في ج نازة مهيبة، ووري جثمان المرحوم السي محمد الرايس، يوم الخميس فاتح دجنبر 2011 بمقبرة مولاي مليانة.. ودعنا السي محمد الرايس، المعلمة الرياضية والأبية بمكناس، وفي قلبه أكثر من غصة ومرارة.. ولذلك شاءت حكمة الله، أن يودع هذه الدنيا بمقهى «الكورنير» ملتقى الرياضيين، وهو يحتسي قهوته الصباحية ويتنقل بين صفحات الجرائد.. وكأنه بهذا الموت يرسل رسالة لكل الرياضيين، من مختلف الألعاب والأعمار والتخصصات. مفادها أنني «كنت المسؤول النزيه بقسم التعمير بجماعة مكناس في حقبة السبعينيات. وأنا المدرب الذي تفانى في تربية أجيال على حب الرياضة والابتعاد عن دروب الانحراف. ودربت كبريات فرق كرة السلة المغربية. وحزت ألقابا مشرفة. وحملت قميص الفريق الوطني المغربي لذات الرياضة كمدرب. أنا الذي كنت ذلك بكل تواضع، لكن بكل فخر أيضا واعتزاز. ها أنذا أغادر الحياة أمامكم مهملا، فقيرا، لا أكاد أجد في اليوم واليومين ماأسد به رمق جوعي وجوع عيالي». غادرنا الأخ السي محمد الرايس، وأبناؤه عرضة للضياع والتشرد، وهم التلاميذ/ الشعلة الذين لم تكن نقطهم في العلوم والرياضيات تنزل عن 17 نقطة. ولكنه العوز وقلة ذات يد أب أبي شامخ معتز بنفسه، لم يرد بيع نفسه لمن يتحكم بغير علم ولا كفاءة، هي التي سرعت بدفع الأبناء إلى شارع التيهان والضياع.. مات السي محمد الرايس مريضا لايقوى على النطق بسبب عملية في الحلق، وثقب في القصبة، وهي العملية التي دفعت الصديق والرياضي ابن كرة القدم وكرة السلة،الأخ حافيضي إلى قضاء ليلته يجوب المستشفيات من أجل إجرائها، فكانت أريحية الطبيب عبد الرحمان صدقي الذي أيقظناه ليجري العملية في جوف الليل، وهي العملية التي ساهمت بقدرة الخالق في زيادة عمر السي محمد. لكنها ساهمت أيضا في زيادة تأكده من غدر الخلان والزمان. بل حتى تلك القطع الأرضية المائة، التي وزع البعض منها على الرياضيين، و«هرف» على البعض الآخر، والتي حاز المرحوم إحداها بعد لأي ورغيب، تم استغلال عوزه واحتياجه فسلبت منه بأبخس الأثمان. ولو كانت هناك مروءة لتم التكفل ببنائها جزاء على ما أسدى من خدمات، ولوجد أبناؤه اليوم بعد رحيله مأوى يحتضنهم. ولكنه الجشع. ويكون الموت. وتكون الجنازة. ويزدحم المشيعون لاحتلال الصفوف الأمامية، عسى أن تلتقطهم عدسات الكاميرات وهم يشهدون على دفن كفاءة لم تعط حقها في الحياة، ولتصبح وسيلة تباه في الممات.