شلل تام، يسود الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، منذ أزيد من شهر جراء صدور قانون جديد بالجريدة الرسمية يمنع التقنيين الطبوغرافيين من مباشرة مهام تحديد الملكية. وأفادت مصادر من داخل الوكالة الوطنية أن آلاف الملفات على الصعيد الوطني وضعت جانبا دون اتخاذ أي إجراء إداري في ظل رفض التقنيين الطبوغرافيين خرق نصوص القانون الجديد الذي يعرضهم إلى إجراءات قانونية تهدد مستقبلهم المهني والأسري. ووجد التقنيون الطبوغرافيون بالوكالة الوطنية أنفسهم في موقف حرج، إذ منعهم القانون الجديد من مباشرة عدة مهام، من بينها ممارسة عمليات تحديد الأملاك، بما فيها الرسوم العقارية والمطالب، بصفتهم مندوبين عن المحافظين على الأملاك العقارية. فطبقا للقانون الجديد، لم تعد تتوفر في التقنيين صفة مباشرة هذه المهام التي أوكلت إلى »مهندس مساح طبوغرافي محلف ومقيد في جدول الهيأة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين«، حسب ما تنص عليه الفقرة الأولى من الفصل 19 من القانون الجديد. وأضافت المصادر نفسها أن إدارة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية وجدت نفسها ممنوعة من حق كان قد أوكله المشرع الى التقنيين المساحين ، إذ شُلت علميات تحفيظ الأملاك العقارية، خصوصا في ظل الخصاص الكبير في فئة المهندسين الذين غادر عدد كبير منهم الوكالة في اتجاه القطاع الخاص ، في حين رفض التقنيون القيام بالعمل الذي اعتادوا القيام به خاصة وأن ذلك يدخل في خانة المجازفة بمستقبلهم المهني، وأصبح إنجاز المهام يعرضهم للمتابعة القضائية طبقا للفصلين 380 و381 من القانون الجنائي وذلك بانتحالهم صفة مهندس مساح طبوغرافي محلف . وأمام هذا الخصاص أصبحت مرافق الوكالة العقارية عاجزة عن إنجاز طلبات المواطنين، سيما أن فترة صدور القانون في الجريدة الرسمية تزامنت مع الحملة التي أطلقتها الوكالة الوطنية التي تدعو إلى تعميم عملية تحفيظ الأملاك، مشيرة، حيث يتجاوز عدد الملفات العالقة، إلى حد الآن الآلاف. الى ذلك اعتبرت اللجنة الوطنية للتقنيين الطبوغرافيين القانون الجديد »إجحافا غير مبرر في حق هذه الفئة، إذ أنه منذ صدور قانون التحفيظ العقاري سنة 1913 أنيط بهم القيام بعمليات التحديد الطبوغرافية مثل المهندسين«، مشيرة إلى أن القانون الجديد »لا يأخذ بعين الاعتبار الواقع المعيش داخل الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية التي بدون التقنيين الطبوغرافيين لن تستطيع النهوض بمهام التحديد وغيرها«. وحمل التقنيون مسؤولية »الضرر الذي لحق بمصالح المواطنين إلى الإدارة من خلال »غض الطرف عما تضمنهالقانون الجديد من حيف وإقصاء سينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني«، ودعوا إلى التدخل الفوري لإنصاف المواطنين، علما بأن التقنيين اعتادوا القيام بهذه المهام بشكل طبيعي منذ سنوات طويلة. وفي السياق ذاته، كشفت مصادر أخرى أن الإدارة انتبهت، بداية الأسبوع الماضي إلى حالة الركود التي تشهدها المحافظات العقارية، منذ صدور القانون الجديد، فلجأت إلى تعميم مذكرة داخلية تحث رئيس مصلحة المسح العقاري على منح تفويض مكتوب إلى التقني لمباشرة المهام التي يمنعها القانون نفسه.