على هامش أعمال المؤتمر الوطني الرابع الذي نظمته الهيأة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين بالمغرب، المنظم بالرباط آخر الشهر الماضي، التقت >التجديد< بالكاتب العام للمجلس الوطني للهيأة ومدير المؤتمر محمد التريد، وهو بالمناسبة أستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، فكان هذا الحوار حول مجريات المؤتمر وقضايا تهم المهنة ودور العقار في التنمية بالمغرب والمشاكل المرتبطة به: ما الذي استهدفتموه من عقد مؤتمركم الرابع؟ عقد مؤتمرنا الرابع يدخل في نطاق البرنامج العلمي والدوري الذي تنظمه الهيأة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، وهي أنشطة تنظم كل سنة بالتناوب فيما بين يوم دراسي يهم المهنة بشكل دقيق في سنة، يليها في السنة الموالية مؤتمر وطني يتم التطرق خلاله إلى بعض المشاكل والاهتمامات التي تشغل المواطن بشكل عام وتدخل ضمن سياسة الحكومة المتعلقة بالتنمية. ويأتي المؤتمر الرابع في هذا السياق، إذ يتطرق إلى مشكل العقار بصيغة عامة وأثره على التنمية، ومن بين المحاور التي تدارسها المؤتمر مشكل العقار وأنظمة الملكية العقارية في المغرب، وأثرها على التنمية وقد ارتأينا أن نتطرق إلى هذا المحور بالبحث لما له من بعض التداعيات السلبية على التنمية بشكل عام في بلادنا، ومن بين المشاكل هناك تعثر تعبئة الملك أو العقار من أجل المشاريع الكبرى وتصاميم التهيئة. ثم إن هناك كذلك تعثر في التوصل بالمعلومة حول العقار نظراً لأن نظام التحفيظ العقاري ليس عاماً أو شاملاً في المغرب، ومن بين الحلول لهذه المشاكل التفكير في إيجاد برنامج لتعميم التحفيظ العقاري، أو تعميم جرد الممتلكات في جميع أنحاء المغرب، بواسطة مسح وطني شامل للأملاك العقارية حتى يمكننا بناء بنك معطيات حول العقار لتسهيل الاستثمار. هل تمارس الهيأة سلطة على أعضائها في حالة اقترافهم تجاوزات أو تصرفات تتعارض وأخلاقيات المهنة؟ وهل هي مؤسسة عامة أم تنظيم غير حكومي؟ الهيأة مؤسسة حكومية أنشئت بمقتضى قانون 30 / 93 وهي تضم المساحين الطبوغرافيين من القطاعين العام والخاص، وتتكون من ثلاثة مجالس: مجلس وطني ومجلسين جهويين. ويتلخص دورها في منح رخص مزاولة المهنة وتأطير المهندسين من ناحية التكوين المستمر، وإبداء الرأي والمشورة في القوانين ومشاريع القوانين التي تمس المهنة بصفة مباشرة أو غير مباشرة. كما تسهر كذلك على ضبط الأخلاقيات في مزاولة المهنة إذ تتلقى الشكايات، وتبت فيما يظهر من المخالفات التي تمس أخلاقيات المهنة، وباختصار فإن الهيأة مسؤولة عن تنمية ومراقبة الضوابط المهنية والأخلاقية وتطوير الكفاءة المهنية والتفاعل مع الوكالات الحكومية لتطوير أفضل الظروف لتقديم الخدمات المسحية. ما هو الدور الذي تؤديه عملية المسح الطبوغرافي في التنمية الاقتصادية بخلاف الدعم التقني لأعمال التهيئة والمحافظة العقارية؟ تضطلع الهندسة المساحية الطبوغرافية دوراً أساسياً في جميع مشاريع التنمية الاقتصادية والعمرانية، خاصة مشروعات البنيات الأساسية في كل من الوسطين الحضري والقروي، ويسبق دورها دور باقي المتدخلين الآخرين من حيث تحديد الملك، وخلوه من المنازعات، وإعداد تصاميم التهيئة التي يعتمد عليها المتدخلون الباقون، والمهندس الطبوغرافي هو كذلك المتخصص في إنجاز الخرائط من مختلف القياسات، وإذ يتدخل في (موقعة) اتخاذ مواقع البنيات التحتية بعد تصميمها بواسطة المتخصصين فإنه أيضا يراقب استقرارها وسلامة تنفيذها. بعد أن أضحت للصور الجوية والفضائية أهمية كبيرة في رسم الخرائط الطبيعية وإعداد الميزانيات الشبكية والطولية في المساحات الكبيرة واللازمة لتنمية المناطق النائية والمهمشة والجبلية وتعميرها، وتحسين مردودية الموارد الطبيعية وغير ذلك، ما هو مدى استفادة المغرب منها وتوفره على إمكانات الحصول عليها؟ الصور الجوية والفضائية هي تقنية حديثة، ويتم في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة حاليا تكوين المهندسين الطبوغرافيين تكويناً صلباً على استغلال الصور الجوية والفضائية لتصميم الخرائط الطبوغرافية. كما يوجد بالمغرب شركات تتوفر على طائرات مجهزة لالتقاط الصور الجوية لاستغلالها في هذا الشأن لحساب الدولة أو شركات استثمار كبرى. أما من ناحية التغطية بالخرائط الطبوغرافية فيمكن اعتبار أنه تمت تغطية المغرب بأكمله بها، إلا أنه يجب ملاحظة أنها تنقسم إلى عدة أقسام تبعاً لمقياس الرسم فيها، حيث إن بعض القياسات لا تغطي سوى المناطق التي تعرف تنمية كبيرة. أسهم مؤتمر مراكش العام الماضي الذي نظمته الفيدرالية الدولية للمساحين بالتنسيق معكم وبالتعاون مع خمس منظمات دولية في ترسيخ مفهوم الترابط بين التنمية الحضرية والقروية، ولو من الناحية النظرية، على نحو ما ورد في إعلان مراكش الصادر عنه، فهل يتضمن إعلان الرباط الصادر عن مؤتمركم الأخير إرساء مفهوم جديد أو قيمة مضافة في ثقافة التنمية؟ يعتبر مؤتمرنا الرابع ناجحاً إذا ما تمكن من إرساء مفهوم التدبير العقاري، الذي يعد أساسياً في تنمية مناطق جديدة في المملكة لم يتم استثمار إمكاناتها ومؤهلاتها ومواردها استثماراً كاملاً بعد، وقد اهتم مؤتمرنا في هذا الشأن بالانفتاح على محيطنا الدولي لتبادل المعرفة والخبرات بهذا الصدد.