نبهت فاطمة بلمودن إلى التشويش المستمر الذي تقوده جهات معينة على الاتحاد حتى وهو يخرج إلى المعارضة ، التي لم تكفها سنوات الحرب المباشرة على الحزب منذ تحمله مسؤولية التناوب التوافقي. وتابعت عضو المكتب السياسي تحليلها أمام مناضلي و عاطفي الاتحاد بخميس الزمامرة في نشاط نظمه مكتب الفرع هناك، تخليدا للذكرى 36 لاغتيال عمر بن جلون.. أن جزءا من الصحافة التي تطلق على نفسها «مستقلة» مصرة أن تضع نفسها رهن إشارة الجهات التي لا تريد للاتحاد الاشتراكي أن يلعب أدواره الوطنية المعهودة فيه ، ل «استعمالات سياسية» باتت مفضوحة . الوضع السياسي اقتطع جزءا كبيرا من القراءة التحليلية التي حاولت وضعها بلمودن أمام القاعة ، القرار الحزبي الرصين و المفكر فيه لترك الشأن العام والحكومة بعدما قرر جزء كبير من المغاربة وضع الاتحاد في مكان يقول مباشرة بالخروج إلى المعارضة .. التي لن تكون بالضرورة معارضة منبرية مكتفية بدواليب المؤسسات التشريعية .. بل ستكون معارضة ذات طبيعة استراتيجية تعيد المعنى للسياسة ولسلوك الفاعل الحزبي في المغرب - تواصل فاطمة بلمودن - . وعلى هذا الأساس، فالاتحاد الاشتراكي له وعي كامل بأهمية المرحلة التي يعيشها المغرب، وضرورة الحرص على التنزيل الديمقراطي والتأويل التقدمي لدستور فاتح يوليوز ، بما يسمح به من تدبير جيد وديمقراطي لعمل المؤسسات الدستورية، ومواصلة تعميق الخيار الديمقراطي، بشكل يطور الإصلاح من داخل الاستقرار. عضو المكتب السياسي لم يفتها التذكير بأن المعركة ما زالت طويلة ضد الفساد ولوبيات المصالح، واقتصاد الريع واحتكار مداخل الثروة الوطنية ، بما لا يسمح بانسياب الإصلاحات السياسية .. مادام العمق الاقتصادي لايزال محاصرا ومؤطرا بعقلية وطريقة اشتغال ريعية . بلمودن لدى حديثها عن المشهد السياسي والحزبي، توقفت عند ضرورة عقلنة الحياة الحزبية تحت مؤدى فرز واضح لأقطاب سياسية بعمق إيديولوجي وفكري واضح، يسمح بإعطاء التوصيفات السياسية معناها الحقيقي.. اليسار يسار، اليمين يمين، والليبرالية ليبرالية .كما أن تجميع اليسار وتوحيده مهمة لا فكاك منها إذا نحن أردنا حماية المشروع الديمقراطي والتقدمي الذي ناضلنا لعقود من أجل تثبيت أركانه. الجسم التنظيمي والآلة التنظيمية في علاقتها بالمعطى السياسي الوطني كانت حاضرة أيضا في كلمة بلمودن، التي ناشدت فيها المناضلين بضرورة تجاوز مثبطات الاشتغال التنظيم القديم، و»العمل على ترسيخ اجتهادات محمودة تعيد للاتحاد مكانته في النسيج المجتمعي، وتعلي صوته السياسي وتقطع مع ترهله التنظيمي الذي يعيشه بفعل ما نعرفه جميعا ولا داعي للدخول في التفاصيل .. فذكرى عمر وتاريخه ومساره ونظافته وإصراره النضالي ونكران الذات هي صفات مناضل يمكن الاقتداء والاهتداء بها في هذه المرحلة الانتقالية التي يعيشها الاتحاديون، سواء في السياسة أو في الذات ..» تختم فاطمة بلمودن. مسعود أبو زيد الكاتب الإقليمي الذي أدار هذا اللقاء الإشعاعي لم تخرج كلمته التوجيهية التي سردها على مسامع الحضور، عن المعارك التي تنتظر الحزب وهو يختار موقعا جديدا للعمل السياسي، وعن أهمية التنظيم ودور الاتحاديين كمناضلين أصفياء في ترسيخ انتقال ديمقراطي حقيقي، وحماية المؤسسات الديمقراطية من خطر التراجعات التي يمكن أن تحدث، خاصة وأن استحضار مؤشرات هذا الخطر ، تتبدى لدى كل نقاش أو حوار وطني حول قضية من القضايا الطارئة . هو لقاء إذن اختلطت فيه المشاعر الجياشة ، بالنوستالجيا والراهن السياسي في مغرب اليوم .. ذكرى عمر بن جلون شهيد الصحافة الاتحادية وأحد منظري حزب القوات الشعبية في سبعينيات القرن الماضي مع أفذاذ من مناضلين قل نظيرهم .. ما أحوجنا لنضال عمر وللأخلاق السياسية لعبد الرحيم بوعبيد ووضوح الرؤية عند المهدي بن بركة . هكذا وجد المناضلون بخميس الزمامرة أنفسهم في سياق نشاط حزبي يوثق لذكرى عزيزة على القلب، لا يزال الاتحاديون يحيونها كل سنة بعيدا عن أي اصطفاف أو تموقع سياسي كما حاول أن يوحي بذلك البعض . النشاط الحزبي الذي نظمه مكتب فرع الحزب بالزمامرة ألقيت فيه قصيدة كتبها المرحوم محمد الوديع الآسفي، شاعر الألم والجرح والطبقات الكادحة كما وصفه مصطفى عبدو في تلويحه بأبيات القصيدة التي دبجها الوديع و جعل «الإدانة الحمراء» عنوانها في إشارة واضحة للحظة القتل الهمجي الذي تعرض له بن جلون.. في قول عبدو المناضل الدكالي رويا عن الوديع. يد القدر تزرع الشر والإثم وتحصد من أبنائها البطل الشهم هو الغدر طبع في اللئام يقودهم إلى الشر في خبث يريدون بنا هدما ألقيت هاته الأشعار التي تفتقت عنها قريحة الشاعر المرحوم إبان فجيعة ضياع عمر، وسط النشيد الحزبي الذي هز قاعة دار الشباب و أعادنا إلى سالف الجمال الحزبي والعمق النضالي الذي ميز أنشطتنا، وحزب القوات الشعبية .. اللهم لا حسد...