على بعد أيام من بداية السنة المالية الجديدة، لايزال مجلس مدينة طنجة لم يصادق بعد على مشروع ميزانية 2012، ذلك أنه فشل أول أمس الخميس في عقد الشوط الثاني من دورة أكتوبر بعد أن حضر 10 مستشارين من أصل 85، علما بأن الدعوة الثانية كانت تشترط فقط حضور ثلث الأعضاء لاستكمال النصاب القانوني، على اعتبار أن مجلس مدينة طنجة سبق له أن أخفق في عقد دورته العادية التي كان يفترض أن تلتئم يوم 31 اكتوبر الماضي لعدم اكتمال النصاب. ويطرح الغياب الجماعي لمعظم أعضاء مجلس المدينة، الكثير من التساؤلات حول الخلفيات المتحكمة في قرار مقاطعة أشغال هاته الدورة، التي كان يفترض أن يجيز خلالها المجلس مشروع الميزانية للسنة المالية المقبلة، وبالتالي فمجلس المدينة سيجد نفسه مجبرا على صرف ميزانية التسيير الخاصة ب 2012 استنادا إلى ميزانية السنة الماضية. مصادر متطابقة أكدت في تصريحها للجريدة أن السياق السياسي الوطني الذي تنعقد فيه الدورة دفع المكونات الرئيسية للمجلس، في ما يشبه تواطؤا غير معلن، إلى تأجيل الدورة حتى تكتمل الصورة، خاصة وأن تشكيل الحكومة من شأنه أن يعيد خلط أوراق التقاطبات والتحالفات داخل المجلس. من جهة أخرى تضيف ذات المصادر أن المجلس يعيش أسابيعه الأخيرة اعتبارا لكون الانتخابات الجماعية يرتقب أن تنعقد في بحر سنة 2012، وبالتالي فالرهانات الانتخابية للمكونات السياسية الكبرى بالمجلس تدفعها إلى فرض نوع من التجميد(الستاتيكو)على اعتبار أن هاته الوضعية هي في صالح الجميع، ما دام أن المصادقة أو عدمها على مشروع الميزانية لن تغير من واقع الأشياء، فالسير العادي والروتيني لمؤسسات المجلس لن يتأثر. عامل آخر لا يجب استبعاده حين استجلاء الأسباب الكامنة وراء مقاطعة الدورة، تؤكد مصادرنا، ويرتبط بالرسائل المشفرة التي وجهها عمدة المدينة، فؤاد العماري، لنوابه بقرب انتهاء مدة التفويض الممنوح لهم خلال الأيام القليلة المقبلة، وهو ما فسره البعض بتهديد مبطن أراد منه العمدة سحب البساط من نوابه، خاصة في هاته الظرفية الحساسة، بغية إعادة ترتيب أوراقه الانتخابية، إن هم لم ينضبطوا لتحالف الأغلبية التي يقود المجلس المكون أساسا من البام، الأحرار والاتحاد الدستوري، وهو التهديد الذي قابله نواب العمدة بإعلان تمردهم واستعدادهم لخلط أوراق التحالفات رأسا على عقب مع ما سيترتب عن ذلك من إعادة لترتيب التقاطبات خلال الانتخابات الجماعية المقبلة ، مما يوحي بانخراط المجلس في جو من الصراعات والشد والجذب عوض الانكباب على حل مشاكل المدينة التي تزداد استفحالا يوما بعد آخر، بدءا من النقل الحضري مرورا بالنظافة وانتهاء بأمانديس المفوض لها تدبير الماء والكهرباء.