفيذ سنويا من ضمنهم 200ألف طفل بالمخيمات و25 ألف شاب ويافع بالجامعات التنشيطية والمعرفية وأكثر من 5000 آلف شاب يتم تكوينهم سنويا و 30 ألف مؤطر ومنشط يتحرك على مدار السنة ) وهذه المكونات التي ترجع نشأتها إلى الأربعينيات والخمسينات وحملت طيلة هذه العقود الهم التربوي وحافظت على القيم والتطوع ، وواجهت الصعاب والقهر والإقصاء، وهي نفسها وما يلتحق بها لازالت تبدع وتعطي وتضحي، فكرها ومؤهلاتها مع التطوع ولا غيره. في تصوري أن البحث جمع كل الجمعيات في سلة واحدة، ولم يركز على الخصوصية، وبالتالي لم يخاطب الواقع المنظور، وقد يكون استأنس بالإحصائيات المكتبية الجاهزة على صعيد الكم أو المشكلة للتشبيك خاصة (التنموي) أو الذي حملته وأنتجته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والجماعات المنتخبة الترابية ، رغم أن البحث قدم صورا نتقاطع معها من حيث ضعف البنية التنظيمية والتأطيرية ومحدودية سقف المنخرطين وتمويل المشاريع والبرامج وغياب رؤى في الأفق ، وفي السياق ذاته قدم أغلفة وأرقاما على الأقل لم نسمع عنها، ربما الرياضية نموذجا أو جمعيات غارقة في المنفعة العامة ، وصاحبة البرامج التحسيسية الكبرى يختلط فيها الوطني بالدولي وتبقى النتائج المرتقبة معلقة إلى حين ؟. نحن في الصف الجمعوي الوطني الديمقراطي والحداثي قد نتوافق مع خلاصات البحث في قراءاته العامة أن هناك جمعيات تعمل بدون «فلوس» وانتشارها بالآلاف لا تؤكده برامج ومشاريع على الأرض ، وأن البعض المستفيد (النخبوي) غائب عن المشهد أو الساحة .إلا أن الصورة الحقيقية التي كان على بحث المندوبية السامية للتخطيط الاشتغال عليه هو القيمة التطوعية للتنظيمات الجمعوية ، من حيث الآثار والعلاقة والحمولة والقبول والشرعية مع المجتمع صاحب الحكم وهل الثقافة الجمعوية التي نشرتها الحركة الوطنية بدءا من العقود الأولى للألفية الثانية ، هل لازالت قائمة أو أن عوامل خارجية وداخلية ناهضتها ودفعتها إلى التراجع ، وما هي الآثار السلبية التي قد تؤثر على المسار الجمعوي حاضرا ومستقبلا، على اعتبار أن الخدمة التطوعية في شموليتها قيمة إنسانية كونية لها أصول داخل النسيج الاجتماعي والمجتمعي، وليست طرفا أو شيئا آخر. وعلى مستوى الأرقام والإحصائيات، إذا ما استثنينا بحث المندوبية السامية للتخطيط الأخير حول الجمعيات، لم تصدر قبل ذلك إحصائيات دقيقة ومفصلة عن الجمعيات بالمغرب من مؤسسات متخصصة يعتد بها، إلا أن دراسات واحصائيات جزئية (بعض الوزارات والمؤسسات ) نشرت على نطاق محدود (كتب،دوريات) ، يمكن قراءتها على النحو التالي ، حصيلة الجمعيات بالمغرب قد يصل إلى 48 ألف منتشرة محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا ، إذ أفادت دراسات وأبحاث (د. الرشايمي سوسيولوجية المنظمات غ الحكومية 2007) أن مصدر الأمانة العامة للحكومة يفيد بوجود 40 ألف جمعية بالمغرب إلى غاية انتهاء الألفية الثانية ، وأن العقود الأربعة الموالية بدءا من 1998 انتسمت بالتكاثر والانتشار ، إذ بلغ معدل الجمعيات خلال كل العشر سنوات 58/68 -250 و255 في السنة و21.3 في الشهر و0.7 في اليوم ، واستمرت هذه الوثيرة إلى 1998 إلى العقد الأول من الألفية الثالثة 17000 في 10 سنوات و1700 في السنة و141.7 في الشهر و4.7 في اليوم ، في حين أفاد دليل للجمعيات المشتغلة بقطاع الطفولة والشباب أصدرته الشبيبة والرياضة 1998 أن هناك 42 جمعية وطنية لها 1252 فرعا وتسجيل 3.750 جمعية محلية، وأعادت نفس الوزارة لتبشر في 2009 إحصائيات تفيد بوجود48 جمعية وطنية و7590 جمعيات محلية أغلبها تشتغل على أنشطة تربوية وثقافية واجتماعية وتنموية وحاضرة على الساحة من خلال دور الشباب ونوادي جمعوية ومؤسسات اجتماعية وثقافية وأبرز برامجها شراكات تنموية والمخيمات وجامعات شبابية وتداريب تكوينية وتأهيلية وأنشطة كشفية وتطوعية . ومن المعلوم أن الجمعيات بالمغرب موزعة من حيث شراكاتها وارتباطاتها مع وزارة الشباب والتنمية الاجتماعية والثقافة والجماعات ، وبذلك يصعب تقديم خلاصات دقيقة لحالة الجسم الجمعوي بالمغرب، وكان مطلوبا على الأقل الاشتغال على مقاربة أكثر مهنية تسمح بابراز الخصوصية الجمعوية الوطنية وبنيتها من حيث الهوية والمرافعة ومقاربة النوع والأجناس الجمعوية/تربوية/ثقافية/اجتماعية/ابداعية/تراثية/رياضية/تنموية/ تعاونية/علمية/مما يساعد تكوين خلاصة عن هذا النسيج وعلاقته بالتنمية المستدامة في شموليتها وفلسفتها ،لأن الرأي العام في حاجة الى تلمس الأشياء من داخله وتفاصيلها ، خاصة وأن العمل عن قرب وبالتطوع ونكران الذات ونشر المعرفة والتسامح ، هي القيم والثوابت التي يجب التركيز عليها ، إذا كنا نريد بحثا مرجعيا بكل المواصفات والمرجعيات . في تجميع للمعطيات الإحصائية ندرج ما يلي : - معلومة لوزارة الاقتصاد والمالية (فبراير2002)، أفادت أن هناك حوالي 20 الف جمعية ممنوحة في عدة مجالات ، وأنه في سنة 2001 بلغت الاعتمادات المرصودة أزيد من 260 م. د يضاف إليها 45 م. د لجمعيات الأعمال الاجتماعية . - عرفت شبكة الجمعيات تطورا ملموسا، خاصا العاملة بقطاع الطفولة والشباب ، ارتفع سنة 1998 من 42 منظمة وطنية بفروعها 1232و 3750 جمعية محلية، وانتقل خلال العشرية الأولى من الألفية الثالثة من 7590 إلى 8441 جمعية ، إلا أن وزارة الشباب قامت برصد 1203 جمعية محلية في وضعية قانونية إضافة إلى 68 تنظيما وطنيا لها 706 فرعا . - قالت وزارة الشباب أنها رصدت للجمعيات الوطنية مبلغ 331 ألف درهم و625 ألف درهم لشبيبات الأحزاب برسم 2012 حسب الشراكات الموقعة إلا أن المفارقة أن الجمعيات المحلية استفادة والجمعيات الوطنية لازالت معلقة بين وزارتي الشباب والمالية بما في ذلك الجمعيات الثمانية التي تحفظت الداخلية على منحها في 2009 تم عادت لرفع يدها . - إلى ذلك تبقى الجمعيات التي قدرت في 2007 ب 44.414 الى 48 ألف إلى 51.637 جمعية في حاجة إلى تأهيل وتنظيم ومخاطب وحيد لرد الاعتبار حتى لا تبقى تائهة بين قطاعات الشباب والرياضة والتنمية الاجتماعية والصحة والثقافة والاقتصاد الاجتماعية والتنمية البشرية والسكنى والصناعة التقليدية، إلى درجة أن لا أحدا في مقدوره حصر منجزات هذه الجمعيات وتقييمها وفي ذلك ضياع للجهد المالي والبشري والزمني، وقد نتفق في الخلاصة أن أكثر من 80 في المائة من الجمعيات بالمغرب تسير بالبركة وبفعل الحسن التطوعي؟.