هناك عوامل كثيرة، داخلية وخارجية، موضوعية وذاتية، جعلت حزب العدالة والتنمية يحقق النتائج التي حققها في العديد من المدن المغربية، ومنها المحمدية حيث فاز بمقعدين ليؤول المقعد الثالث من بين المقاعد الثلاثة المخصصة لتراب عمالة المحمدية، لمرشح « التراكتور» الذي كانت له أساليبه الخاصة لحصد أصوات فئة كبيرة، معوزة من المواطنين، وكل أملنا بعد ما فاز» التراكتور» هو أن نراه يوما ما وهو يناقش مشروع قانون أو يعارض مقترحا حكوميا. جاء بعد مرشح « التراكتور»، عبد الحميد اجماهري، مرشح الاتحاد الاشتراكي الذي خاض التجربة الانتخابية للمرة الأولى في حياته؛ إلا أنه حقق مكتسبات نتمنى أن يلتقطها القيمون على الحزب، إقليميا ومركزيا: + أضاع حزب الوردة مدينة المحمدية التي كانت واحدة من قلاعه العتيدة، وأصبح هناك عدد كبير من أبنائها الغاضبين والذين لم تستقطبهم أية أحزاب أخرى؛ وقد فتح عبد الحميد اجماهري حوارات مع هؤلاء جعلت العديدين منهم يخوضون معه حملته الانتخابية، ما يعني أن المطلوب اليوم استيعاب الدرس، وفتح حوار مع الغاضبين والعازفين والاستماع إلى أصواتهم مهما كانت قاسية وجارحة لأن وراءها حبا كبيرا لحزب المهدي وعمر وعبد الرحيم وعبد الرحمان، ونقمة كبيرة على الفاسدين ... + قبل انطلاق الحملة الانتخابية، وقعت فعاليات ثقافية ورياضية وفنية من المدينة، نداء ضد الفساد والمفسدين، ويوم 23 نونبر أعلن الموقعون مساندتهم الصريحة واللامشروطة لمرشح الاتحاد الاشتراكي، مقررين في الوقت ذاته خلق إطار دائم للمراقبة والتتبع وتقديم الاقتراحات للمنتخبين؛ وهذا مكسب جديد لم يتحقق طوال حملات الاتحاد الانتخابية؛ وهو أمر إيجابي ينبغي استثماره والتعامل معه بكل شفافية ووضوح إذا كان ما يوحدنا هو حب المدينة وكرامة المواطن. + خلال الحملة الانتخابية، كان اجماهري يصغي بشكل جيد لأصوات المواطنين ويرد عليهم بصراحة كانت تصدمهم أحيانا لصدقها، وهكذا ينبغي التعامل مع المواطنين اليوم، لأن تطور وسائل الاتصال قوى معارفهم، والبليد اليوم هو من يعتقد أنهم يُصدقون كل شيء. إنهم يتظاهرون ثم ينتقمون وقت الحساب، ولنا في مرشح « الحمامة « اليوم خير دليل على ذلك، كما أن لنا أمثلة أخرى من الأمس القريب. هذا جزء من المكتسبات التي حققتها حملة اجماهري، أما كونه لم يحصل على مقعد برلماني فنُرجعه إلى: + حزب العدالة والتنمية أصبحت له قاعدته الواسعة، ولعنصر الدين إسهامه في ذلك، إلا أنه لا ينبغي أن ينسينا الحملة المدروسة لهذا الحزب والانضباط القوي لعناصره. كما أن حث خطباء الجمعة المصلين على المشاركة المكثفة في التصويت، كان له دور مهم، فعلى من سيصوت المصلي الذي اتجه مباشرة من المسجد إلى المعزل؟ + لا يزال للمال فعله القوي والسحري في استمالة أصوات الناخبين، المعوزين، الذين لا يزال همهم الأساسي مواجهة متطلبات اليوم. هذه نقطة استغلها « التراكتور» وكان من الصعب ضبطها بما أنه مسموح بتشغيل أناس للدعاية أيام الحملة بأجور، فكيف نعرف هل يتسلم المواطن المال لتوزيع الأوراق أو لمنح الأصوات؟ وأي وجود لحزب ليس لديه منخرطون يقومون له بالدعاية؟ هذه الفئة من المرشحين، وصل بها الأمر إلى أن تطلب من الناخبين استعمال الهواتف المحمولة لتصوير الرمز الذي وضعوا فوقه العلامة، والقانون يمنع إدخال الهواتف المحمولة أو آلات التصوير إلى المعازل، لكن أي سلطة لرئيس مكتب أو أحد نوابه للوقوف الفعلي على ذلك؟ هل بإمكانهم تفتيش الناخبين واحدا واحدا؟ + شابت الحملة الانتخابية لعبد الحميد اجماهري أخطاء كان من الممكن، بل من السهل، تجاوزها، وهذا جانب لابد أن تناقشه الأجهزة الاتحادية محليا وإقليميا، على أن لا يكتفي الاتحاديون بفتح هذا النقاش بين بعضهم البعض، بل أن يوسعوه ليشمل كل الفعاليات التي ساهمت في حملة الوردة بالمحمدية دون استثناء ولا إقصاء.